ثم دخلت سنة ست وثلاثين
فمن الحوادث فيها رضي الله عنه عماله في الأمصار علي تفريق
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، قالا: أخبرنا ابن النقور ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا المخلص أحمد بن عبد الله ، قال: حدثنا السري بن يحيى ، قال: حدثنا شعيب ، عن محمد وطلحة ، قالا: بعث رضي الله عنه عماله على الأمصار ، بعث علي على عثمان بن حنيف البصرة ، وعمارة بن حسان بن شهاب على الكوفة ، وعبيد الله بن عباس على اليمن ، وقيس بن سعد على مصر ، على وسهل بن حنيف الشام . فأما سهل فإنه خرج حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل قالوا: من أنت؟ قال: أمير ، قالوا: على أي شيء؟ قال: على الشام ، قالوا: إن كان عثمان بعثكم فحيهلا بك ، وإن كان بعثك غيره فارجع ، قال: أو ما سمعتم بالذي كان ، قالوا: بلى ، فرجع إلى . علي
وأما ، فإنه لما انتهى إلى قيس بن سعد أيلة لقيته خيل ، فقالوا: من أنت؟ قال: من قالة عثمان ، فأنا أطلب من آوي إليه وأنتصر به ، قالوا: من أنت؟ قال: قيس بن [ ص: 76 ] سعد ، قالوا: امض ، فمضى حتى دخل مصر ، فافترق أهل مصر فرقا ، فرقة دخلت في الجماعة وكانوا معه ، وفرقة وقفت واعتزلت ، وقالوا: إن قتل قتلة عثمان فنحن معكم ، وإلا فنحن على جديلتنا ، وفرقة قالوا: نحن مع ما لم يقد إخواننا ، فكتب علي قيس إلى بذلك . علي
وأما ، فسار فلم يرده أحد عن دخول عثمان بن حنيف البصرة ، ولم يوجد في ذلك لابن عامر رأي ولا حزم ولا استقلال بحرب ، فافترق الناس فاتبعت فرقة القوم ، ودخلت فرقة في الجماعة ، وفرقة قالت: ننظر ما يصنع أهل المدينة فنصنع كما صنعوا .
وأما عمارة فأقبل حتى إذا كان بزبالة رد وانطلق عبيد الله إلى اليمن ، ولما رجع من طريق سهل بن حنيف الشام دعا طلحة والزبير ، فقال: إن الذي كنت أحدثكم قد وقع ، وسأمسك الأمر ما استمسك ، فإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي . وكتب إلى علي أبي موسى ، فكتب إليه ومعاوية أبو موسى بطاعة أهل الكوفة وبيعتهم ، وبين الكاره منهم والراضي ، وكان الرسول إلى أبي موسى معبد الأسلمي ، وكان الرسول إلى معاوية سبرة الجهني ، فلما قدم على لم يكتب معه شيء ولم يجبه ، حتى إذا كان في الشهر الثالث من مقتل معاوية عثمان في صفر ، دعا برجل من معاوية بني عبس يدعى قبيصة ، فدفع إليه طومارا مختوما ، عنوانه: من إلى معاوية ، فقال له: إذا دخلت علي المدينة فاقبض على أسفل الطومار ، ثم أوصاه بما يقول ، وسرح رسول معه ، فخرجا فقدما علي المدينة في غرة ربيع الأول ، فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره ، وخرج الناس ينظرون إليه ، فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أن معترض . معاوية
ومضى الرسول حتى دخل على رضي الله عنه ، فدفع إليه الطومار ، ففض خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة ، فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال: نعم ، إن الرسل آمنة لا تقتل ، قال: ورائي أني تركت قوما لا يرضون إلا بالقود ، قال: ممن؟ قال: من نفسك ، وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص علي عثمان وهو منصوب لهم ، قد ألبسوه منبر دمشق ، فقال: أمني يطلبون دم عثمان ، ألست موتورا أكره قتل عثمان ، اللهم [ ص: 77 ] إني أبرأ إليك من دم عثمان ، اخرج ، قال: وأنا آمن؟ قال: وأنت آمن ، فخرج العبسي ، فصاحت السبئية : هذا الكلب وافد الكلاب ، اقتلوه ، فنادى: يا آل مضر ، إني أحلف بالله ليردنها عليكم أربعة آلاف خصي ، فانظروا كم الفحولة والركاب فمنعته مضر .
وحدثنا سيف ، عن أبي حارثة وأبي عثمان ، قالا: أتى الخبر بحصر معاوية عثمان ، فأرسل إلى ، فقال: إن حبيب بن مسلمة الفهري عثمان قد حصر ، فأشر علي برجل ينفذ لأمري ولا يقصر ، قال: ما أعرف ذلك غيري ، قال: أنت لها ، فأشر علي برجل أبعثه على مقدمتك لا تتهم نصيحته ، قال: يزيد بن شجعة الحميري ، فدعا بهما فقال: النجاء ، سيرا فأعينا أمير المؤمنين ، وتعجل أنت يا يزيد فإن قدمت يا حبيب حي فالأمر أمره ، فانفذ لما يأمرك به ، وإن وجدته قد قتل فلا تدعن أحدا أشار إليه أو أعان عليه إلا قتلته . وبعث مع وعثمان يزيد ألف فارس ، فسار بعض الطريق ، فبلغه الخبر ، ثم لقيه ومعه النعمان بن بشير عثمان مخضب بالدماء وأصابع امرأته ، فأمضى القميص الذي قتل فيه حبيب إلى وأقام فأتاه برأيه فرجع حتى قدم معاوية دمشق .
ولما قدم على النعمان بن بشير أخرج القميص وأصابع معاوية نائلة بنت الفرافصة - أصبعان قد قطعتا ببراجمهما وشيء من الكف ، وأصبعان مقطوعتان من أصلهما مفترقتان ، ونصف الإبهام - فوضع القميص على المنبر ، وكتب بالخبر إلى الأجناد ، وثاب إليه الناس وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه ، والرجال من معاوية أهل الشام لا يأتون النساء ، ولا يمسهم الغسل إلا من الاحتلام ، ولا ينامون على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ، ومن عرض دونهم بشيء أو يفني أرواحهم ، فمكثوا يبكون حول القميص سنة ، والقميص موضوع كل يوم ، وفي أردافه أصابع نائلة معلقة .