[ ص: 387 ] كتاب دعوى الدم
عبر به عن القتل للزومه له غالبا ( والقسامة ) بفتح القاف ، وهو لغة اسم لأولياء الدم ولأيمانهم . واصطلاحا اسم لأيمانهم ، وقد تطلق على الأيمان مطلقا ; إذ القسم اليمين ، ولاستتباع الدعوى للشهادة بالدم لم يذكرها في الترجمة ، وإن ذكرها فيما يأتي كغيره ، وخص الأول بقرينة ما يأتي ; إذ الكلام فيه ستة شروط : أحدها ( أن ) تعلم غالبا بأن ( يفصل ) المدعي مدعاه مما يختلف الغرض به فيفصل هنا مدعي القتل ( ما يدعيه من عمد وخطأ ) وشبه عمد ، ويصف كلا منها بما يليق به إن لم يكن فقيها موافقا لمذهب القاضي على ما يأتي أواخر الشهادة بما فيه ، وحذف الأخير لإطلاق الخطأ عليه ( وانفراد وشركة ) ; لأن الأحكام تختلف باختلاف هذه الأحوال ، ويذكر عدد الشركاء إن أوجب القتل الدية ، نعم لو قال إنهم لا يزيدون عن عشرة مثلا سمعت دعواه وطالب بحصة المدعى عليه ، فإن كان واحدا فعليه عشر الدية ، واستثنى ( يشترط ) لصحة دعوى الدم ابن الرفعة كالماوردي السحر فلا يشترط تفصيله لخفائه ، وهو ظاهر ( فإن أطلق ) المدعي ( استفصله القاضي ) استحبابا بما ذكر لتصح دعواه وله الإعراض عنه .
( وقيل يعرض عنه ) حتما ; لأنه نوع من التلقين ، ورد بأن التلقين أن يقول له قل قتله عمدا [ ص: 388 ] مثلا لا كيف قتله عمدا أم غيره . والحاصل أن الاستفصال عن وصف أطلقه جائز وعن شرط أغفله ممتنع ، ولو كتب ورقة ، وقال : أدعي بما فيها كفى في أوجه الوجهين إذا قرأها القاضي أو قرئت عليه : أي بحضرة الخصم قبل الدعوى ، وثانيها كونها ملزمة ، فلو اعتبر ذكر القبض المعتبر فيها أو بيعا أو إقرارا اعتبر ذكر لزوم التسليم له ( و ) ثالثها ( أن يعين المدعى عليه ، فلو ) ادعى هبة ( لم يحلفهم القاضي في الأصح ) لإبهام المدعى عليه فلا تسمع هذه الدعوى ; لأن التحليف فرعها حيث لم يكن ثم لوث ، فإن كان سمعت وحلفهم . وعلى هذه الحالة يحمل ما صرح به ( قال ) في دعواه على حاضرين ( قتله أحدهم ) أو قتله هذا أو هذا أو هذا وطلب تحليفهم الرافعي في أول مسقطات اللوث من أن له التحليف والثاني يحلفهم : أي يأمر بحلفهم للتوسل إلى إقرار أحدهم بالقتل واستيفاء الحق ، ولا ضرر عليهم في يمين صادقة ( ويجريان ) أي الصحيح ، ومقابله ( في دعوى ) نحو ( غصب وسرقة وإتلاف ) وغيرها من كل ما يتصور فيه انفراد المدعى عليه بسبب الدعوى فلا تسمع فيه على مبهم .
وقيل تسمع ; لأنه يقصد كتمه حينئذ ، فالتعيين فيه عسر بخلاف نحو البيع لكونه ينشأ عن اختيار عاقديه فيضبط كل صاحبه ( و ) رابعها وخامسها فحينئذ ( إنما ) أهلية كل من المتداعيين للخطاب ورد الجواب كمعاهد ومؤمن ( على مثله ) ولو محجورا عليه بسفه أو فلس أو رق لكن لا يقول الأول استحق تسليم المال بل يستحقه ولي فلا تصح دعوى حربي لا أمان له فلا ينافي ذلك صحة دعواه ، والدعوى عليه في صور ; لأن المفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يرد ، وصبي ومجنون ولا دعوى عليهم : [ ص: 389 ] أي إن لم تكن ثم بينة فيما يظهر أخذا مما ذكروه في الرقيق ، وعند غيبة الولي تكون الدعوى على غائب فيحتاج مع البينة ليمين الاستظهار ، ومر قبول ( تسمع ) الدعوى في الدم وغيره ( من مكلف ) أو سكران ( ملتزم ) ولو لبعض الأحكام ، ومثله نكوله ، وحلف المدعي لا بمال فتسمع الدعوى عليه لإقامة البينة فقط لا لحلف مدع لو نكل ; لأن النكول مع اليمين إقرار حكما وإقراره غير صحيح ( و ) سادسها أن لا يناقضها دعوى غيرهم فحينئذ ( لو ) إقرار سفيه بموجب قود ( لم تسمع الثانية ) لتكذيب الأولى لها نعم إن صدقه الآخر فهو مؤاخذ بإقراره وتسمع الدعوى عليه على الأصح في أصل الروضة ولا يمكن من العود إلى الأولى ; لأن الثانية تكذبها ( أو ) ( ادعى ) على شخص ( انفراده بالقتل ثم ادعى على آخر ) انفرادا أو شركة ( لم يبطل أصل الدعوى ) وإن لم يذكر لذلك تأويلا ( في الأظهر ) بل يعتمد تفسيره ويلغى دعوى العمد لا دعوى القتل ; لأنه قد يظن ما ليس بعمد عمدا . ادعى ( عمدا ) مثلا ( ووصفه بغيره ) من خطأ أو شبه عمد وبالعكس
والثاني يبطل ; لأن في دعوى العمد اعترافا ببراءة العاقلة ، وشمل كلامه الفقيه الذي لا يتصور خفاء ذلك عليه وإن اقتضت العلة خلافه ; لأنه قد يكذب في الوصف ويصدق في الأصل