( فصل ) في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله
وسموا عاقلة لعقلهم الإبل بفناء دار المستحق ، ويقال : لتحملهم عن الجاني العقل : أي الدية ، ويقال لمنعهم . عنه والعقل المنع ، ومنه سمي العقل عقلا لمنعه من الفواحش أولا على الأصح ثم تتحملها ( العاقلة ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على عاقلة الجاني ، ولما روي { ( دية الخطأ وشبه العمد تلزم ) الجاني } أي القاتلة وقتلها شبه عمد فثبوت ذلك في الخطأ أولى . أن امرأتين اقتتلتا ، [ ص: 370 ] فحذفت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فقضى صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غرة عبد أو أمة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها
والمعنى فيه أن القبائل في الجاهلية كانوا يقومون بنصرة الجاني منهم ويمنعون أولياء الدم أخذ حقهم ، فأبدل الشرع تلك النصرة ببذل المال ، وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد ; لأنهما مما يكثر لا سيما في متعاطي الأسلحة فحسنت إعانته لئلا يتضرر بما هو معذور فيه وأجلت الدية عليهم رفقا بهم ، ولو أقر بأحدهما فكذبته عاقلته وحلفوا على نفي العلم لزمته وحده وهذا وإن قدمه لكن ذكره توطئة لقوله ( وهم عصبته ) الذين يرثونه بنسب أو ولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين بشروطهم الآتية فلا شيء على غير هؤلاء ولو موسرين ، وتضرب على الغائب حصته حيث كان أهلا ، فإذا حضر أخذت منه ، وشرط تحمل العاقلة أن تكون صالحة لولاية النكاح : أي ولو بالقوة فدخل الفاسق لتمكنه من إزالة مانعه حالا من حين الفعل إلى الفوات