[ ص: 61 ] فصل ( في عدم صحة من الذنوب ) توبة المصر ، وكيفية التوبة
ولا تصح التوبة من ذنب أصر على مثله . ولا يقال للتائب ظالم ولا مسرف ، ولا تصح من حق الآدمي ، ذكره في المستوعب والشرح وقدمه في الرعاية . وقطع به في الإرشاد وفي الفصول وهو الذي ذكره ابن عقيل النووي في رياض الصالحين عن العلماء ونص عليه أحمد
قال عبد الله : سألت أبي عن فقال أبي : لا بد لهذا الرجل من أن يؤدي الحق وإن مات فهو واجب عليه . رجل اختان من رجل مالا ، ثم أنفقه ، وأتلفه ، ثم إنه ندم على ما فعل وتاب وليس عنده ما يؤدي فهل يكون في ندمه وتوبته ما يرجى له به إن مات على فقره خلاص مما عليه ؟
وقال في رواية محمد بن الحكم فيمن غصب أرضا : لا يكون تائبا حتى يردها على صاحبها ، إن علم شيئا باقيا من السرقة ردها عليه أيضا ، وقال فيمن أخذ من طريق المسلمين : توبته أن يرد ما أخذ . فإن ورثه رجل ، فقال في موضع لا يكون عدلا حتى يرد ما أخذ وقال في موضع : هذا أهون ، ليس هو أخرجه ، وأعجب إلي أن يرده .
وقال في رواية أحمد صالح فيمن وسأله ترك الصلاة صالح توبته أن يصلي ؟ قال : نعم ، وقيل : بلى والله تعالى يعوض المظلوم قاله . ابن عقيل
وقال في الهداية على الصحيح في المذهب وهو قول ومظالم العباد تصح التوبة منها ، ومن مات نادما عليها كان الله عز وجل المجازي للمظلوم عنه كما ورد في الخبر { ابن عباس لا يدخل النار تائب من ذنبه } .
وقال في الرعاية الكبرى فعلى المنع يرد ما أثم به وتاب بسببه ، أو بذله إلى مستحقه أو ينوي ذلك إذا أمكنه وتعذر رده في الحال وأخر ذلك برضاء مستحقه ، وأن يستحل من الغيبة والنميمة ونحوهما قال : [ ص: 62 ] حدثنا ابن أبي الدنيا يحيى بن أيوب حدثنا أسباط عن أبي رجاء الخراساني عن عن عباد بن كثير الحريري عن عن أبي نضرة جابر رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وأبي سعيد } إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ، فإن الرجل قد يزني فيتوب فيتوب الله عز وجل عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه عباد ضعيف وأبو رجاء قال : منكر الحديث ثم ذكر حديثه { العقيلي } . موت الغريب شهادة
وقيل إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه ، وذكر الشيخ تقي الدين أنه قول الأكثرين ، وذكر غير واحد : إن ؟ على روايتين ، واختار تاب من قذف إنسان أو غيبته قبل علمه به هل يشترط لتوبته إعلامه والتحليل منه أنه لا يلزمه لما روى القاضي بإسناده عن أبو محمد الخلال مرفوعا { أنس من اغتاب رجلا ثم استغفر له من بعد غفر له غيبته } وبإسناده عن مرفوعا { أنس كفارة من اغتاب أن يستغفر له } ولأن في إعلامه إدخال غم عليه قال : فلم يجز ذلك وكذا قال القاضي رضي الله عنه : إن الشيخ عبد القادر ما روى كفارة الاغتياب وذكره ، وخبر أنس المذكور ذكره أنس ابن الجوزي في الموضوعات وفيه عنبسة بن عبد الرحمن متروك وذكر مثله من حديث سهل بن سعيد وفيه سلمان بن عمرو كذاب ، ومن حديث وفيه جابر حفص بن عمر الأيلي متروك .
وذكر أيضا حديث في الحدائق وقال : إنه لا يذكر فيها إلا الحديث الصحيح وقال أنس في كتاب بهجة المجالس : قال ابن عبد البر رضي الله عنه : كفارة من اغتبته أن تستغفر له . حذيفة
وقال عبد الله بن المبارك : التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته . فقال لسفيان بن عيينة بل تستغفر مما قلت فيه ، فقال سفيان : : لا تؤذوه مرتين . ابن المبارك
ومثل قول اختاره ابن المبارك في فتاويه . الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشافعي
وقال الشيخ تقي الدين بعد أن ذكر الروايتين في المسألة المذكورة قال : فكل مظلمة في العرض من اغتياب صادق وبهت كاذب فهو في معنى القذف إذ القذف قد يكون صدقا فيكون في المغيب غيبة [ ص: 63 ] وقد يكون كذبا فيكون بهتا ، واختار أصحابنا أنه لا يعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحسانا إليه في مقابلة مظلمته كما روي في الأثر .
وعن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم { } وهذا صحيح المعنى من وجه كذا قال وهذا المعنى في المسند والصحيحين وغيرهم وفيه اشتراط ذلك على ربه وفيه { أيما مسلم شتمته أو لعنته ، أو سببته أو جلدته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقربه إليك يوم القيامة } . وقال إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر حدثنا أحمد عارم حدثنا عن أبيه حدثنا معتمر بن سليمان السميط عن أبي السوار العدوي عن خاله قال : { جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنك داع لا تكسر قرن رعيتك ، فلما صلينا الغداة أو قال أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أناسا يتبعوني وإني لا يعجبني أن يتبعوني ، اللهم فمن ضربت أو سببت فاجعلها له كفارة وأجرا أو قال مغفرة ورحمة } أو كما قال إسناد جيد . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه قال فاتبعته معهم قال ففجأني القوم يسعون وأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني ضربة إما بعسيب أو قضيب أو سواك أو شيء كان فوالله ما أوجعني قال : فبت ليلة قلت ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله عز وجل في ، وحدثتني نفسي أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحت ، فنزل
ولعل مراد الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى إن شاء الله تعالى ما في شرح وغيره أنه أجاب العلماء بوجهين : مسلم
( أحدهما ) المراد ليس بأهل لذلك عند الله عز وجل في باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له النبي صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم الظاهر ، والله تعالى يتولى السرائر .
( والثاني ) : أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامهم بلا نية كقولهم : تربت يمينك وعقرى وحلقى لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف أن يصادف إجابة [ ص: 64 ] فسأل ربه سبحانه ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا ، وإنما كان يقع هذا منه نادرا ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه ، وفي الحديث { دوس فقال : اللهم اهد دوسا وقال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون } . أنهم قالوا ادع على
وقال في الفنون إن المراد عند فورة الغضب لأمر يخصه ، أو لردع يردعه بذلك الكلام عن التجرؤ إلى فعل المعصية لا لعنه في الخمر ; لأنه تشريع في الزجر إلا أن يكون أراد رحمة فإنه يحتمل احتمالا حسنا ; لأن لعنته عند من لعنه غاية في المنع من ارتكاب ما لعنه عليه وتوبته فسمى اللعنة رحمة حيث كانت آيلة إلى الرحمة قال الشيخ ابن عقيل تقي الدين بن تيمية كلامه المتقدم
قال في النهاية في قوله { ابن الأثير } قيل أرب بوزن علم ، ومعناها الدعاء عليه أي : أصيبت آرابه وسقطت وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر كما يقال : تربت يداك وقاتلك الله ، وإنما تذكر في معرض التعجب وفي هذا التعجب من النبي صلى الله عليه وسلم قولان : أحدهما تعجبه من حرص السائل ومزاحمته . والثاني أنه لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه وقد قال في غير هذا الحديث { أن رجلا اعترض النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله فصاح به الناس فقال دعوا الرجل أرب ما له } وقيل معناه احتاج فسأل من أرب الرجل يأرب إذا احتاج . ثم قال " ما له " ؟ أي : أي شيء به وما يريد ؟ اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي له رحمة
( والرواية الثانية ) أرب بوزن جمل أي : حاجة له ، وما زائدة للتقليل أي : له حاجة يسيرة . وقيل : معناه حاجة جاءت به ، فحذف ثم سأل فقال " ما له " . ( والرواية الثالثة ) أرب بوزن كتف ، والأرب الحاذق الكامل أي : هو أرب فحذف المبتدأ ثم سأل فقال " ما له " أي : ما شأنه .
[ ص: 65 ] وهذا أحسن من إعلامه فإن في إعلامه زيادة إيذاء له فإن . ثم قد يكون سبب العدوان على الظالم أولا إذ النفوس لا تقف غالبا عند العدل والإنصاف ، فتبصر هذا ففي إعلامه هذان الفسادان . وفيه مفسدة ثالثة ولو كانت بحق وهو زوال ما بينهما من كمال الألف والمحبة ، أو تجدد القطيعة والبغضة والله تعالى أمر بالجماعة ونهى عن الفرقة . تضرر الإنسان بما علمه من شتمه أبلغ من تضرره بما لا يعلم
وهذه المفسدة قد تعظم في بعض المواضع أكثر من بعض وليس في إعلامه فائدة إلا تمكينه من استيفاء حقه كما لو علم فإن له أن يعاقب إما بالمثل إن أمكن أو بالتعزير أو بالحد وإذا كان في الإيفاء من الجنس مفسدة عدل إلى غير الجنس كما في القذف . وفي الفدية وفي الجراح إذا خيف الحيف ، وهنا قد لا يكون حيف إلا في غير الجنس أما العقوبة أو الأخذ من الحسنات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { } . من كانت عنده مظلمة لأخيه في دم أو مال أو عرض فليأته فليستحله قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار إلا الحسنات والسيئات فإن كان له حسنات أخذ من حسنات صاحبه فأعطيها ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاته فألقيت على صاحبه ثم يلقى في النار
وإذا كان فيعطيه في الدنيا حسنة بدل الحسنة فإن الحسنات يذهبن السيئات فالدعاء له والاستغفار إحسان إليه وكذلك الثناء عليه بدل الذم له وهذا عام فيمن طعن على شخص أو لعنه أو تكلم بما يؤذيه أمرا أو خبرا بطريق الإفتاء أو التحضيض أو غير ذلك فإن أعمال اللسان أعظم من أعمال اليد حيا أو ميتا ، حتى لو كان ذلك بتأويل ، أو شبهة ثم بان له الخطأ فإن كفارة ذلك أن يقابل الإساءة إليه بالإحسان بالشهادة له بما فيه من الخير والشفاعة له بالدعاء فيكون الثناء والدعاء بدل الطعن واللعن ويدخل في هذا أنواع الطعن واللعن الجاري بتأويل سائغ أو غير سائغ كالتكفير والتفسيق ونحو ذلك مما يقع بين المتكلمين في أصول الدين وفروعه كما يقع بين أصناف الفقهاء والصوفية ، وأهل الحديث وغيرهم من أنواع أهل العلم والنهى من كلام بعضهم في بعض تارة بتأويل مجرد ، وتارة بتأويل مشوب بهوى ، وتارة بهوى محض ، بل تخاصم هذا الضرب بالكلام والكتب كتخاصم [ ص: 66 ] غيرهم بالأيدي والسلاح وغيره ، وهو شبيه بقتال أهل العدل والبغي ، والطائفتين الباغيتين ، العادلتين من وجه والباغيتين من وجه .
وهذا باب نافع جدا والحاجة إليه ماسة جدا فعلى هذا لو لم يجب عليه الاعتراف على الصحيح من الروايتين كما تقدم إذ توبته صحت في حق الله تعالى بالندم وفي حق العبد بالإحسان إليه بالاستغفار ونحوه ، وهل يجوز الاعتراف ، أو يستحب ، أو يكره ، أو يحرم ؟ الأشبه أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقد يكون الاعتراف أصفى للقلوب كما يجري بين الأوداء من ذوي الأخلاق الكريمة ، ولما في ذلك من صدق المتكلم ، وقد تكون فيه مفسدة العدوان على الناس أو ركوب كبيرة فلا يجوز الاعتراف قال : وإذا لم يجب عليه الإقرار فليس له أن يكذب بالجحود الصريح ; لأن الكذب الصريح محرم والمباح لإصلاح ذات البين هل هو التعريض أو الصريح ؟ فيه خلاف ، فمن جوز الصريح هناك فهل يجوزه هنا ؟ فيه نظر ولكن يعرض فإن المعاريض مندوحة عن الكذب وهذا هو الذي يروى عن سأل المقذوف والمسبوب لقاذفه هل فعل ذلك أم لا ؟ أنه بلغ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه شيء فأنكر ذلك بالمعاريض وقال : أرقع ديني بعضه ببعض أو كما قال . عثمان
وعلى هذا فإذا استحلف على ذلك جاز له أن يحلف ويعرض ; لأنه مظلوم بالاستحلاف ، فإذا كان قد تاب وصحت توبته لم يبق لذلك عليه حق فلا تجب اليمين عليه ، لكن مع عدم التوبة والإحسان إلى المظلوم وهو باق على عداوته وظلمه فإذا أنكر بالتعريض كان كاذبا فإذا حلف كانت يمينه غموسا .
وقال الشيخ تقي الدين أيضا : سئلت عن نظير هذه المسألة وهو رجل تعرض لامرأة غيره فزنى بها ثم تاب من ذلك وسأله زوجها عن ذلك فأنكر فطلب استحلافه ، فإن حلف على نفي الفعل كانت يمينه غموسا ، وإن لم يحلف قويت التهمة ، وإن أقر جرى عليه وعليها من الشر أمر عظيم ؟ فأفتيته أنه يضم إلى التوبة فيما بينه وبين الله تعالى الإحسان إلى الزوج بالدعاء [ ص: 67 ] والاستغفار ، والصدقة عنه ونحو ذلك مما يكون بإزاء إيذائه له في أهله ، فإن الزنا بها تعلق به حق الله تعالى ، وحق زوجها من جنس حقه في عرضه ، وليس هو مما ينجبر بالمثل كالدماء والأموال ، بل هو من جنس القذف الذي جزاؤه من غير جنسه ، فتكون توبة هذا كتوبة القاذف ، وتعريضه كتعريضه ، وحلفه على التعريض كحلفه . وأما لو ظلمه في دم أو مال فإنه لا بد من إيفاء الحق فإن له بدلا ، وقد نص في الفرق بين توبة القاتل وبين توبة القاذف . أحمد
وهذا الباب ونحوه فيه خلاص عظيم وتفريج كربات للنفوس من آثار المعاصي والمظالم فإن الفقيه كل الفقيه الذي لا يؤيس الناس من رحمة الله عز وجل ، ولا يجرئهم على معاصي الله تعالى . وجميع النفوس لا بد أن تذنب فتعريف النفوس ما يخلصها من الذنوب من التوبة والحسنات الماحيات كالكفارات والعقوبات هو من أعظم فوائد الشريعة انتهى كلامه .
وقال : فإن ابن عقيل في الجملة وهتك فراشه قال بعضهم : احتمل أن لا يصح إحلاله من ذلك ; لأنه مما لا يستباح بإباحته ابتداء فلا يبرأ بإحلاله بعد وقوعه قال كانت المظلمة فساد زوجة جاره أو غيره : وعندي أنه يبرأ بالإحلال بعد وقوعه وينبغي أن يستحله فإنه حق لآدمي فيجوز أن يبرأ بالإحلال بعد وقوع المظلمة ولا يملك إباحتها ابتداء كالدم والقذف ، والدليل على أنه حق له أنه يلاعن زوجته ويفسخ نكاحها لأجل التهمة به وغلبة ذلك على ظنه وإنما يتحالف في حقوق الآدميين انتهى كلامه . ابن عقيل
ولأن الزوج يمنع من وطئها زمن العدة وفي منعه من مقدمات الجماع خلاف وذلك سبب فعل الزاني لا سيما إن كان كرهها فقد ظلمها وظلم الزوج .
وقد روى النسائي وابن ماجه والترمذي وصححه حديث عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وفيه { } . ألا إن لكم على نسائكم حقا ، وإن لنسائكم عليكم حقا ، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن [ ص: 68 ] تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن
وفي الصحيحين من حديث { عبد الله بن مسعود } قال في شرح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الذنب أعظم ؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قيل : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قيل : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك وذلك يتضمن الزنا وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني وهو مع امرأة الجار أشد قبحا وجرما ; لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ، ويطمئن إليه وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه ، فإذا قابل هذا بالزنا بامرأته وأفسدها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن منه غيره كان في غاية من القبح انتهى كلامه . مسلم
وعلى هذا يكون المراد بما يأتي من أن أي في حق الله عز وجل ، أما حق الآدمي فالكلام فيه كغيره من حقوق الآدميين ولهذا لو اقتص من القاتل لم يسقط حق الله عز وجل فيه مع أنه مبني على المسامحة فأولى أن لا يسقط حق الآدمي هنا ، ولا يلزم أن يختص بعقوبة في الدنيا سوى الحد الذي هو حق الله عز وجل في القصاص ، وقذف الآدمي بالزنا ، أو غيره بشيء والله أعلم . الحد كفارة