النوع الخامس والستون
معرفة أوطان الرواة وبلدانهم
وذلك مما يفتقر حفاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم ، ومن مظان ذكره " الطبقات" لابن سعد .
وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها فلما جاء الإسلام، وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن، حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان كما كانت العجم تنتسب، وأضاع كثير منهم أنسابهم، فلم يبق لهم غير الانتساب إلى أوطانهم .
ومن كان من الناقلة من بلد إلى بلد، وأراد الجمع بينهما في الانتساب، فليبدأ بالأول، ثم بالثاني المنتقل إليه، وحسن أن يدخل على الثاني كلمة "ثم " فيقال في الناقلة من مصر إلى دمشق مثلا: "فلان المصري ثم الدمشقي ".
ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة فجائز أن ينتسب إلى القرية، وإلى البلدة أيضا، وإلى الناحية التي منها تلك البلدة أيضا.
ولنقتد فنروي أحاديث بأسانيدها منبهين على بلاد رواتها، ومستحسن من الحافظ أن يورد الحديث بإسناده، ثم يذكر أوطان رجاله واحدا فواحدا، وهكذا غير ذلك من أحوالهم . بالحاكم أبي عبد الله الحافظ،
أخبرني الشيخ المسند المعمر أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر - رحمه الله - بقراءتي عليه ببغداد، قال: أنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، قال: أنا قال: أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي، أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي، قال: ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا عن سليمان التيمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنس "لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، أو قال: ثلاث ليال ".
أخبرني الشيخ المسند أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي المقرئ رحمه الله بقراءتي عليه بنيسابور عودا على بدء، من ذلك مرة على رأس قبر قال: أنا فقيه مسلم بن الحجاج الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي عند قبر (ح ) وأخبرتني مسلم أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري بقراءتي عليها بنيسابور مرة، وبقراءة غيري مرة أخرى - رحمها الله - قلت : أخبرك إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ قراءة عليه، قالا : أنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور، قال: أنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي، قال: أنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني عن حميد الطويل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنس بن مالك انصر أخاك ظالما أو مظلوما" قلت : "يا رسول الله أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟" قال: "تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه ".
الحديثان عاليان في السماع مع نظافة السند وصحة المتن، في الأول، فمن دونه إلى وأنس أبي مسلم بصريون، ومن بعد أبي مسلم إلى شيخنا فيه بغداذيون ، وفي الحديث الثاني فمن دونه إلى أنس أبي مسلم كما ذكرناه بصريون، ومن بعده من ابن نجيد إلى شيخينا نيسابوريون .
أخبرني الشيخ الزكي أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن أبي البركات ابن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بقراءتي عليه بنيسابور رحمه الله، قال: أنا جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل، قال: أخبرنا - رحمه الله -، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون، قال: أخبرنا قال: أنا أبو حاتم مكي بن عبدان، عبد الرحمن بن بشر، قال: أنا قال: أنا عبد الرزاق قال: أخبرني ابن جريج، عبدة بن أبي لبابة أن ورادا مولى المغيرة بن شعبة أخبره أن كتب إلى المغيرة بن شعبة معاوية، كتب ذلك الكتاب له وراد ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين يسلم : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
، المغيرة بن شعبة ووراد ، وعبدة كوفيون، مكي، وابن جريج صنعاني يمان، وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن بشر فشيخنا ومن بينهما أجمعون نيسابوريون .
ولله سبحانه الحمد الأتم على ما أسبغ من أفضاله، والصلاة والسلام الأفضلان على سيدنا محمد وآله، وعلى سائر النبيين وآل كل، نهاية ما يسأل السائلون، وغاية ما يأمل الآملون .
انتهى كلام الشيخ، فسح الله في مدته، ونفع المسلمين بعلومه وبركته، آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
علقه لنفسه العبد الفقير إلى الله تعالى علي بن حسن بن علي البيجوري الشافعي، ووافق الفراغ منه في ليلة الاثنين الثامن والعشرين من ذي القعدة الحرام من سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بالقاهرة المحروسة، حماها الله، وجميع بلاد المسلمين، آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله، حسبنا الله ونعم الوكيل.
[ ص: 1492 ] [ ص: 1493 ] [ ص: 1494 ]