[ ص: 541 ] على النبي صلى الله عليه وسلم على التشهد لم تبطل ، لكن لا يعتد بما قدمه بل عليه إعادته في محله ، وكثيرا ما يعبر المصنف بأن غير مريد بها الحصر ، بل بمعنى كأن ( وإن سها ) أي ( فما ) فعله ( بعد المتروك لغو ) لوقوعه في غير محله ( فإن تذكره ) أي المتروك ( قبل بلوغ ) فعل ( مثله ) من ركعة أخرى ( فعله ) بعد تذكره فورا وجوبا ، فإن تأخر بطلت صلاته والتذكر في كلامه مثال فلو ترك ذلك سهوا لزمه القيام حالا فإن مكث قليلا ليتذكر بطلت بخلاف ما لو شك في قيامه في قراءة الفاتحة فسكت ليتذكر ويستثنى من قوله فعله ما لو تذكر في سجوده أنه ترك الركوع [ ص: 542 ] فإنه يرجع إلى القيام ليركع منه ولا يكفيه أن يقوم راكعا ، لأن الانحناء غير معتد به وفي هذه الصورة زيادة على المتروك ( وإلا ) أي وإن لم يتذكر ، حتى بلغ مثله ( تمت به ركعته ) لوقوعه عن متروكه ( وتدارك الباقي ) من صلاته لإلغاء ما بينهما . شك في ركوعه هل قرأ الفاتحة أو في سجوده هل ركع أم لا
نعم إن لم يكن المثل من الصلاة كسجود تلاوة لم يجزه لعدم شمول نية الصلاة لها كما يعلم مما مر ، هذا إن عرف عين المتروك ومحله ، وإلا أخذ بالمتيقن وأتى بالباقي ، ويسجد للسهو في جميع الأحوال كما سيأتي في بابه ، ثم محل ما تقرر ما لم يوجب الشك استئنافها فإن أوجبه كشكه في النية أو تكبيرة الإحرام فلا يجزئه ذلك بل لا بد من استئنافها ولا سجود للسهو ، ولو كان المتروك السلام وتذكره قبل طول الفصل أتى به ولا سجود وكذا بعد طوله كما بحثه الشيخ وهو ظاهر إذ غايته أنه سكوت طويل [ ص: 543 ] وتعمده غير مبطل فلا يسجد لسهوه ( فلو ) ( من ) الركعة ( الأخيرة سجدها وأعاد تشهده ) لوقوع تشهده قبل محله ( أو من غيرها ) أي الأخيرة ( لزمه ركعة ) لأن الناقصة كملت بسجدة من التي بعدها وألغى باقيها ( وكذا إن شك فيها ) أي هل ترك السجدة من الأخيرة أو غيرها جعله من غيرها أخذا بالأحوط ولزمه ركعة أخرى ( وإن علم في قيام ثانية ) مثلا ( ترك سجدة ) من الأولى ( فإن كان جلس بعد سجدته ) التي قام عنها ( سجد ) من قيامه اكتفاء بجلوسه إن نوى به الاستراحة ، ولو كان يصلي جالسا فجلس يقصد القيام ثم تذكر فالقياس أن هذا الجلوس يجزئه ( وقيل إن جلس بنية الاستراحة لم يكفه ) بقصده سنة ، وقد قدمنا الفرق بينه وبين سجدة التلاوة حيث لم تكف عن السجود ( وإلا ) أي وإن لم يكن جلس بعد سجدته ( فليجلس مطمئنا ) ليأتي بالركن بهيئته ( ثم يسجد ) ومثل ذلك يأتي في ( تيقن في آخر صلاته ) أو بعد سلامه ، ولم يطل الفصل عرفا ولم يطأ نجاسة ( ترك سجدة ) ، فإن سبق له جلوس فيما فعله من الركعات تمت ركعته السابقة بالسجدة الأولى وإلا فبالثانية ( وقيل يسجد فقط ) اكتفاء بقيامه عن جلوسه لأن القصد به الفصل وهو حاصل بالقيام ( وإن ترك سجدتين فأكثر تذكر مكانهما أو مكانها ) أي الخمس فيهما ( وجب ركعتان ) أخذا بالأسود ، وهو في المسألة الأولى ترك سجدة من الركعة الأولى وسجدة من الثالثة فتنجبران بالثانية والرابعة ويلغو باقيهما ، وفي المسألة الثانية ترك ذلك وسجدة من ركعة أخرى ( أو ) علم ترك ( أربع ) من رباعية ( فسجدة ثم ركعتان ) لاحتمال أنه ترك سجدتين من ركعة وثنتين من ركعتين غير متواليتين لم تتصلا بها كترك واحدة من الأولى وثنتين من الثانية وواحدة من الرابعة . علم في آخر رباعية ترك سجدتين أو ثلاث جهل موضعها
فالحاصل ركعتان إلا سجدة ، إذ الأولى تمت بالثالثة والرابعة ناقصة سجدة فيتمها ويأتي بركعتين ، بخلاف ما إذا اتصلتا بها كترك واحدة من الأولى وثنتين من الثانية وواحدة من الثالثة فلا يلزم فيها سوى ركعتين ، وقول الشارح [ ص: 544 ] هنا : فتلغو الأولى وتكمل الثانية بالثالثة ، فيه تسمح ، وتحريره أنها تكمل بسجدة من الثانية وسجدة من الثالثة ويلغو باقيهما كما علم مما مر ، إذ حمل كلامه على ظاهره مخالف لكلامهم ولما قرره قبله ، ويمكن الاعتناء بكلامه ليوافق كلامهم وكلامه المتقدم فيقال قوله فتلغو الأولى : يعنى سجدتها لعدم إتيانه بما ، وقوله وتكمل الثانية : أي السجدة الثانية من الركعة الأولى بالثالثة يعني بسجدة منها فيحصل من ذلك ركعة وهي الأولى ، ولا يظهر بين التقريرين خلاف معنوي ، وقوله جهل موضعها بيان لصورتها التي يسلك بها أسوأ التقارير ، أما إذا علم موضعها فيرتب عليه مقتضاه وليست حينئذ من مسائل ترك السجدات التي رتبوا الحكم فيها على أسوأ التقارير ومعنى قوله المتروك آخرها واضح لشموله بالمتروك حسا وهو ركوعها واعتدالها ، والمتروك شرعا وهو سجدتاها والجلوس بينهما ( أو ) علم ترك ( خمس أو ست ) جهل موضعها ( فثلاث ) أي ثلاث ركعات لاحتمال أنه في الخمس ترك سجدتين من الأولى وسجدتين من الثانية وسجدة من الثالثة ، فتم الأولى بسجدتين من الثالثة والرابعة ، وأنه في الست ترك سجدتين من كل من ثلاث ركعات .
وقول الشارح هنا أيضا : فتكمل بالرابعة فيه التسمح المار ( أو ) علم ترك ( سبع ) جهل موضعها ( فسجدة ثم ثلاث ) أي ثلاث ركعات لأن الحاصل له ركعة إلا سجدة ، وفي ثمان سجدات يجب سجدتان وثلاث [ ص: 545 ] ركعات ، ويتصور بترك طمأنينة أو سجود على عمامة وكالعلم بترك ذلك الشك فيه ، ثم ما ذكره المصنف تبعا للجمهور قد اعترضه جمع من المتأخرين كالأصفوني والإسنوي بأنه يلزم بترك ثلاث سجدات سجدة وركعتان ، لأن أسوأ الأحوال أن يكون المتروك السجدة الأولى من الركعة الأولى والثانية من الثانية فيحصل من الثانية جبر الجلوس بين السجدتين لا جبر السجود ، إذ لا جلوس محسوب في الأولى ، فتكمل الركعة الأولى بالسجدة الأولى من الثالثة وتفسد الثانية وتجعل السجدة الثالثة متروكة من الرابعة فيلزمه سجدة وركعتان ، ويلزمه بترك أربع سجدات ثلاث ركعات لاحتمال أنه ترك السجدة الأولى من الأولى والثانية من الثانية فيحصل له منهما ركعة إلا سجدة وأنه ترك ثنتين من الثالثة فلا تتم الركعة إلا بسجدة من الرابعة ويلغو ما سواها ، ويلزمه في ترك الست ثلاث ركعات وسجدة لاحتمال أنه ترك السجدة من الأولى والثانية من الثانية وثنتين من الثالثة وثنتين من الرابعة .
وأجيب بأن ذلك خلاف فرض الأصحاب فإنهم فرضوا ذلك فيما إذا أتى بالجلسات المحسوبات ، بل قال الإسنوي : إنما ذكرت هذا الاعتراض وإن كان واضح البطلان لأنه قد يختلج في صدر من لا حاصل له ، وإلا فمن حق هذا السؤال السخيف أن لا يدون في تصنيف .
وحكى ابن السبكي في التوشيح أن والده وقف على رجز له في الفقه وفيه اعتماد هذا الاعتراض فكتب على الحاشية من رأس القلم :
لكنه مع حسنه لا يرد إذ الكلام في الذي لا يفقد إلا السجود فإذا ما انضم له
ترك الجلوس فليعامل عمله وإنما السجدة للجلوس
وذاك مثل الواضح المحسوس
[ ص: 546 ] وفي الحقيقة لا استدراك على الأصحاب لكونهم فرضوا كلامهم فيما إذا أتى بالركعات بجلوس محسوب وأنه لم يترك سوى السجدة وبنوا عليه ما مر ، وهو المعتمد كما أشار لذلك الدارمي خلافا لمن وهم في ذلك فإن فرض خلاف ذلك أدير الحكم عليه ، فالاعتراض وإن كان صحيحا في حد ذاته غير متوجه على كلامهم .