ولو وقع ، نص عليه ، قال ذكر المغمى عليه أو المجنون لما أفاق أنه طلق : هذا فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية ، فأما المبرسم ومن به نشاف فلا يقع ، وفي الروضة أن الشيخ ، ويدخل في كلامهم المبرسم والموسوس إن عقل الطلاق لزمه [ عليه ] أو غشي عليه ، قال من غضب حتى أغمي شيخنا : بلا ريب ، ذكر أنه طلق أم لا ، ويقع من غيره .
في ظاهر كلامهم ، لأن { أبا موسى أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله ، فوجده غضبان فحلف لا يحملهم وكفر } الحديث .
{ } الحديث متفق عليه من حديث وسأله رجل عن ضالة الإبل ، فغضب حتى احمرت وجنتاه واحمر وجهه [ ص: 365 ] قال : ما لك ولها ؟ دعها . زيد بن أرقم
وجنتاه مثلث الواو ، ما ارتفع من الخدين .
وفي حديث { زيد بن ثابت } . أنه لما أبطأ عليهم في الخروج في قيام رمضان رفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج مغضبا
الحديث ، ولأنه قول ، ولأنه من باطن كالمحبة الحاملة على الزنا ، وعند ابن عباس شيخنا إن غيره ولم يزل عقله لم يقع ، لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه وهو يكرهه ليستريح منه ، فلم يبق له قصد صحيح ، فهو كالمكره ، ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله ، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه .
وفي صحة حكمه الخلاف ، وإنما انعقدت يمينه ; لأن ضررها يزول بالكفارة ، وهذا إتلاف ، وروى { أحمد } قال في رواية لا طلاق ولا عتاق في إغلاق : يريد [ به ] الغضب ، ذكره حنبل أبو بكر ولم يذكر خلافه .
وقال أبو داود : أظنه الغضب ، وهذا والقياس على المكره يدل [ على ] أن يمينه لا تنعقد ، ويخص ظاهر الدليل بهذا ، أما الغضب يسيرا فلا يؤثر ذلك فيقع ، وعليه يحمل نذر الغضب ، وفيه نظر ، لظاهر قصة ليلى بنت العجمي التي أفتاها الصحابة في قولها هي يهودية ونصرانية وكذا ، وعليه حمل صاحب المحرر حكمه . للزبير
[ ص: 366 ] ولمن اختار هذا أن يحمل الأخبار المذكورة عليه ، وإن كان كثيرا ، كظاهر خبر زيد ، فلأنه معصوم ، ولهذا ذكر في شرح أنه لا يكره حكمه معه ، أما لو مسلم صح ، وفي الفنون : من دقيق الورع ومكارم الأخلاق أن لا يقبل البذل في اهتياج الطبع وهو كبذل السكران ، وقل أن يصح رأي مع فورة طبع من حزن أو سرور أو حقن الخبث أو غضب ، فإذا بذل في فورة ذلك يعقبه الندم ، ومن هنا لا يقضي غضبان . طلق غيرها أو تصرف بغيره
وإذا أردت علم ذلك فاختبر نفسك .
وقد ندم أبو بكر على إحراقه بالنار ، والحسن على المثلة ، فمن هنا وجب التوقف إلى حين الاعتدال .
وقال ابن الجوزي : من الذنوب المختصة بالقلب الغضب ، وإنما ينشأ من اعتقاد الكبر على المغضوب عليه ، ثم ذكر النهي عنه ، وإذا كظمه عجزا عن التشفي احتقن في الباطن ، فصار حقدا يثمر الحسد والطعن فيه ،
وفي ( باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب ) ثم روى قصة { البخاري موسى على البشر فغضب فلطمه وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك } ، ولأنه { الأنصاري لما سمع اليهودي يقول : والذي اصطفى } رواه عليه الصلاة والسلام نهى عن الغضب فقال لرجل : لا تغضب . البخاري
والمحال لا ينهى عنه ، وما حرم لا يمنع ترتب الأحكام مع وجود العقل ، كالخمر ، وظهر من هذا أنه إن زال عقله به إن عذر فكسكر عذر فيه ، وإلا كبنج ، وظهر الجواب عن فعل ورد مع غضب ، والله أعلم .