الباب الخامس والستون في عبد القيس إليه صلى الله عليه وسلم وإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلوعهم قبل قدومهم . وفود
روى ، أبو يعلى بسند جيد ، والطبراني عن والبيهقي مزيدة بن مالك العصري ، عن وأبو يعلى الأشج العبدي رضي الله تعالى عنهما ، قال الأول :
فقام رضي الله تعالى عنه فتوجه نحوهم فلقي ثلاثة عشر راكبا فقال : «من القوم ؟ » فقالوا : من عمر بني عبد القيس . قال : «فما أقدمكم ألتجارة ؟ » قالوا : لا . قال : أما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكركم آنفا فقال خيرا .
ثم مشوا معه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم . فقال للقوم : هذا صاحبكم الذي تريدون ، فرمى القوم بأنفسهم عن ركائبهم فمنهم من مشى ومنهم من هرول ومنهم من سعى حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فابتدره القوم ولم يلبسوا إلا ثياب سفرهم ، فأخذوا بيده فقبلوها ، وتخلف عمر الأشج وهو أصغر القوم في الركاب حتى أناخها ، وجمع متاع القوم وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم . بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال لهم : «سيطلع عليكم من ها هنا ركب هم خير أهل المشرق» .
وفي حديث الزارعي بن عامر العبدي عند : البيهقي المنذر الأشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه . وفي حديث عند فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله ورجله ، وانتظر رضي الله تعالى عنه : الإمام أحمد عبد القيس ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت ؟ » قالوا : يا نبي الله نحن بأرض وخمة وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع من بطونها ، فلما نهيتنا عن الظروف فذلك الذي ترى في وجوهنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الظروف لا تحل لا تحرم ولكن كل مسكر حرام وليس أن تجلسوا فتشربوا حتى إذا ثملت العروق تفاخرتم فوثب الرجل على ابن عمه بالسيف فتركه أعرج» . قال : وهو يومئذ في القوم الأعرج الذي أصابه ذلك . وأقبل القوم على تمرات لهم [ ص: 368 ] يأكلونها ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لهم هذا كذا وهذا كذا ، قالوا : أجل يا رسول الله ما نحن بأعلم بأسمائها منك . وقالوا لرجل منهم : أطعمنا من بقية الذي بقي في نوطك فقام وجاءه بالبرني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا البرني أمسى من خير ثمراتكم» . فأخرج ثوبين أبيضين من ثيابه فلبسهما ثم جاء يمشي حتى أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها ، وكان رجلا دميما ، فلما نظر صلى الله عليه وسلم إلى دمامته قال : يا رسول الله إنه لا يستقى في مسوك الرجال إنما يحتاج من الرجل إلى أصغريه لسانه وقلبه . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة» . قال : يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما ؟ قال : «بل الله تعالى جبلك عليهما» . قال : الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله تعالى ورسوله . قال : «يا معشر
وروى ابن سعد عن رحمه الله تعالى قال : وحدثني عروة بن الزبير عبد الحميد بن جعفر عن أبيه ، قالا : البحرين أن يقدم عليه عشرون رجلا منهم ، فقدم عليه عشرون رجلا رأسهم عبد الله بن عوف الأشج ، وفيهم الجارود ، ومنقذ بن حيان ، وهو ابن أخت الأشج ، وكان قدومهم عام الفتح ، فقيل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء وفد عبد القيس .
قال : «مرحبا بهم نعم القوم عبد القيس» . قال : ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأفق صبيحة ليلة قدموا وقال : «ليأتين ركب من المشرق لم يكرهوا على الإسلام قد أنضوا الركاب وأفنوا الزاد بصاحبهم علامة ، اللهم اغفر لعبد القيس ، أتوني لا يسألوني مالا ، هم خير أهل المشرق» . قال : فجاءوا عشرين رجلا ورأسهم عبد الله بن عوف الأشج ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فسلموا عليه ، وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيكم عبد الله الأشج ؟ » فقال : أنا يا رسول الله ، وكان رجلا دميما ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إنه لا يستقى في مسوك الرجال ، إنما يحتاج من الرجال إلى أصغريه لسانه وقلبه» . كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل
وذكر نحو ما سبق . وروى الإمام أحمد عن الزارع بن عامر أنه قال : يا رسول الله إن معي رجلا خالا لي ، مصابا فادع الله تعالى له . فقال : «أين هو ؟ ائتني به» . قال : فصنعت مثل ما صنع الأشج ، ألبسته ثوبيه وأتيته به ، فأخذ طائفة من ردائه فرفعها حتى بان بياض إبطه ، ثم ضرب ظهره وقال : «اخرج عدو الله» . فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول ، ثم أقعده بين يديه فدعا له وشج وجهه ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه .
وروى الشيخان عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «من القوم ؟ » قالوا : من ربيعة . قال : «مرحبا بالقوم غير خزايا ولا ندامى» .
فقالوا : يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لا نصل إليك إلا في شهر حرام ، وفي رواية : لا نستطيع أن نأتيك إلا في الأشهر الحرم فمرنا بأمر فصل إن عملنا به دخلنا الجنة . قال : «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع» قال : أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال : «هل تدرون ما الإيمان بالله ؟ » . [قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ] «شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا [ ص: 369 ] الخمس من المغنم ، وأنهاكم عن أربع : عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير- وربما قال المقير- فاحفظوهن وادعوا إليهن من وراءكم» . قالوا : يا نبي الله ما علمك بالنقير ؟ قال : «بلى جذع تنقرونه فتقذفون فيه من القطيعاء» - أو قال : «من التمر- ثم تصبون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه حتى أن أحدكم ليضرب ابن عمه بالسيف» . قال : وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك . قال : وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : ففيم نشرب يا رسول الله ؟ قال : «في أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها» . فقالوا : يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان ولا تبقى بها أسقية الأدم [فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم] : «وإن أكلتها الجرذان» ، مرتين أو ثلاثا .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس : «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة» . قدم وفد
وروى الإمام أحمد شهاب بن عباد أنه سمع بعض وفد عبد القيس يقول : قال الأشج : يا رسول الله إن أرضنا ثقيلة وخمة وإنا إذا لم نشرب هذه الأشربة هيجت ألواننا وعظمت بطوننا فرخص لنا في هذه وأومأ بكفيه . فقال : «يا أشج إني إن رخصت لك في مثل هذه» - وقال بفكيه هكذا- «شربته في مثل هذه» - وفرج يديه وبسطهما يعني أعظم منها- «حتى إذا ثمل أحدكم من شرابه قام إلى ابن عمه فهزر ساقه بالسيف» .
وكان في القوم رجل يقال له الحارث قد هزرت ساقه في شراب لهم في بيت من الشعر تمثل به في امرأة منهم ، فقال الحارث : لما سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت أسدل ثوبي فأغطي الضربة بساقي وقد أبداها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم . عن
وروى عن الحاكم رضي الله تعالى عنه أنس عبد القيس من أهل هجر قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينما هم عنده إذ أقبل عليهم فقال : «لكم تمرة تدعونها كذا ، وتمرة تدعونها كذا» . حتى عد ألوان تمرهم أجمع . فقال له رجل من القوم : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لو كنت ولدت في هجر ما كنت بأعلم منك الساعة ، أشهد أنك رسول الله فقال : «إن أرضكم رفعت لي منذ قعدتم إلي فنظرت من أدناها إلى أقصاها ، فخير تمركم البرني الذي يذهب بالداء ولا داء معه» . أن وفد
وروى رحمه الله تعالى البخاري رضي الله تعالى عنهما قال : «إن أول [ ص: 370 ] جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد ابن عباس عبد القيس بجواثى من البحرين » . وروى أيضا عن عن أم سلمة عبد القيس حتى صلاهما بعد الظهر في بيتها . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الركعتين بعد الظهر بسبب اشتغاله بوفد
وعن رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس عبد القيس » ، رواه «خير أهل المشرق ، البزار برجال ثقات غير والطبراني وهب بن يحيى .
وعن رضي الله تعالى عنه أبي هريرة عبد القيس » ، رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «خير أهل المشرق برجال ثقات . الطبراني
نوح بن مخلد رضي الله تعالى عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فسأله : «ممن أنت ؟ » فقال : أنا من بني ضبيعة بن ربيعة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خير ربيعة عبد القيس ثم الحي الذي أنت منهم» . رواه وعن وعن الطبراني رضي الله تعالى عنهما ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أنا حجيج من ظلم عبد القيس » ، رواه . الطبراني
تنبيهات
الأول : قال في البداية في سياق حديث ما يدل على أن قدوم وفد ابن عباس عبد القيس كان قبل فتح مكة لقولهم : وبيننا وبينك هذا الحي من مضر ولا نصل إليك إلا في شهر حرام . قال الحافظ : هذا الحديث دليل على تقدم إسلام عبد القيس على قبائل مضر الذين كانوا بينه وبين المدينة ، وكانت مساكن عبد القيس بالبحرين وما والاها من أطراف العراق ، ولهذا قالوا كما في رواية عن شعبة أبي جمرة في العلم : وإنا نأتيك من شقة بعيدة .
ودل على سبقهم في الإسلام أيضا ما رواه العقدي في الجمعة من طريق أبي جمرة رضي الله تعالى عنهما «أن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد ابن عباس عبد القيس بجواثى من البحرين » - عن وجواثى بضم الجيم فواو بعد الألف مثلثة مفتوحة- وإنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم ، فدل على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام .
الثاني : قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح : «أن وفد مسلم عبد القيس كانوا أربعة عشر راكبا : الأشج العصري رئيسهم ، واسمه المنذر بن عائذ ، بالذال المعجمة ، وقيل : عائذ بن المنذر ، وقيل : ابن عبيد . والعصري بفتح العين والصاد المهملتين وبالراء . ومنقذ ابن حبان . ومزيدة بن مالك المحاربي . وعبيدة بن همام المحاربي . وصحار بن عباس المري صحار بصاد وحاء مهملتين- وعمرو بن مرجوم العصري . والحارث بن شعيب العصري . والحارث بن جندب من بني عائش . ولم نعثر بعد طول التتبع على أكثر من أسماء هؤلاء» . [ ص: 371 ]
وقال الحافظ : «ومنهم عقبة بن جورة ، وجويرية العبدي ، والجهم بن قثم ، ورسيم العبدي » . وما ذكره من الوفد كانوا أربعة عشر راكبا ، لم يذكر دليلهم .
وفي المعرفة لابن منده من طريق هود [بن عبد الله] العصري - بعين وصاد مهملتين مفتوحتين نسبة إلى عصر بطن من عبد القيس - عن جده لأمه مزيدة قال :
فقام رضي الله تعالى عنه فلقي ثلاثة عشر راكبا فرحب وقرب وقال : من القوم ؟ قالوا : وفد عمر عبد القيس . فيمكن أن يكون أحد المذكورين كان غير راكب أو مردوفا . وأما ما رواه فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال لهم : «سيطلع لكم من هذا الوجه ركب هم خير أهل المشرق» . الدلابي وغيره من طريق أبي خيرة - بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة التحتية وبعد الراء هاء- الصباحي - وهو بضم الصاد المهملة بعدها موحدة خفيفة وبعد الألف حاء مهملة- قال : «كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم- من وفد عبد القيس - وكنا أربعين راكبا» .
فيمكن الجمع بينه وبين الرواية الأخرى ، وبأن الثلاثة عشر كانوا رؤوس الوفد فلهذا كانوا ركبانا وكان الباقون أتباعا ، ومنهم أخو الزارع ، واسمه مطر ، وابن أخته لم يسم ، وجابر بن الحارث ، وخزيمة بن عبد عمرو ، وجارية بن جابر ، وهمام بن ربيعة ، ونوح بن مخلد جد أبي جمرة . وإنما أطلت في هذا الفصل لقول صاحب المحرر إنه لم يظفر بعد طول التتبع على غير ما ذكره ، وما ذكرهابن سعد من أنهم عشرون مجمع عليه وليس ثلاثة عشر ، فإن البقية أتباع .
الثالث : قولهم : إلا في شهر حرام ، وفي لفظ : الشهر الحرام ، والمراد به شهر رجب وكانت مضر تبالغ في تعظيمه ولذا أضيف إليهم في حديث حيث قال : رجب مضر . أبي بكرة
والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخر ، ولذا ورد في بعض الروايات : الأشهر الحرم ، وفي بعضها : إلا في كل شهر حرام .
الرابع : قال الحافظ : كيف قال آمركم بأربع ؟ والمذكورة خمس . وقد أجاب عنه تبعا القاضي عياض لابن بطال : كان الأربع ما عدا أداء الخمس . قال : وكأنه أراد إعلامهم بقواعد الإيمان وفروض الأعيان ، ثم أعلمهم بما يلزمهم إخراجه إذا وقع لهم جهاد ، لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر ، ولم يقصد إلى ذكرها بعينها لأنها مسببة عن الجهاد ، ولكن الجهاد إذ ذاك كان فرض عين . قال : وكذلك لم يذكر الحج لأنه لم يكن فرض . ثم قال بعد أن ذكر غير ذلك ، وما ذكره رحمه الله تعالى المعتمد ، والمراد شهادة ألا إله إلا الله ، أي مع وأن القاضي عياض محمدا رسول الله ، كما صرح به في رواية عباد بن عباد في المواقيت .
الخامس : قال الحافظ : إنما أخبرهم ببعض الأوامر لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة ، فاقتصر لهم على ما يمكنهم فعله في الحال ، ولم يقصد إعلامهم بجميع [ ص: 372 ]
الأحكام التي تجب عليهم فعلا وتركا ، ويدل على ذلك اقتصاره في المناهي على الانتباذ في الأوعية ، مع أن في المناهي ما هو أشد في التحريم من الانتباذ لكن اقتصر منها عليها لكثرة تعاطيهم لهذا .
السادس : قوله : جوابا عن الأشربة من إطلاق المحل وإرادة الحال ، أي ما في الحنتم ونحوه . قال «وأنهاكم عن أربع» الحافظ : وصرح بالمراد في رواية من طريق النسائي قرة فقال : . الحديث . «وأنهاكم عن أربع ما ينبذ في الختم»
السابع : سبب وفودهم أن منقذ بن حبان أحد بني غنم بن وديعة كان متجره إلى يثرب في الجاهلية ، فشخص إلى يثرب بملاحف وتمر من هجر بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها . منقذ قاعد إذ مر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهض منقذ إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أمنقذ بن حبان كيف جميع هيأتك وقومك ؟ »
ثم سأله عن أشرافهم رجل رجل ، يسميهم بأسمائهم . فأسلم منقذ وتعلم سورة الفاتحة واقرأ باسم ربك ، ثم رحل قبل هجر . فكتب النبي صلى الله عليه وسلم معه إلى جماعة عبد القيس كتابا ، فذهب به وكتمه أياما ، ثم اطلعت عليه امرأته وهي بنت المنذر بن عائذ- بالذال المعجمة- ابن الحارث ، والمنذر هو الأشج سماه النبي به لأثر كان في وجهه .
وكان منقذ رضي الله تعالى عنه يصلي ويقرأ ، فأنكرت امرأته ذلك ، وذكرته لأبيها المنذر ، فقالت : «أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب ، إنه يغسل أطرافه ويستقبل الجهة تعني القبلة ، فيحني ظهره مرة ، ويضع جبينه مرة ، ذلك ديدنه منذ قدم» فتلاقيا فتجاريا ذلك . فوقع الإسلام في قلبه .
ثم سار الأشج إلى قومه عصر ومحارب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه عليهم فوقع الإسلام في قلوبهم وأجمعوا على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار الوفد فلما دنوا من المدينة قال النبي صلى الله عليه وسلم لجلسائه : «أتاكم وفد عبد القيس خير أهل المشرق [وفيهم الأشج العصري غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين إذ لم يسلم قوم حتى وتروا]» . فبينا
الثامن : في بيان غريب ما سبق :
الأشج : بهمزة فشين معجمة مفتوحتين فجيم .
عبد القيس : بقاف مفتوحة فتحتية ساكنة فسين مهملة .
ابن أفصى : بفتح الهمزة وبالفاء والصاد المهملة . ابن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ، وكانوا ينزلون البحرين : الخط والقطيف والسفار والظهران إلى الرملة ما بين هجر إلى حد أطراف الدهناء . [ ص: 373 ]
الركاب : تقدم الكلام عليها غير مرة .
هرول : بهاء مفتوحة فراء ساكنة فواو فلام مفتوحتين : أي أسرع إسراعا بين المشي والعدو .
العيبة : تقدم الكلام عليها .
يستقى : بضم المثناة التحتية وسكون السين المهملة فمثناة فوقية فقاف .
المسوك : بميم مضمومة فسين مهملة فواو فكاف جمع مسك وهو الجلد .
الخلة : بخاء معجمة مضمومة فلام مفتوحة فتاء تأنيث : الصداقة .
الحلم : بحاء مهملة مكسورة فلام ساكنة فميم العقل .
الأناة : بهمزة فنون مفتوحتين فألف فتاء تأنيث : التثبت وترك العجلة .
جبلني : بجيم فموحدة فلام مفتوحات : خلقني .
ثملت العروق : بمثلة مفتوحة فميم مكسورة فلام فمثناة فوقية : أي امتلأت .
النوط : بنون مضمومة فواو ساكنة فطاء مهملة : الجلة الصغيرة التي يكون فيها التمر .
البرني : [بموحدة مفتوحة فراء ساكنة فنون مكسورة فمثناة تحتية : ضرب من .
أنضوا : بهمزة مفتوحة فنون ساكنة فضاد معجمة فواو] .
الحي : اسم لمنزل القبيلة لأن بعضهم يحيا ببعض ربيعة : فيه التعبير بالبعض عن الكل لأنهم بعض ربيعة .
مرحبا : منصوب بفعل مضمر أي صادفت رحبا بضم الراء أي سعة والرحب بالفتح الشيء الواسع ، وأول من قالها سيف بن ذي يزن .
غير خزايا : نصب على الحال : وخزايا بخاء معجمة وزاي جمع خزيان وهو الذي أصابه خزي ، والمعنى أنهم أسلموا طوعا من غير حرب أو شيء يخزيهم ويفضحهم ، ولا ندامى : أصله نادمين جمع نادم لأن ندامى جمع ندمان خرج على الإتباع وحكى الفراء والجوهري وغيرهما من أهل اللغة أنه يقال نادم وندمان بمعنى فعلى هذا فهو على الأصل ولا إتباع فيه .
الوازع : بواو فألف فزاي فعين مهملة .
الشقة : بشين معجمة مضمومة فقاف مفتوحة مشددة فتاء تأنيث أي المسافة البعيدة ، والسفر الطويل أيضا .
الدباء : بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة وبالمد : القرع . [ ص: 374 ]
الحنتم : بحاء مهملة مفتوحة فنون ساكنة ففوقية مفتوحة فميم : جرار خضر مطلية الواحدة حنتمة .
النقير : بنون مفتوحة وقاف : أصل النخلة ينقر وينبذ فيه .
المزفت : بزاي وفاء مشددة وعاء يطلى بالزفت .
المقير : بميم مضمومة فقاف مفتوحة ومثناة تحتية مشددة مفتوحة وراء : طلي بالقير وهو نبت يحرق ويطلى به السقاء وغيره كما يطلى بالزفت . قال الحافظ : وفي مسند عن أبي داود الطيالسي قال عن أبي بكرة قال : «أما الدئل فإن أهل أبي بكرة الطائف كانوا يأخذون القرع فيخلطون فيه العنب حتى يهدر ثم يمرث ، وأما الحنتم فجرار كانت تحمل إلينا فيها الخمر ، وأما المزفت فهذه الأوعية التي طليت بالزفت» . انتهى . وتعبير الصحابي أولى أن يعتمد عليه من تعبير غيره فإنه أعلم بالمراد ، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يسرع إليها الإسكار ، فربما شرب منها من لا يشعر بذلك .
الجذع : بجيم فذال معجمة مفتوحتين فعين مهملة : الشاب .
القطيعاء : بقاف مضمومة فطاء مهملة مفتوحة فتحتية فعين مهملة فألف نوع من التمر صغار يقال له الشهريز بالشين المعجمة والمهملة وبضمهما وبكسرهما .
هجر : بهاء فجيم فراء مفتوحات قرية من قرى المدينة تنسب إليها القلال الهجرية ، واسم بلد بالبحرين ، وهو مذكر مصروف .
الأدم : بهمزة فدال مهملة مضمومتين جمع أديم وهو الجلد الذي تم دباغه .
يلاث : بتحتية مضمومة فلام مفتوحة فألف فمثلثة أي يلف الخيط على أفواهها ويربط به . وضبطه العبدري بالفوقية أي تلف الأسقية على أفواهها .
الجرذان : بجيم مكسورة فراء ساكنة فذال معجمة : جمع جرذ كصرد نوع من الفأر وقيل الذكر منه .
جواثى : بجيم مضمومة فواو مفتوحة وبعدها ألف فثاء مثلثة : قرية بالبحرين . [ ص: 375 ]