الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ثم ) يسن لمتمكن بعد الافتتاح وتكبير صلاة العيد ( التعوذ ) [ ص: 475 ] ولو في جنازة بالشروط المتقدمة في الافتتاح كما ذكروه في بعضها ، ويقاس به الباقي ما عدا الجلوس معه لأنه مفوت ، ثم لفوات الافتتاح به لا هنا لأنه لقراءة لم يشرع فيها ، وإتيانه بثم لندب ترتيبه إذا أرادهما لا لنفي سنية التعوذ لو أراد الاقتصار عليه ، ويفوت بالشروع في القراءة ولو سهوا ( ويسرهما ) أي الافتتاح والتعوذ استحبابا في الجهرية والسرية كسائر الأذكار المستحبة بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا ، ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان وأفضله على الإطلاق : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ويفارق ذلك التأمين بأن تبعيته أوضح لوروده بعد الفاتحة عقب الجهر بخلافهما ، وبأن التأمين تستحب فيه مقارنة ما يأتي به الإمام لما يأتي به المأموم ، فسن فيه الجهر لأنه أعون في الإتيان بالاقتران بخلافه فيهما ( ويتعوذ كل ركعة على المذهب ) ولو للقيام الثاني من صلاة الخسوف لأنه مأمور به للقراءة ، وقد حصل الفصل بين القراءتين بالركوع وغيره ، والأصل في ذلك قوله تعالى { فإذا قرأت القرآن } أي أردت قراءته { فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } حتى لو قرأ خارج الصلاة استحب له الابتداء بالتعوذ والتسمية ، سواء افتتح من أول سورة أم من أثنائها ، كذا رأيته في زيادات أبي عاصم العبادي [ ص: 476 ] نقلا عن الشافعي ، والنقل في التسمية غريب فتفطن له ( والأولى آكد ) مما بعدها للاتفاق عليها ، ولا تستحب إعادته بعد سجدة التلاوة ، ويستحب لعاجز أتى بذكر بدل القراءة فيما يظهر خلافا لصاحب المهمات . والطريق الثاني قولان : أحدهما هذا .

                                                                                                                            والثاني يتعوذ في الأولى فقط لأن القراءة في الصلاة واحدة ، ولو أمكنه بعض الافتتاح أو التعوذ أتى به محافظة على المأمور به ما أمكن ، وعلم عدم ندبهما لغير المتمكن بأن اختل فيه شرط مما ذكرناه ، بل قد يحرمان أو أحدهما عند خوف ضيق الوقت .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ثم التعوذ ) نقل عن خصائص الشامي أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام وجوب التعوذ لقراءته عليه الصلاة والسلام ا هـ ونقل عن الخصائص الصغرى للسيوطي : وظاهره [ ص: 475 ] أنه لا فرق في ذلك بين الصلاة وخارجها ( قوله : في الافتتاح ) أي في قوله : وأمن فوات الصلاة أو الأداء إلخ ( قوله : ما عدا الجلوس ) أي أما لو أدركه فيه فإنه يجلس منه ، ثم إذا قام تعوذ ، بخلاف ما مر في الافتتاح فإنه حيث أدركه في غير القيام لا يأتي بالافتتاح كما تقدم .

                                                                                                                            أقول : ولم يتقدم للجلوس معه ذكر في كلامه فلعله مذكور في الشروط في كلام غيره ، ومثل الجلوس ما لو أدركه في غيره مما لا يقرأ فيه عقب إحرامه كالاعتدال وتابعه فيه ( قوله : ويفوت ) أي التعوذ ( قوله : ولو سهوا ) خرج به ما لو سبق لسانه فلا يفوت ، وكذا يطلب إذا تعوذ قاصدا القراءة ثم أعرض عنها بسماع قراءة الإمام حيث طال الفصل باستماعه لقراءة إمامه ، بخلاف ما لو قصر الفصل فلا يأتي به ، وكذا لا يعيده لو سجد مع إمامه للتلاوة .

                                                                                                                            قال حج : لقصر الفصل .

                                                                                                                            وقضيته أنه لو طال الفصل بالسجود أعاد التعوذ وهو ظاهر ا هـ . ثم رأيت ما يأتي عن سم ( قوله : بحيث يسمع نفسه ) أي فلا يزيد على ذلك ، وظاهر ولو قصد تعليم المأمومين للتعوذ والافتتاح لإمكان ذلك إما قبل الصلاة وإما بعدها ( قوله : ويفارق ذلك التأمين ) أي حيث يجهر به المأموم في الجهرية تبعا لإمامه ( قوله : بالتعوذ والتسمية ) وهما تابعان للقراءة إن سرا فسر وإن جهرا فجهر ، لكن استثنىابن الجزري في النشر من الجهر بالتعوذ غير الأول في قراءة الإدارة المعروفة الآن بالمدارسة فقال : يستحب منه الإسرار لأن المقصود جعل القراءتين في حكم القراءة الواحدة ا هـ .

                                                                                                                            وينبغي جريان مثله في التسمية للعلة المذكورة فليراجع ( قوله : أم من أثنائها ) أي والفرض أنه خارج الصلاة ، وفي كلام حج : أن السنة لمن ابتدأ من أثناء السورة أن يبسمل ، وكتب عليه سم : لكن خصه م ر بخارجها فليحرر . أقول : ويوجه ما خصه م ر بأن [ ص: 476 ] ما أتى به بعد الفاتحة من القراءة في صلاته يعد مع الفاتحة كأنه قراءة واحدة ، والقراءة الواحدة لا يطلب التعوذ ولا التسمية في أثنائها .

                                                                                                                            نعم لو عرض للمصلي ما منعه من القراءة بعد الفاتحة ثم زال وأراد القراءة بعد سن له الإتيان بالبسملة لأن ما يفعله ابتداء قراءة الآن ( قوله : والأولى آكد ) لو تعارض عليه التعوذ ودعاء الافتتاح بحيث لا يمكنه إلا أحدهما دون الجمع بينهما فهل يراعى الافتتاح لسبقه أو التعوذ لأنه للقراءة الأفضل والواجبة ؟ فيه نظر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول الأقرب الثاني لأن المقصود منه التحفظ من الشيطان ، وأيضا فهو مطلوب لكل قراءة ، وفي حواشي شرح الروض لوالد الشارح : لو أمكنه الإتيان ببعض التعوذ أتى به .

                                                                                                                            أقول : وهو صادق بأن يأتي بالشيطان أو بالرجيم فقط ، ولعله غير مراد وأن المراد الإتيان بأعوذ بالله ( قوله : بعد سجدة التلاوة ) أي لقرب الفصل ا هـ حج .

                                                                                                                            وكتب عليه سم : قضيته أنه لو أطاله أعاد التعوذ ، وهو الأوجه في شرح العباب ، وقياسه إعادة البسملة ا هـ .

                                                                                                                            قال حج : وكسجدة التلاوة كل ما يتعلق بالقراءة ا هـ : أي كتسبيح من نابه شيء في صلاته ، وقوله ويستحب : أي التعوذ ( قوله : أحدهما هذا ) أي أنه يتعوذ كل ركعة ( قوله : الافتتاح أو التعوذ ) أي بأن خاف من الإتيان بهما ركوع الإمام وهو في أثناء الفاتحة ( قوله : أو أحدهما عند خوف ضيق الوقت ) أي بأن أحرم بها وقد بقي من الوقت ما لا يسعها ، وإلا فقد مر أنه يأتي بالسنن إذا أحرم في وقت يسعها وإن لزم صيرورتها قضاء ، لكن يشكل عليه ما مر من أنه إذا خاف فوت الوقت بأن خاف خروج بعض الصلاة عن وقتها على ما اقتضاه كلام الروض السابق فإنه صريح في أنه إذا شرع فيها في وقت يسعها كاملة بدون دعاء الافتتاح ، ويخرج بعضها بتقدير الإتيان به تركه وصرح بمثله حج ، ومن ثم قال سم في شرح الغاية : يستثنى من السنن دعاء الافتتاح فلا يأتي به إلا حيث لم يخف خروج شيء من الصلاة عن وقتها ا هـ .

                                                                                                                            وعليه فيمكن الفرق بينه وبين بقية السنن بأنه عهد طلب ترك دعاء الافتتاح في الجنازة ، وفيما لو أدرك الإمام في ركوع أو اعتدال فانحطت رتبته عن بقية السنن ، أو بأن السنن شرعت مستقلة وليست مقدمة لشيء ، بخلاف دعاء الافتتاح فإنه شرع مقدمة لغيره .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 475 ] قوله بالشروط المتقدمة ) يعني : في قوله تمكن منه بأن أدرك إمامه إلخ ، ويغني عن هذا قوله : قبيله لمتمكن إذ الشروط بيان للتمكن كما أسلفه ، على أن الشهاب ابن حجر ترك هذا كله هنا كأنه لقصر زمن التعوذ ( قوله : كما ذكروه في بعضها ) حق العبارة كما ذكروا بعضها فيه ( قوله : ما عدا الجلوس معه ) أي الإمام وإن لم يكن مذكورا اتكالا على فهم المراد ، نعم حق الاستثناء مما مر أن يقول إلا فيما إذا أدركه في غير القيام ( قوله : وأفضل صيغة على الإطلاق ) أي بالنسبة للقراءة : أي : أو مطلقا ، وإلا ، فلا خفاء أن التعوذ الوارد لدخول المسجد أو الخروج منه أو لدخول الخلاء الأفضل المحافظة فيه على لفظ الوارد ( قوله : ولو للقيام الثاني ) لا موقع لهذه الغاية في المتن ، فكان ينبغي أن يمهد بقوله للقراءة أو نحو ذلك ( قوله : استحب له الابتداء ) يؤخذ منه مع قوله سواء افتتح أنه لا يستحب التعوذ لغير الابتداء ، والافتتاح [ ص: 476 ] كأن شرع في قراءة بعد أن كان في قراءة أخرى ، وبه يعلم ما في حاشية الشيخ ( قوله : بعض الافتتاح ) أي إن أتى [ ص: 477 ] به كما يأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية