النوع العشرون:
معرفة المدرج في الحديث
وهو أقسام:
منها: ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته، بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه، فيرويه من بعده موصولا بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله، فيلتبس الأمر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال، ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلته المشهورة: ما رويناه في التشهد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن عن الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، علقمة، عن عبد الله بن مسعود محمدا رسول الله، فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد" هكذا رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة فقال: " قل: التحيات لله" فذكر التشهد، وفي آخره: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن عن أبو خيثمة فأدرج في الحديث قوله: فإذا قلت هذا إلى آخره، وإنما هذا من كلام الحسن بن الحر، لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن مسعود،
ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية كذلك، واتفق الحسن بن الحر حسين الجعفي وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن على ترك ذكر هذا الكلام في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن الحسن بن الحر علقمة وعن غيره، عن على ذلك، ورواه ابن مسعود شبابة عن أبي خيثمة ففصله أيضا.
ومن أن يكون متن الحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفا منه، فإنه عنده بإسناد ثان، فيدرجه من رواه عنه على الإسناد الأول، ويحذف الإسناد الثاني، ويروي جميعه بالإسناد الأول. أقسام المدرج:
مثاله: حديث ابن عيينة عن وزائدة بن قدامة، عاصم بن كليب، عن أبيه، عن في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي آخره: "أنه جاء في الشتاء، فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب". وائل بن حجر
والصواب رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة، وفصل ذكر رفع الأيدي عنه، فرواه عن عاصم، عن عبد الجبار بن وائل، عن بعض أهله، عن وائل بن حجر.
ومنها: أن يدرج في متن حديث بعض متن حديث آخر، مخالف للأول في الإسناد.
مثاله: رواية سعيد بن أبي مريم، عن عن مالك، عن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنس بن مالك الحديث. فقوله: "لا تنافسوا" أدرجه "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا..." ابن أبي مريم من متن حديث آخر، رواه عن مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج فيه: أبي هريرة والله أعلم. "لا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا"
ومنها أن يروي الراوي حديثا عن جماعة، بينهم اختلاف في إسناده، فلا يذكر الاختلاف فيه، بل يدرج روايتهم على الاتفاق.
مثاله: رواية عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن كثير العبدي، عن عن الثوري، منصور والأعمش وواصل الأحدب، عن أبي وائل، عن عن عمرو بن شرحبيل، قلت: "يا رسول الله، أي الذنب أعظم..." الحديث. ابن مسعود وواصل إنما رواه عن أبي وائل، عن عبد الله من غير ذكر بينهما، والله أعلم. عمرو بن شرحبيل
واعلم أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور، وهذا النوع قد صنف فيه كتابه الموسوم بـ "الفصل للوصل المدرج في النقل" فشفى وكفى، والله أعلم. الخطيب أبو بكر
[ ص: 532 ] [ ص: 533 ] [ ص: 534 ]