فصل في مدة الاعتكاف
والأصل في أقله حديث أقل الاعتكاف يوم، وأكثره عشرة أيام، قال: عمر وفي أكثره حديث يا رسول الله، إني نذرت اعتكاف يوم في الجاهلية، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك". ابن عمر، -رضي الله عنها- وعائشة فلا ينبغي أن يجاوز العشر; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أشد الناس عبادة، وقام حتى تورمت................ [ ص: 835 ] قدماه، ولم يجاوز باعتكافه عشرة أيام; إلا عندما رفعت ليلة القدر. والظاهر أنه زاد ليلة، ولنا فيه أسوة حسنة. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
وإن نذر فوق ذلك لزمه الوفاء به ما لم يطل ذلك مما يرى أنه يضر بنفسه ضررا بينا فيرد الزائد على ما كان يجوز أن ينذره؛ لحديث سعد قال: "رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التبتل". عثمان بن مظعون
وكره في المدونة اعتكاف ما دون العشر. وقال في العتبية: ما أعرف اعتكاف يوم أو يومين من أمر الناس. وقال أيضا: لا بأس به. وهو أبين; لحديث مالك والآخر استحسان وترغيب في الخير. عمر،
واختلف إذا نذر اعتكاف يوم، هل يلزمه أن يعتكف ليلة ذلك اليوم، أو يجزئه ذلك من طلوع الفجر؟ واختلف أيضا إذا نذر اعتكاف ليلة، هل يجزئه يوم وليلة، أو يسقط نذره فلا يلزمه شيء؟ فقال إذا نذر اعتكاف يوم أو اعتكاف ليلة - يلزمه أن يعتكف يوما وليلة، وساوى بين السؤالين. ابن القاسم:
وقال في كتاب ابنه: إن نذر اعتكاف ليلة لم يلزمه شيء، وإن نذر اعتكاف يوم لزمه أن [ ص: 836 ] يعتكف يوما وليلة، وإن دخل عند طلوع الفجر لم يجزئه. سحنون
وقال إذا دخل قبل طلوع الفجر أجزأه. أبو محمد عبد الوهاب: في المبسوط مثله، وقول ولمالك إذا نذر اعتكاف ليلة أحسن، ولا يلزمه أكثر مما ألزم نفسه، وإن كان يصح أن يؤتى به - وفى به، وإن كان ذلك مما لا يصح أن يؤتى به سقط نذره. سحنون
ويلزم على قول أن يقول فيمن نذر أن يصلي ركعة: أن يأتي بركعتين، أو يصوم بعض يوم: أن يصوم يوما كاملا. وأما إن نذر يوما كاملا فالصحيح أن الليل غير داخل في النذر. قال الله -عز وجل-: ابن القاسم سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام [الحاقة: 7]. ولا خلاف أن ذلك العذاب لم يكن خمسة عشر يوما، وإنما كان ابتداؤه نهارا وخاتمته نهارا، فكانت الأيام ثمانية، والليالي سبعة. وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدخل معتكفه إذا صلى الصبح، ففيه دليل على جواز اعتكاف اليوم دون الليل.