ويجب على الإمام لإجماع الصحابة عليه ( و ) لكن ( لا يقاتل البغاة ) أي لا يجوز له ذلك ( حتى يبعث إليهم أمينا ) أي عدلا عارفا بالعلوم : أي وبالحروب كما لا يخفى [ ص: 406 ] ( فطنا ) فيها ( ناصحا ) لأهل العدل ( يسألهم ما ينقمون ) على الإمام : أي يكرهون منه تأسيا قتال البغاة بعلي من بعثه رضي الله تعالى عنهما إلى العباس الخوارج بالنهروان فرجع بعضهم للطاعة ، وكون المبعوث عارفا فطنا واجب إن بعث للمناظرة وإلا فمستحب كما قاله الأذرعي والزركشي ، وإنما يجب قتالهم بشرط أن يتعرضوا لحريم أهل العدل أو يتعطل جهاد المشركين بهم أو يأخذوا من حقوق بيت المال ما ليس لهم أو يمتنعوا من دفع ما وجب عليهم أو يتظاهروا على خلع الإمام الذي انعقدت بيعته ، كذا قاله الماوردي ، والأوجه كما هو ظاهر كلامهم وجوب قتالهم مطلقا ; لأن ببقائهم وإن لم يوجد ما ذكر تتولد مفاسد قد لا تتدارك ، نعم لو لم يجب قتالهم وإنما يباح ( فإن ذكروا مظلمة ) بكسر اللام وفتحها ( أو شبهة أزالها ) عنهم بنفسه في الشبهة ، ومراجعة الإمام في المظلمة ويصح عود الضمير على الإمام فإزالته للشبهة بتسببه فيه إن لم يكن عارفا وللمظلمة برفعها ( فإن أصروا ) على بغيهم بعد إزالة ذلك ( نصحهم ) ندبا بوعظ ترغيبا وترهيبا وحسن لهم اتحاد كلمة الدين وعدم شماتة الكافرين ( ثم ) إن أصروا دعاهم للمناظرة ، فإن امتنعوا وانقطعوا وكابروا ( آذنهم ) بالمد : أي أعلمهم ( بالقتال ) وجوبا ; لأنه تعالى أمر بالإصلاح ثم القتال فلا يجوز تقديم ما أخره الله هذا إن كان بعسكره قوة ، وإلا انتظرها ، وينبغي أن لا يظهر ذلك لهم بل يرهبهم ويوري ( فإن استمهلوا ) في القتال ( اجتهد ) في الإمهال ( وفعل ما رآه صوابا ) فإن ظهر له أن استمهالهم للتأمل في إزالة الشبهة أمهلهم ما يراه ولا يتقيد بمدة وإن ظهر أن ذلك لانتظار مدد أو تقوية لم يمهلهم ، ويكون قتالهم كدفع الصائل سبيله الدفع بالأسهل فالأسهل . منعوا الزكاة وقالوا : نفرقها في أهل السهمان منا
قاله الإمام ، وظاهره وجوب هرب أمكن وليس مرادا ; لأن القصد إزالة شوكتهم ما أمكن