ثم تكلم الناس بعد هذا في هبات المريض وصدقاته ، إذا مات في مرضه ذلك .
فقال قوم ، وهم أكثر العلماء : هي من الثلث كسائر الوصايا ، وممن ذهب إلى ذلك ، ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، رحمهم الله تعالى . ومحمد
وقالت فرقة : هو من جميع المال ، كأفعاله ، وهو صحيح ، وهذا قول لم نعلم أحدا من المتقدمين قاله .
وقد روينا فيما تقدم - من كتابنا هذا - عن رضي الله عنها ، أنها قالت : نحلني عائشة جداد عشرين وسقا من ماله بالعالية . أبو بكر
فلما مرض قال لي : إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية ، فلو كنت جددته وحزته كان لك ، وإنما هو اليوم مال وارث ، فاقتسموه بينكم على كتاب الله تعالى .
فأخبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنها لو قبضت ذلك في الصحة تم لها ملكه ، وأنها لا تستطيع قبضه في المرض قبضا تتم لها به ملكه ، وجعل ذلك غير جائز ، كما لا تجوز الوصية لها ، ولم تنكر ذلك رضي الله عنها ، ولا سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . عائشة
فدل ذلك أن مذهبهم جميعا فيه كان مثل مذهبه .
فلو لم يكن لمن ذهب إلى ما ذكرنا من الحجة لقولهم الذي ذهبوا إليه إلا ما في هذا الحديث وما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنكار في ذلك على أبي بكر ؛ لكان فيه أعظم الحجة .
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما يدل على ذلك أيضا .