( ويخير ) [ ص: 232 ] ( بين أم ) وإن علت ( وجد ) وإن علا عند فقد من هو أقرب منه أو قيام مانع به لوجود الولادة في الكل ( وكذا ) الحواشي فهم كالجد ومنهم ( أخ أو عم ) أو ابنه إلا ابن عم في مشتهاة ، ولا نحو ابنة ثقة له تسلم إليها فيخير بين أحدهم ، والأم في الأصح كالأب بجامع العصوبة ، { المميز الذي لا أب له } رواه ولأنه صلى الله عليه وسلم خير ابن سبع أو ثمان بين أمه وعمه ( أو أب مع أخت ) شقيقة أو لأم ( أو خالة ) حيث لا أم فيخير بينهما ( في الأصح ) ; لأن كلا منهما قائم مقام الأم ، والثاني يقدم في الأوليين الأم وفي الأخريين الأب ، فإن فقد الأب أيضا خير بين الأخت أو الخالة وبقية العصبة كما هو الأقرب ، وظاهر كلامهم أنه لا فرق في الأخت بين التي للأب وغيرها ، لكن الشافعي الماوردي قيدها بالتي لغير الأب لإدلائها بالأم وهو ظاهر ، ومثل الأخت للأب العمة ، وظاهر كلامهم عدم جريان التخيير بين ذكرين أو أنثيين كأخوين أو أختين ، وهو ما نقله في الأنثيين عن فتوى الأذرعي البغوي ، ونقل عن ابن القطان وعن مقتضى كلام غيره جريانه بينهما ، وهو الأوجه ; لأنه إذا خير بين غير المتساويين فبين المتساويين أولى ( فإن ) ( حول إليه ) ; لأنه قد يظهر الأمر على خلاف ما ظنه أو يتغير حال من اختاره أولا نعم إن ظن أن سببه قلة عقله . ( اختار ) المميز ( أحدهما ) أي الأبوين أو من ألحق بهما كما مر ( ثم ) اختار ( الآخر )
فعند الأم وإن بلغ كما قبل التمييز ( فإن اختار الأب ذكر لم يمنعه زيارة أمه ) أي لم يجز له ذلك كما صرح به البندنيجي ودل عليه كلام الماوردي ، وتكليفها الخروج لزيارته ; لأنه يؤدي للعقوق وقطع الرحم وهو أولى منها بالخروج ( ويمنع أنثى ) ومثلها هنا وفيما يأتي الخنثى من زيارة أمها لتألف الصيانة وعدم البروز ، والأم أولى منها بالخروج لزيارتها لسنها وخبرتها ، وظاهر كلامه عدم الفرق في الأم بين المخدرة وغيرها وهو كذلك خلافا لما بحثه الأذرعي من الفرق ، وظاهر كلامها أنه لو مكنها من زيارتها لم يحرم عليه ، نعم لا يمنعها من عيادتها لمرض لشدة الحاجة إليها ، ويتجه أن محل تمكينها من الخروج عند انتفاء ريبة قوية وإلا لم يلزمه ( ولا يمنعها ) أي الأب الأم ( دخولا عليهما ) أي الابن والبنت إلى بيته ( زائرة ) حيث لا خلوة بها محرمة ولا ريبة كما هو ظاهر نظير ما يأتي في عكسه دفعا للعقوق لكن لا تطيل المكث ( والزيارة مرة في أيام ) على العادة لا في كل يوم إلا أن يكون منزلها قريبا فلا بأس بدخولها كل يوم .
قاله الماوردي ، ونصب مرة على المصدر وعند الفارسي على الظرف [ ص: 233 ] فإن مرضا فالأم أولى بتمريضها ; لأنها أهدى إليه وأصبر عليه من غيرها ( فإن رضي به في بيته ) بالشرطين المذكورين ( فذاك وإلا ففي بيتها ) يكون التمريض ويعودهما ، ويجب الاحتراز من الخلوة بها في الحالين ، ولا يمنع الأم من حضور تجهيزها في بيته إذا ماتا ، وله منعها من زيارة قبرهما إذا دفنا في ملكه ، والحكم في العكس كذلك ، ولو تنازعا في دفن من مات منهما في تربة أحدهما أجيب الأب كما بحثه بعض المتأخرين ، وإن مرضت الأم لزم الأب تمكين الأنثى من تمريضها إن أحسنت ذلك ، بخلاف الذكر لا يلزمه تمكينه من ذلك وإن أحسنه ( وإن اختارها ) أي الأم ( ذكر فعندها ) يكون ( ليلا وعند الأب ) وإن علا ومثله وصي وقيم يكون ( نهارا ) وهو كالليل للغالب ، ففي نحو الأبوين ينعكس الحكم كما مر نظيره في القسم كما بحثه الأذرعي ( يؤدبه ) وجوبا بتعليمه طهارة النفس من كل رذيلة ، وتحليتها بكل محمود ( ويسلمه ) وجوبا ( لمكتب ) بفتح الميم والتاء ويجوز كسر التاء وهو اسم لمحل التعليم ، وسماه بالكتاب كما هو على الألسنة ، ولم يبال أنه جمع كاتب ( وحرفة ) يتعلم من الأول الكتابة ومن الثاني الحرفة على ما يليق بحال الولد ، وظاهر كلام الشافعي الماوردي أنه ليس لأب شريف تعليم ولده صنعة تزريه ; لأن عليه رعاية حظه ولا يكله إلى أمه لعجز النساء عن مثل ذلك ، وأجرة ذلك في مال الولد إن وجد وإلا فعلى من عليه نفقته
وأفتى في ساكن ببلد ومطلقته بقرية وله منها ولد مقيم عندها في مكتب بأنه إن سقط حظ الولد بإقامته عندها فالحضانة للأب رعاية لمصلحته ، وإن أضر ذلك بأمه ، ويؤخذ منه أن مثل ذلك بالأولى ما لو كان في إقامته عندها ريبة قوية ( أو ) اختارتها ( أنثى ) أو خنثى كما بحثه ابن الصلاح الشيخ ومرت الإشارة إليه ( فعندها ليلا ونهارا ) لاستوائهما في حقها ; إذ الأليق تسترها ما أمكن ( ويزورها الأب على العادة ) كما مر ، ومقتضى ذلك منعه من زيارتها ليلا كما صرح به بعضهم لما فيه من الريبة والتهمة ، وهو معلوم من اشتراطهم في دخوله على الأم وجود مانع خلوة من نحو محرم أو امرأة ، وظاهر أنها لو كانت بمسكن زوج لها امتنع دخوله إلا بإذن منه ، فإن لم يأذن أخرجتها إليه ليراها ويتفقد حالها ويلاحظها بالقيام بمصالحها ، ولها بعد [ ص: 234 ] بلوغها الانفراد عن أبويها ما لم يثبت فيه ريبة فلولي نكاحها منعها من الانفراد بل يضمها إليه إن كان محرما ، وإلا فإلى من يأتمنها بموضع لائق ويلاحظها ، والأوجه كما قاله ابن الوردي في بهجته في أمرد ثبتت ريبة في انفراده أن لوليه منعه منه كما ذكر ( وإن اختارهما أقرع ) بينهما لانتفاء المرجح ( وإن لم يختر ) واحدا منهما ( فالأم أولى ) ; لأنها أشفق واستصحابا لما كان ( وقيل يقرع ) بينهما ; إذ لا أولوية حينئذ ويرد بمنع ذلك ( ولو ) غير نقلة ( كان الولد المميز وغيره مع المقيم حتى يعود ) المسافر لخطر السفر سواء أكان طويلا أم قصيرا فإن أراده كل منهما واختلفا مقصدا وطريقا كان عند الأم ، وإن كان سفرها أطول ومقصدها أبعد ( أو ) أراد أحدهما ( سفر نقلة فالأب أولى ) به إن توفرت فيه شروط الحضانة ، وإن كان هو المسافر احتياطا لحفظ النسب ولمصلحة نحو التعليم والصيانة وسهولة الإنفاق ، نعم إن صحبته الأم وإن اختلف مقصدهما أو لم تصحبه واتحد مقصدهما دام حقها كما لو عاد لمحلها ، ومعلوم فيما إذا اختلف مقصدهما وصحبته أنها تستحقها مدة صحبته لا غير أراد أحدهما سفر حاجة
وإنما يجوز سفره به ( بشرط أمن طريقه والبلد ) أي المحل ( المقصود ) إليه ، فإن كان أحدهما مخوفا امتنع السفر به وأقر عند المقيم ، وكذا إن لم يصلح المحل المنتقل إليه كما قاله المتولي ، أو كان وقت شدة حر أو برد كما قاله ابن الرفعة وتضرر بذلك كما قيده الأذرعي ، ويجوز له سلوك البحر به كما مر في الحجر ، وليس خوف الطاعون مانعا وإن وجدت قرائنه كما هو ظاهر إذ الأصل عدمه والقرائن يكثر تخلفها ، بخلاف تحققه لحرمة الدخول إلى محله والخروج منه لغير حاجة ماسة ( قيل و ) شرط كون السفر بقدر ( مسافة قصر ) ; لأن الانتقال لما دونها كالإقامة بمحلة أخرى من بلد متسع لسهولة مراعاة الولد ونسب للأكثرين ، ورد بمنع سهولة رعاية مصالحه حينئذ ولو [ ص: 235 ] نازعته في قصد النقلة صدق بيمينه ، فإن نكل حلفت وأمسكته ( ومحارم العصبة ) كأخ أو عم ( في هذا ) أي سفر النقلة ( كالأب ) فيقدمون على الأم احتياطا للنسب ، بخلاف محرم لا عصوبة له كأبي أم وخال وأخ لأم وقال المتولي وأقره في الروضة : إن الأقرب كالأخ لو أراد النقلة وهناك أبعد كالعم كان أولى ( وكذا ابن عم لذكر ) فيأخذه عند إرادته النقلة لما مر ( ولا يعطى أنثى ) مشتهاة حذرا من الخلوة المحرمة لانتفاء المحرمية بينهما ( فإن رافقته بنته ) أو نحوها المكلفة الثقة ( سلم ) المحضون الذي هو الأنثى ( إليها ) لانتفاء المحذور حينئذ .