الباب الحادي والعشرون في عبد الله بن حذافة - رضي الله تعالى عنه- إلى كسرى إرساله- صلى الله عليه وسلم-
واسمه : أبرويز . هو عبد الله بن حذافة- رضي الله تعالى عنه- أبو حذافة السهمي القرشي أسلم قديما ، وكان من المهاجرين الأولين ، وهاجر إلى الحبشة [قال] ابن يونس :
شهد بدرا ،
فقال : يا رسول الله ، من أبي ؟ قال : أبوك حذافة فعاتبته أمه على سؤاله فقال لها : (لو ) ألحقني بعبد أسود للحقته . وسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وعن أبي رافع قال : وجه جيشا إلى عمر الروم ، فأسروا عبد الله بن حذافة فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا : إن هذا من أصحاب محمد فقال : هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي ؟ قال : لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ملك العرب ما رجعت عن دين محمد طرفة عين . قال : إذن أقتلك فأمر به فصلب وقال للرماة :
ارموه قريبا من بدنه وهو يعرض عليه ويأبى ، فأنزله ودعا بقدر فصب فيها ماء حتى احترقت .
ودعا برجل من أسارى المسلمين ، فعرض عليه النصرانية فأبى ، فألقاه فيها ، فإذا عظامه تلوح ، فقال لعبد الله : تنصر وإلا ألقيتك فيها ، قال لا أفعل ، فقرب إليها فبكى ، فقالوا : جزع ، فقال : ما بكيت جزعا مما يصنع بي ، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفس واحدة يفعل بها هذا في الله ؟ كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة في ، ثم يفعل بي هذا فأعجب به ، وأحب أن يطلقه ، قال : تنصر وأزوجك ابنتي وأقاسمك ملكي ، قال : ما أفعل ، قال :
قبل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين أسيرا من المسلمين ، قال : أما هذه فنعم ، فقبل رأسه وأطلقه وأطلق معه ثمانين أسيرا من المسلمين ، فلما قدموا على قام إليه فقبل رأسه ، فقال أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : قبلت رأس الطاغية فقال : أطلق الله بتلك القبلة ثمانين رجلا من المسلمين . [ ص: 362 ] عمر
وروى عن البخاري - رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين المنذر ابن ساوى نائب كسرى على البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرأه مزقه ،
فدعا عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن تمزقوا كل ممزق .
قال محمد بن عمر الأسلمي : وكان مكتوبا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم- من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أدعوك بدعاء الله ، فإني أنا رسول الله أرسلت إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا وأحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، وإن أبيت فإنما عليك إثم المجوس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث بكتابه إلى
وفي رواية : كسرى إلى عامله باليمن ، باذان أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتنا بخبره ، فبعث باذان قهرمانه ، ورجلا آخر معه ، وكتب معه كتابا فقدما المدينة بكتاب باذان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ودعاهما إلى الإسلام وفرائضهما ترعد ، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
ارجعا عني يومكما هذا حتى تأتياني غدا فجاءاه من الغد ، فقال لهما : أبلغا صاحبكما باذان أن ربي قتل ربه الليلة لسبع ساعات مضت منها ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع ، وأن الله تعالى سلط عليه ابنه شهرويه فقتله ، فرجعا إلى باذان فأخبراه بذلك فأسلم باليمن . فلما قرأ كتاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مزقه فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : مزق الله ملكه وأهلك قومه وسير
قال أبو الربيع : ويقال إن الخبر أتاه بموت كسرى وهو مريض ، فاجتمعت إليه أساورته فقالوا : من تؤمر علينا ؟ فقال : اتبعوا هذا الرجل وأخلصوا في دينه ، وأسلموا وكان باذان أسلم في حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولما مات باذان ، ولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ابنه شهرويه بن باذان صنعاء وأعمالها ،
قال ابن كنانة [في كتاب] أخبار العرب والعجم : كسرى كتاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مزقه ، وبعث إليه بتراب فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : مزق كتابي ، أما إنه سيمزق وأمته ، وبعث إلي بتراب أما إنكم ستملكون أرضه . [ ص: 363 ] ولما قرأ