فأما صحة فهي أصل السنة وإنما يمنع صحتها التوبة عن بعض الذنوب المعتزلة والقائلون بالاحتياط وأنه لا تنفع طاعة مع معصية ، فأما من صحح الطاعة مع المعاصي صحح التوبة من بعض المعاصي انتهى كلامه . وذكر هذه الرواية . القاضي
ذكر في الإرشاد هذه الرواية ولفظها قال : أي توبة هذه ؟ وصرح أنها اختياره وأنها قول جمهور ابن عقيل المتكلمين ، وقد قال في تعاليق أحمد لو كان في الرجل مائة خصلة من خصال الخير وكان يشرب النبيذ لمحتها كلها ، وهذا من أغلظ ما يكون ، واحتج لاختياره بما ليس فيه حجة . إبراهيم الحربي
وقال الشيخ تقي الدين : إنما أراد يعني أن هذه ليست توبة عامة ، لم يرد أن ذنب هذا كذنب المصر على الكبائر فإن نصوصه المتواترة تنافي ذلك ، وحمل كلامه على ما يصدق بعضه بعضا أولى ، لا سيما إذا كان القول الآخر مبتدعا لم يعرف عن أحد من أحمد السلف ، انتهى كلامه .
وقال أيضا في الفنون : قال بعض الأصوليين لا تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ، فإن ابن عقيل لم يعد اعتذارا ، وهذا ظاهر على مذهب الإنسان لو قتل لإنسان ولدا ، وأحرق له بيدرا ثم اعتذر عن إحراق البيدر دون قتل الولد ، ويجب أن يكون هو المذهب ; لأن أحمد قال إذا ترك الصلاة تكاسلا كفر وإن كان مقيما على الزكاة والحج وغير ذلك انتهى كلامه . أحمد
وفي مأخذه نظر ظاهر قال القاضي أبو الحسين : اختلفت الرواية هل تصح التوبة من القبيح مع المقام على قبيح آخر يعلم التائب بقبحه أو لا يعلم على روايتين :
( إحداهما ) تصح ، اختارها والدي وشيخه ; لأنه لا خلاف أنه يصح التقرب من المكلف بفعل واجب مع ترك مثله في الوجوب كذا في مسألتنا [ ص: 57 ]
( والثانية ) لا تصح اختارها أبو بكر واحتج بقوله تعالى : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } :
فوعد بغفران الصغائر باجتناب الكبائر ، فإذا ارتكب الكبائر أخذ بالكبائر والصغائر ، واختارها ابن شاقلا واحتج بأنه يستحيل أن يكون محبوبا لقوله تعالى : { إن الله يحب التوابين } . ويكون في حال ما هو محبوب يفعل ما هو ممقوت .
وروى أحمد عن ومسلم الأغر بن يسار المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { } . : إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله عز وجل في اليوم مائة مرة
وعن رضي الله عنه مرفوعا { أبي هريرة } رواه يا أيها الناس توبوا إلى الله عز وجل فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة مسلم وقال : " سبعين مرة " والبخاري ولأحمد عن والبخاري مرفوعا { أبي هريرة } . والله إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
حدثنا ولأحمد محمد بن مصعب حدثنا سالم بن مسكين والمبارك عن الحسن عن الأسود بن سريع { } أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال : اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله ، محمد بن مصعب مختلف فيه ولم يسمع الحسن من الأسود .
وعن رضي الله عنهما ابن عباس مرفوعا { وأنس آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب } متفق عليه . لو أن لابن
ولأحمد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { والبخاري } وإن جهله تاب مجملا ، والمراد والله أعلم توبة عامة وإلا فقد ذكر : أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة الشيخ تقي الدين أن التوبة [ ص: 58 ] المجملة لا توجب دخول كل فرد من أفراد الذنوب فيها ولا تمنع دخوله كاللفظ المطلق بخلاف العام وما قاله صحيح ، وعنه لا تقبل من الداعية إلى بدعته المضلة والقاتل ، ذكرها وأصحابه . القاضي