[ ص: 18 ] وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13662_13690_13724_13776_13812_1993_23280_25982_28723nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم ؛ معنى " يوصيكم " : يفرض عليكم؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13650الوصية من الله - عز وجل - فرض؛ والدليل على ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به ؛ وهذا من المحكم علينا.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ المعنى : يستقر للذكر مثل حظ الأنثيين؛ له الثلثان؛ وللابنة الثلث؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ؛ يجوز " واحدة " ؛ و " واحدة " ؛ ههنا؛ وقد قرئ بهما جميعا؛ إلا أن النصب عندي أجود بكثير؛ لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين ؛ قد بين أن المعنى : فإن كان الأولاد نساء؛ وكذلك وإن كانت المولودة واحدة؛ فلذلك اخترنا النصب؛ وعليه أكثر القراءة؛ فإن قال قائل : إنما ذكر لنا ما فوق الثنتين؛ وذكرت واحدة؛ فلم أعطيت البنتان الثلثين؛ فسوي بين الثنتين والجماعة؟ فقد قال الناس في هذا غير قول؛ قال بعضهم : أعطيت البنتان الثلثين بدليل؛ لا تفرض لهما مسمى؛ والدليل هو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ؛
[ ص: 19 ] فقد صار للأخت النصف؛ كما أن للابنة النصف؛ فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان؛ فأعطيت البنتان الثلثين؛ كما أعطيت الأختان؛ وأعطي جملة الأخوات الثلثين قياسا على ما ذكر الله - عز وجل - في جملة البنات؛ وأعلم الله في مكان آخر أن حظ الابنتين وما فوقهما حظ واحد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ؛ فدلت هذه الآية أن حظ الجماعة إذا كان الميراث مسمى حظ واحدة؛ وهذا أيضا في العربية كذا قياسه؛ لأن منزلة الاثنتين من الثلاث كمنزلة الثلاث من الأربع؛ فالاثنان جمع؛ كما أن الثلاث جمع؛ وصلاة الاثنين؛ وصلاة الاثنتين جماعة؛ والاثنان يحجبان كما تحجب الجماعة؛ فهذا بين واضح؛ وهذا جعله الله في كتابه يدل بعضه على بعض؛ تفقيها للمسلمين وتعليما؛ ليعلموا فيما يحزبهم من الأمور على هذه الأدلة؛ وقال
أبو العباس محمد بن يزيد - وكذا قال
إسماعيل بن إسحاق : إنه قال - : في الآية نفسها دليل أن
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13985للبنتين الثلثين؛ لأنه إذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ وكان أول العدد ذكرا وأنثى؛ فللذكر الثلثان؛ وللأنثى الثلث؛ فقد بان من هذا أن للبنتين الثلثين؛ والله قد أعلم أن ما فوق الثنتين لهما الثلثان.
[ ص: 20 ] وجميع هذه الأقوال التي ذكرنا حسن جميل بين؛ فأما ما ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أن البنتين بمنزلة البنت؛ فهذا لا أحسبه صحيحا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؛ وهو يستحيل في القياس؛ لأن منزلة الاثنين منزلة الجمع؛ فالواحد خارج عن الاثنين؛ ويقال : " ثلث " ؛ و " ربع " ؛ و " سدس " ؛ ويجوز تخفيف هذه الأشياء لثقل الضم؛ فيقال : " ثلث " ؛ و " ربع " ؛ و " سدس " ؛ ومن زعم أن الأصل فيه التخفيف؛ وأنه ثقل؛ فخطأ؛ لأن الكلام موضوع على الإيجاز والتخفيف. وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ؛
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13778فالأم لها في الميراث تسمية من جهتين؛ تسمية السدس مع الولد؛ وتسمية السدس مع الإخوة؛ وتسمية الثلث إن لم يكن له ولد؛ والأب يرث من جهة التسمية السدس؛ ويرث بعد التسمية على جهة التعصيب؛
nindex.php?page=treesubj&link=28908_14026_14005والأم يحجبها الإخوة عن الثلث؛ فترث معهم السدس؛ قال
أبو إسحاق : ونذكر من كل شيء من هذا مسألة؛ إذ كان أصل الفرائض في الأموال؛ والمواريث؛ في هذه السورة؛ فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13693_13778مات رجل؛ أو امرأة؛ فخلفا أبوين؛ فللأم الثلث؛ والثلثان الباقيان للأب؛ بهذا جاء التنزيل؛ وعليه اجتمعت الأمة؛ فإن خلف الميت ولدا؛ وكان
[ ص: 21 ] ذكرا؛ فللأم السدس؛ وللأب السدس؛ وما بقي فللابن؛ فإن خلف بنتا؛ وأبوين؛ فللبنت النصف؛ وللأم السدس؛ وما بقي للأب؛ يأخذ الأب سدسا بحق التسمية؛ ويأخذ السدس الآخر بحق التعصيب؛ فإن خلف الميت - وكانت امرأة - زوجا؛ وأبوين؛ فللزوج النصف؛ وللأم ثلث ما بقي؛ وللأب ثلثا ما بقي؛ وهو ثلث أصل المال؛ وقد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان يعطي الأم الثلث من جميع المال؛ ويعطي الأب السدس؛ فيفضل الأم على الأب في هذا الموضع؛ والإجماع على خلاف ما روي عنه؛ وقال الذين احتجوا مع الإجماع : لو أعلمنا الله - عز وجل - أن المال بين الأب والأم؛ ولم يسم لكل واحد؛ لوجب أن نقسمه بينهما نصفين؛ فلما أعلمنا الله - عز وجل - أن للأم الثلث؛ علمنا أن للأب الثلثين؛ فلما دخل على الأب والأم داخل أخذ نصف المال؛ دخل النقص عليهما جميعا؛ فوجب أن يكون الميراث للأبوين إنما هو النصف؛ فصار للأم ثلث النصف؛ وللأب ثلثا النصف؛ وقيل في الاحتجاج في هذا قول آخر؛ قال بعضهم : إنما قيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ؛ ولم يرثه ههنا أبواه فقط؛ بل ورثه أبواه وورثه مع الأبوين غير الأبوين؛ فرجع ميراث الأم إلى ثلث ما بقي.
[ ص: 22 ] وقال أصحاب هذا الاحتجاج : كيف تفضل الأم على الأب؛ والإخوة يمنعون الأم الثلث؟ فيقتصر بها على السدس؛ ويوفر الباقي على الأب؛ فيأخذ الأب خمسة أسداس؛ وتأخذ الأم سدسا؛ فإن توفي رجل أو امرأة؛ وخلف إخوة ثلاثة فما فوق؛ وأما؛ وأبا؛ أخذت الأم السدس؛ وأخذ الأب الباقي؛ هذا إجماع؛ وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذا شيء شاذ؛ رووا أنه كان يعطي الإخوة هذا السدس الذي منع الإخوة الأم أن تأخذه؛ فكان يعطي الأم السدس؛ والإخوة السدس؛ ويعطي الأب الثلثين؛ وهذا لا يقوله أحد من الفقهاء؛ وقد أجمعت فقهاء الأمصار أن الإخوة لا يأخذون مع الأبوين؛ فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13778_14007توفي رجل وخلف أخوين؛ وأبوين؛ فقد أجمع الفقهاء أن الأخوين يحجبان الأم عن الثلث؛ إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ فإنه كان لا يحجب بأخوين؛ وحجته أن الله - عز وجل - قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كان له إخوة فلأمه السدس ؛ وقال جميع أهل اللغة : إن الأخوين جماعة؛ كما أن الإخوة جماعة؛ لأنك إذا جمعت واحدا إلى واحد؛ فهما جماعة؛ ويقال لهما : " إخوة " ؛ وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن
العرب تقول : " قد وضعا رحالهما " ؛ يريدون : " رحليهما " ؛ وما كان الشيء منه واحدا فتثنيته جمع؛ لأن الأصل هو الجمع؛ قال الله (تعالى) :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ؛ وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11ولأبويه ؛ لأن كل واحد منهما قد ولده.
[ ص: 23 ] والأصل في " أم " ؛ أن يقال : " أبة " ؛ ولكن استغني عنها بـ " أم " ؛ و " أبوان " ؛ تثنية " أب " ؛ و " أبة " ؛ وكذلك لو ثنيت " ابنا " ؛ و " ابنة " ؛ - ولم تخف اللبس - قلت : " ابنان " .
" فلأمه " ؛ تقرأ بضم الهمزة؛ وهي أكثر القراءات؛ وتقرأ بالكسر : " فلإمه " ؛ فأما إذا كان قبل الهمزة غير كسر؛ فالضم لا غير؛ مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وجعلنا ابن مريم وأمه آية ؛ لا يجوز " وإمه " ؛ وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2ما هن أمهاتهم ؛ وإنما جاز " لإمه " ؛ و " في إمها رسولا " ؛ بالكسر؛ لأن قبل الهمزة كسرة؛ فاستثقلوا الضمة بعد الكسرة؛ وليس في كلام
العرب مثل " فعل " ؛ بكسر الفاء؛ وضم العين؛ فلما اختلطت اللام بالاسم؛ شبه بالكلمة الواحدة؛ فأبدل من الضمة كسرة؛ ومن قال : " فلأمه " ؛ بضم الهمزة؛ أتى بها على أصلها؛ على أن اللام تقديرها تقدير الانفصال؛ وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11من بعد وصية يوصي بها أو دين ؛ أي : إن هذه الأنصبة إنما تجب بعد قضاء الدين؛ وإنفاذ وصية الميت في ثلثه.
فإن قال قائل : فلم قال : " أو دين " ؟ وهلا كان " من بعد وصية يوصي بها ودين " ؟ فالجواب في هذا أن " أو " ؛ تأتي للإباحة؛ فتأتي لواحد واحد على
[ ص: 24 ] انفراد؛ وتضم الجماعة؛ فيقال : " جالس الحسن؛ أو الشعبي " ؛ والمعنى : كل واحد من هؤلاء أهل أن يجالس؛ فإن جالست الحسن؛ فأنت مصيب؛ ولو قلت : " جالس الرجلين " ؛ فجالست واحدا منهما؛ وتركت الآخر كنت غير متبع ما أمرت؛ فلو كان " من بعد وصية يوصي بها ودين " ؛ احتمل اللفظ أن يكون هذا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=28908_14249_14325اجتمعت الوصية والدين؛ فإذا انفردا كان حكم آخر؛ فإذا كانت " أو " ؛ دلت على أن أحدهما إن كان فالميراث بعده؛ وكذلك إن كانا كلاهما.
وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ؛ في هذا غير قول؛ أما التفسير فإنه يروى أن الابن إن كان أرفع درجة من أبيه في الجنة سأل أن يرفع إليه أبوه فيرفع؛ وكذلك الأب؛ إن كان أرفع درجة من ابنه سأل أن يرفع ابنه إليه؛ فأنتم لا تدرون في الدنيا أيهم أقرب لكم نفعا؛ أي أن الله - عز وجل - قد فرض الفرائض على ما هي عنده حكمة؛ ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم لكم أنفع في الدنيا؛ فوضعتم أنتم الأموال على غير حكمة.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11إن الله كان عليما حكيما ؛ أي : عليم بما يصلح خلقه؛ حكيم فيما فرض من هذه الأموال وغيرها؛ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فريضة من الله ؛
[ ص: 25 ] منصوب على التوكيد؛ والحال من " ولأبويه " ؛ أي : ولهؤلاء الورثة ما ذكرنا مفروضا؛ فـ " فريضة " ؛ مؤكدة لقوله : " يوصيكم الله " ؛ ومعنى " إن الله كان عليما حكيما " ؛ فيه ثلاثة أقوال؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : كان القوم شاهدوا علما وحكمة ومغفرة وتفضلا؛ فقيل لهم : إن الله كان كذلك؛ ولم يزل؛ أي : لم يزل على ما شاهدتم؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كان عليما بالأشياء قبل خلقها؛ حكيما فيما يقدر تدبيره منها؛ وقال بعضهم : الخبر عن الله في هذه الأشياء بالمضي؛ كالخبر بالاستقبال؛ والحال؛ لأن الأشياء عند الله في حال واحدة؛ ما مضى؛ وما يكون؛ وما هو كائن؛ والقولان الأولان هما الصحيحان؛ لأن العرب خوطبت بما تعقل؛ ونزل القرآن بلغتها؛ فما أشبه من التفسير كلامها فهو أصح؛ إذ كان القرآن بلغتها نزل؛ وقال بعضهم :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13349الأب تجب عليه النفقة للابن إذا كان محتاجا إلى ذلك؛ وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13352الأب تجب نفقته على الابن إذا كان محتاجا إلى ذلك؛ فهما في النفع في هذا الباب لا يدرى أيهما أقرب نفعا؛ والقول الأول هو الذي عليه أهل التفسير.
[ ص: 18 ] وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13662_13690_13724_13776_13812_1993_23280_25982_28723nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ؛ مَعْنَى " يُوصِيكُمْ " : يَفْرِضُ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13650الْوَصِيَّةَ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَرْضٌ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ؛ وَهَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ عَلَيْنَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ؛ اَلْمَعْنَى : يَسْتَقِرُّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لَهُ الثُّلُثَانِ؛ وَلِلِابْنَةِ الثُّلُثُ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ؛ يَجُوزُ " وَاحِدَةً " ؛ وَ " وَاحِدَةٌ " ؛ هَهُنَا؛ وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا؛ إِلَّا أَنَّ النَّصْبَ عِنْدِي أَجْوَدُ بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ؛ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْمَعْنَى : فَإِنْ كَانَ الْأَوْلَادُ نِسَاءً؛ وَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتِ الْمَوْلُودَةُ وَاحِدَةً؛ فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَا النَّصْبَ؛ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقِرَاءَةِ؛ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّمَا ذُكِرَ لَنَا مَا فَوْقَ الثِّنْتَيْنِ؛ وَذُكِرَتْ وَاحِدَةٌ؛ فَلِمَ أُعْطِيَتِ الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ؛ فَسُوِّيَ بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ؟ فَقَدْ قَالَ النَّاسُ فِي هَذَا غَيْرَ قَوْلٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : أُعْطِيَتِ الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ بِدَلِيلٍ؛ لَا تُفْرَضُ لَهُمَا مُسَمًّى؛ وَالدَّلِيلُ هُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ؛
[ ص: 19 ] فَقَدْ صَارَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ؛ كَمَا أَنَّ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ؛ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ؛ فَأُعْطِيَتِ الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ؛ كَمَا أُعْطِيَتِ الْأُخْتَانِ؛ وَأُعْطِيَ جُمْلَةُ الْأَخَوَاتِ الثُّلُثَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي جُمْلَةِ الْبَنَاتِ؛ وَأَعْلَمَ اللَّهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ أَنَّ حَظَّ الِابْنَتَيْنِ وَمَا فَوْقَهُمَا حَظٌّ وَاحِدٌ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ؛ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ حَظَّ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ الْمِيرَاثُ مُسَمًّى حَظُّ وَاحِدَةٍ؛ وَهَذَا أَيْضًا فِي الْعَرَبِيَّةِ كَذَا قِيَاسُهُ؛ لِأَنَّ مَنْزِلَةَ الِاثْنَتَيْنِ مِنَ الثَّلَاثِ كَمَنْزِلَةِ الثَّلَاثِ مِنَ الْأَرْبَعِ؛ فَالِاثْنَانِ جَمْعٌ؛ كَمَا أَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ؛ وَصَلَاةُ الِاثْنَيْنِ؛ وَصَلَاةُ الِاثْنَتَيْنِ جَمَاعَةٌ؛ وَالِاثْنَانِ يَحْجُبَانِ كَمَا تَحْجُبُ الْجَمَاعَةُ؛ فَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ؛ وَهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ يَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ؛ تَفْقِيهًا لِلْمُسْلِمِينَ وَتَعْلِيمًا؛ لِيَعْلَمُوا فِيمَا يَحْزُبُهُمْ مِنَ الْأُمُورِ عَلَى هَذِهِ الْأَدِلَّةِ؛ وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ - وَكَذَا قَالَ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ : إِنَّهُ قَالَ - : فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا دَلِيلٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13985لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ؛ وَكَانَ أَوَّلُ الْعَدَدِ ذَكَرًا وَأُنْثَى؛ فَلِلذَّكَرِ الثُّلُثَانِ؛ وَلِلْأُنْثَى الثُّلُثُ؛ فَقَدْ بَانَ مِنْ هَذَا أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ؛ وَاللَّهُ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ مَا فَوْقَ الثِّنْتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ.
[ ص: 20 ] وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا حَسَنٌ جَمِيلٌ بَيِّنٌ؛ فَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبِنْتِ؛ فَهَذَا لَا أَحْسَبُهُ صَحِيحًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَهُوَ يَسْتَحِيلُ فِي الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ مَنْزِلَةَ الِاثْنَيْنِ مَنْزِلَةُ الْجَمْعِ؛ فَالْوَاحِدُ خَارِجٌ عَنْ الِاثْنَيْنِ؛ وَيُقَالُ : " ثُلُثٌ " ؛ وَ " رُبُعٌ " ؛ وَ " سُدُسٌ " ؛ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِثِقَلِ الضَّمِّ؛ فَيُقَالُ : " ثِلْثٌ " ؛ وَ " رُبْعٌ " ؛ وَ " سُدْسٌ " ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّخْفِيفُ؛ وَأَنَّهُ ثُقِّلَ؛ فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَوْضُوعٌ عَلَى الْإِيجَازِ وَالتَّخْفِيفِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ؛
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13778فَالْأُمُّ لَهَا فِي الْمِيرَاثِ تَسْمِيَةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ؛ تَسْمِيَةُ السُّدُسِ مَعَ الْوَلَدِ؛ وَتَسْمِيَةُ السُّدُسِ مَعَ الْإِخْوَةِ؛ وَتَسْمِيَةُ الثُّلُثِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ؛ وَالْأَبُ يَرِثُ مِنْ جِهَةِ التَّسْمِيَةِ السُّدُسَ؛ وَيَرِثُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ عَلَى جِهَةِ التَّعْصِيبِ؛
nindex.php?page=treesubj&link=28908_14026_14005وَالْأُمُّ يَحْجُبُهَا الْإِخْوَةُ عَنِ الثُّلُثِ؛ فَتَرِثُ مَعَهُمُ السُّدُسَ؛ قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : وَنَذْكُرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةً؛ إِذْ كَانَ أَصْلُ الْفَرَائِضِ فِي الْأَمْوَالِ؛ وَالْمَوَارِيثِ؛ فِي هَذِهِ السُّورَةِ؛ فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13693_13778مَاتَ رَجُلٌ؛ أَوِ امْرَأَةٌ؛ فَخَلَّفَا أَبَوَيْنِ؛ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ؛ وَالثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ لِلْأَبِ؛ بِهَذَا جَاءَ التَّنْزِيلُ؛ وَعَلَيْهِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ؛ فَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ وَلَدًا؛ وَكَانَ
[ ص: 21 ] ذَكَرًا؛ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ؛ وَلِلْأَبِ السُّدُسُ؛ وَمَا بَقِيَ فَلِلِابْنِ؛ فَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا؛ وَأَبَوَيْنِ؛ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ؛ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ؛ وَمَا بَقِيَ لِلْأَبِ؛ يَأْخُذُ الْأَبُ سُدُسًا بِحَقِّ التَّسْمِيَةِ؛ وَيَأْخُذُ السُّدُسَ الْآخَرَ بِحَقِّ التَّعْصِيبِ؛ فَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ - وَكَانَتِ امْرَأَةً - زَوْجًا؛ وَأَبَوَيْنِ؛ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ؛ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؛ وَلِلْأَبِ ثُلُثَا مَا بَقِيَ؛ وَهُوَ ثُلُثُ أَصْلِ الْمَالِ؛ وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي الْأُمَّ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ وَيُعْطِي الْأَبَ السُّدُسَ؛ فَيُفَضِّلُ الْأُمَّ عَلَى الْأَبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ مَا رُوِيَ عَنْهُ؛ وَقَالَ الَّذِينَ احْتَجُّوا مَعَ الْإِجْمَاعِ : لَوْ أَعْلَمَنَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّ الْمَالَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ؛ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ؛ لَوَجَبَ أَنْ نَقْسِمَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ فَلَمَّا أَعْلَمَنَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ؛ عَلِمْنَا أَنَّ لِلْأَبِ الثُّلُثَيْنِ؛ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ دَاخِلٌ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ؛ دَخَلَ النَّقْصُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمِيرَاثُ لِلْأَبَوَيْنِ إِنَّمَا هُوَ النِّصْفُ؛ فَصَارَ لِلْأُمِّ ثُلُثُ النِّصْفِ؛ وَلِلْأَبِ ثُلُثَا النِّصْفِ؛ وَقِيلَ فِي الِاحْتِجَاجِ فِي هَذَا قَوْلٌ آخَرُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا قِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ ؛ وَلَمْ يَرِثْهُ هَهُنَا أَبَوَاهُ فَقَطْ؛ بَلْ وَرِثَهُ أَبَوَاهُ وَوَرِثَهُ مَعَ الْأَبَوَيْنِ غَيْرُ الْأَبَوَيْنِ؛ فَرَجَعَ مِيرَاثُ الْأُمِّ إِلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ.
[ ص: 22 ] وَقَالَ أَصْحَابُ هَذَا الِاحْتِجَاجِ : كَيْفَ تُفَضَّلُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ؛ وَالْإِخْوَةُ يَمْنَعُونَ الْأُمَّ الثُّلُثَ؟ فَيُقْتَصَرُ بِهَا عَلَى السُّدُسِ؛ وَيُوَفَّرُ الْبَاقِي عَلَى الْأَبِ؛ فَيَأْخُذُ الْأَبُ خَمْسَةَ أَسْدَاسٍ؛ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ سُدُسًا؛ فَإِنْ تُوُفِّيَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ؛ وَخَلَّفَ إِخْوَةً ثَلَاثَةً فَمَا فَوْقَ؛ وَأُمًّا؛ وَأَبًا؛ أَخَذَتِ الْأُمُّ السُّدُسَ؛ وَأَخَذَ الْأَبُ الْبَاقِي؛ هَذَا إِجْمَاعٌ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا شَيْءٌ شَاذٌّ؛ رَوَوْا أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي الْإِخْوَةَ هَذَا السُّدُسَ الَّذِي مَنَعَ الْإِخْوَةُ الْأُمَّ أَنَّ تَأْخُذَهُ؛ فَكَانَ يُعْطِي الْأُمَّ السُّدُسَ؛ وَالْإِخْوَةَ السُّدُسَ؛ وَيُعْطِي الْأَبَ الثُّلُثَيْنِ؛ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ؛ وَقَدْ أَجْمَعَتْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يَأْخُذُونَ مَعَ الْأَبَوَيْنِ؛ فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13778_14007تُوَفِّيَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ أَخَوَيْنِ؛ وَأَبَوَيْنِ؛ فَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ؛ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَحْجُبُ بِأَخَوَيْنِ؛ وَحُجَّتُهُ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ؛ وَقَالَ جَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ : إِنَّ الْأَخَوَيْنِ جَمَاعَةٌ؛ كَمَا أَنَّ الْإِخْوَةَ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّكَ إِذَا جَمَعْتَ وَاحِدًا إِلَى وَاحِدٍ؛ فَهُمَا جَمَاعَةٌ؛ وَيُقَالُ لَهُمَا : " إِخْوَةٌ " ؛ وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ
الْعَرَبَ تَقُولُ : " قَدْ وَضَعَا رِحَالَهُمَا " ؛ يُرِيدُونَ : " رَحْلَيْهِمَا " ؛ وَمَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْهُ وَاحِدًا فَتَثْنِيَتُهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْجَمْعُ؛ قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى) :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ؛ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَلأَبَوَيْهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ وَلَدَهُ.
[ ص: 23 ] وَالْأَصْلُ فِي " أُمٌّ " ؛ أَنْ يُقَالَ : " أَبَةٌ " ؛ وَلَكِنِ اسْتُغْنِيَ عَنْهَا بِـ " أُمٌّ " ؛ وَ " أَبَوَانِ " ؛ تَثْنِيَةُ " أَبٌ " ؛ وَ " أَبَةٌ " ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ ثَنَّيْتَ " اِبْنًا " ؛ وَ " اِبْنَةً " ؛ - وَلَمْ تَخَفِ اللَّبْسَ - قُلْتَ : " اِبْنَانِ " .
" فَلِأُمِّهِ " ؛ تُقْرَأُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ؛ وَهِيَ أَكْثَرُ الْقِرَاءَاتِ؛ وَتُقْرَأُ بِالْكَسْرِ : " فَلِإِمِّهِ " ؛ فَأَمَّا إِذَا كَانَ قَبْلَ الْهَمْزَةِ غَيْرُ كَسْرٍ؛ فَالضَّمُّ لَا غَيْرُ؛ مِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ؛ لَا يَجُوزُ " وَإِمَّهُ " ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ؛ وَإِنَّمَا جَازَ " لِإِمِّهِ " ؛ وَ " فِي إِمِّهَا رَسُولًا " ؛ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ قَبْلَ الْهَمْزَةِ كَسْرَةٌ؛ فَاسْتَثْقَلُوا الضَّمَّةَ بَعْدَ الْكَسْرَةِ؛ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ مِثْلُ " فِعُلٌ " ؛ بِكَسْرِ الْفَاءِ؛ وَضَمِّ الْعَيْنِ؛ فَلَمَّا اخْتَلَطَتِ اللَّامُ بِالِاسْمِ؛ شُبِّهَ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ؛ فَأُبْدِلَ مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةٌ؛ وَمَنْ قَالَ : " فَلِأُمِّهِ " ؛ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ؛ أَتَى بِهَا عَلَى أَصْلِهَا؛ عَلَى أَنَّ اللَّامَ تَقْدِيرُهَا تَقْدِيرُ الِانْفِصَالِ؛ وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ؛ أَيْ : إِنَّ هَذِهِ الْأَنْصِبَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ وَإِنْفَاذِ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي ثُلُثِهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ قَالَ : " أَوْ دَيْنٍ " ؟ وَهَلَّا كَانَ " مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا وَدَيْنٍ " ؟ فَالْجَوَابُ فِي هَذَا أَنَّ " أَوْ " ؛ تَأْتِي لِلْإِبَاحَةِ؛ فَتَأْتِي لِوَاحِدٍ وَاحِدٍ عَلَى
[ ص: 24 ] انْفِرَادٍ؛ وَتَضُمُّ الْجَمَاعَةَ؛ فَيُقَالُ : " جَالِسِ الْحَسَنَ؛ أَوِ الشَّعْبِيَّ " ؛ وَالْمَعْنَى : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَهْلٌ أَنْ يُجَالَسَ؛ فَإِنْ جَالَسْتَ الْحَسَنَ؛ فَأَنْتَ مُصِيبٌ؛ وَلَوْ قُلْتَ : " جَالِسِ الرَّجُلَيْنِ " ؛ فَجَالَسْتَ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ وَتَرَكْتَ الْآخَرَ كُنْتَ غَيْرَ مُتَّبِعٍ مَا أُمِرْتَ؛ فَلَوْ كَانَ " مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا وَدَيْنٍ " ؛ اِحْتَمَلَ اللَّفْظُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28908_14249_14325اجْتَمَعَتِ الْوَصِيَّةُ وَالدَّيْنُ؛ فَإِذَا انْفَرَدَا كَانَ حُكْمٌ آخَرُ؛ فَإِذَا كَانَتْ " أَوْ " ؛ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا إِنْ كَانَ فَالْمِيرَاثُ بَعْدَهُ؛ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَا كِلَاهُمَا.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ؛ فِي هَذَا غَيْرُ قَوْلٍ؛ أَمَّا التَّفْسِيرُ فَإِنَّهُ يُرْوَى أَنَّ الِابْنَ إِنْ كَانَ أَرْفَعَ دَرَجَةً مِنْ أَبِيهِ فِي الْجَنَّةِ سَأَلَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيْهِ أَبُوهُ فَيُرْفَعُ؛ وَكَذَلِكَ الْأَبُ؛ إِنْ كَانَ أَرْفَعَ دَرَجَةً مِنَ ابْنِهِ سَأَلَ أَنْ يُرْفَعُ ابْنُهُ إِلَيْهِ؛ فَأَنْتُمْ لَا تَدْرُونَ فِي الدُّنْيَا أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا؛ أَيْ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ فَرَضَ الْفَرَائِضَ عَلَى مَا هِيَ عِنْدَهُ حِكْمَةٌ؛ وَلَوْ وَكَلَ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ لَمْ تَعْلَمُوا أَيُّهُمْ لَكُمْ أَنْفَعُ فِي الدُّنْيَا؛ فَوَضَعْتُمْ أَنْتُمُ الْأَمْوَالَ عَلَى غَيْرِ حِكْمَةٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ؛ أَيْ : عَلِيمٌ بِمَا يُصْلِحُ خَلْقَهُ؛ حَكِيمٌ فِيمَا فَرَضَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا؛ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ؛
[ ص: 25 ] مَنْصُوبٌ عَلَى التَّوْكِيدِ؛ وَالْحَالِ مِنْ " وَلِأَبَوَيْهِ " ؛ أَيْ : وَلِهَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ مَا ذَكَرْنَا مَفْرُوضًا؛ فَـ " فَرِيضَةً " ؛ مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ : " يُوصِيكُمُ اللَّهُ " ؛ وَمَعْنَى " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " ؛ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : كَانَ الْقَوْمُ شَاهَدُوا عِلْمًا وَحِكْمَةً وَمَغْفِرَةً وَتَفَضُّلًا؛ فَقِيلَ لَهُمْ : إِنَّ اللَّهَ كَانَ كَذَلِكَ؛ وَلَمْ يَزَلْ؛ أَيْ : لَمْ يَزَلْ عَلَى مَا شَاهَدْتُمْ؛ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : كَانَ عَلِيمًا بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ خَلْقِهَا؛ حَكِيمًا فِيمَا يُقَدِّرُ تَدْبِيرَهُ مِنْهَا؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : اَلْخَبَرُ عَنِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْمُضِيِّ؛ كَالْخَبَرِ بِالِاسْتِقْبَالِ؛ وَالْحَالِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عِنْدَ اللَّهِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ؛ مَا مَضَى؛ وَمَا يَكُونُ؛ وَمَا هُوَ كَائِنٌ؛ وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ هُمَا الصَّحِيحَانِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ خُوطِبَتْ بِمَا تَعْقِلُ؛ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهَا؛ فَمَا أَشْبَهَ مِنَ التَّفْسِيرِ كَلَامَهَا فَهُوَ أَصَحُّ؛ إِذْ كَانَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهَا نَزَلَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13349اَلْأَبُ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِلِابْنِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_13352الْأَبُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ؛ فَهُمَا فِي النَّفْعِ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا أَقْرَبُ نَفْعًا؛ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ.