وكما أن الزاني لا يجد من يقبله زوجا؛ إلا زانية أو مشركة؛ كذلك الزانية لا تجد زوجا يقبلها إلا إذا كان زانيا أو مشركا؛ وإن ذلك حكم الطبع السليم؛ الذي تكون فيه النفس غير مهينة؛ ولا مبتذلة؛ ولا مدنسة بالرجس والآثام; وذلك لأن الزوج عشير؛ يخالط زوجه بالحس؛ ويخالطه بالنفس؛ وعدوى النفوس كعدوى الآثام تتلاقح بالأمراض؛ كما تنتقل الأمراض بين الناس:
جانيك من يجني عليك وقد ... تعدي الصحاح مبارك الجرب
وإن ذلك؛ وإن كانت الفطرة تمنعه؛ فالشرع لا يرضاه؛ وقد قال: وحرم ذلك على المؤمنين ؛ الإشارة إلى النكاح؛ أي: نكاح الزاني بغير الزانية؛ والزانية بغير الزاني؛ أي: لا يكون دأب النفوس إلا متفاعلا بعضه ببعض؛ وبظاهر الآية أخذ [ ص: 5144 ] بعض الفقهاء؛ ومنهم الظاهرية والحنابلة؛ أو بعضهم؛ وبعض قليل من الشافعية والمالكية والحنابلة؛ وأكثر الشافعية على أن ليس بفاسد. نكاح الزناة
ويجب أن نقول: إن الزانية التي وصف الزنا قائم بها؛ وإذا تابت؛ فإنها تنخلع منه; لأن التوبة النصوح تجب ما قبلها؛ وكذلك الزاني؛ فإن التوبة تطهر النفس؛ والإخلاص في التوبة يوجب الندم؛ وإن الله هو قابل التوبة؛ وغفار الذنوب؛ وكذلك نقرر أنه بالإجماع يجوز الزواج ممن تاب وآمن وعمل صالحا.