الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
هذه المسألة فيها نزاع معروف بين السلف والعلماء وكذلك في nindex.php?page=treesubj&link=4667اشتراء اللبن مدة مقدارا معينا من ذلك اللبن يأخذه أقساطا من هذه الماشية .
والمنع من ذلك هو المعروف في مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
قال هؤلاء : هذا nindex.php?page=treesubj&link=4667بيع ما لم ير ولم يوصف بل بيع معدوم لم يوجد . والإجارة إنما تكون على المنافع دون الأعيان وهذه أعيان . وقال هؤلاء : nindex.php?page=treesubj&link=6121إجارة الظئر للرضاع على خلاف القياس جازت للحاجة .
وتنازع هؤلاء في هذه الإجارة .
فقيل : إن المعقود عليه هو الخدمة والرضاع تابع وهذا قول Multitarajem.php?tid=13371,13372ابن عقيل وغيره . وقيل : بل [ ص: 198 ] المعقود عليه هو المقصود بالعقد وهو اللبن .
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى وغيره . وأما الرخصة في ذلك في الجملة : فهو مذهب مالك وغيره .
وهؤلاء قد يسمون إجارة الظئر للرضاع تبعا للبن ; لأن الظئر تبع اللبن الذي لم يخلق بعد ; بناء على أنه عقد على الأعيان والعقد على العين هو من باب البيوع [ والنزاع ] في ذلك لفظي ; فإنها داخلة في مسمى البيع العام المتناول للأعيان والمنافع والموجود والمعدوم وليست داخلة في مسمى البيع الخاص الذي يختص بالموجود من الأعيان .
وكذلك السلف تنازعوا : هل هو من البيع ؟ على القولين .
وهل يكون بلفظ البيع سلفا ؟ على وجهين في مذهب أحمد وغيره . حتى قال من لم يجعله بيعا : إن السلف الحال يجوز بلفظ البيع ; دون لفظ السلم . والصحيح أن العقود إنما يعتبر فيها معانيها لا بمجرد اللفظ .
والصواب : أن الإجارة المسئول عنها جائزة ; فإن الأدلة الشرعية الدالة على الجواز بعوضها ومقايستها تتناول هذه الإجارة وليس من الأدلة ما ينفي ذلك ; فإن قول القائل : إن إجارة الظئر على خلاف القياس ; كلام فاسد .
والسنة وإجماع الأمة دلا على جوازها وإنما تكون مخالفة للقياس لو عارضها قياس نص آخر وليس في سائر النصوص وأقيستها ما يناقض هذه .
وقول القائل : الإجارة إنما تكون على المنافع دون الأعيان : ليس هو قولا لله ولا لرسوله ولا الصحابة ولا الأئمة ; وإنما هو قول قالته طائفة من الناس .
فيقال لهؤلاء : لا نسلم أن الإجارة لا تكون إلا على المنافع فقط ; بل الإجارة تكون على ما يتجدد ويحدث ويستخلف بدله مع بقاء العين كمياه البئر وغير ذلك سواء كان عينا أو منفعة كما أن الموقوف يكون ما يتجدد وما تحدث فائدته شيئا بعد شيء سواء كانت الفائدة منفعة أو عينا كالتمر واللبن والماء النابع . وكذلك العارية . وهو عما يكون الانتفاع بما يحدث ويستخلف بدله .
يقال : أفقر الظهر وأعرى النخلة ومنح الناقة فإذا nindex.php?page=treesubj&link=26093_6449منحه الناقة يشرب لبنها ثم يردها أو nindex.php?page=treesubj&link=6449أعراه نخلة يأكل ثمرها ثم يردها وهو مثل أن يفقره ظهرا يركبه ثم يرده .
وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=6066_6067إكراء المرأة أو طير أو ناقة أو بقرة أو شاة يشرب [ ص: 200 ] لبنها مدة معلومة فهو مثل أن يكون دابة يركب ظهرها مدة معلومة .
وإذا تغيرت العادة في ذلك كان تغير العادة في المنفعة يملك المستأجر ; إما الفسخ وإما الأرش .
وكذلك إذا nindex.php?page=treesubj&link=6062أكراه حديقة يستعملها حولا أو حولين كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما قبل حديقة nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن الحضير ثلاث سنين وأخذ المال وقضى به دينا كان عليه .
وإذا كان المستأجر هو الذي يقوم على هذه الدواب فهو إجارة وهو أولى بالجواز من إجارة الظئر .
وأما إذا كان صاحب الماشية هو الذي يعلفها ويسقيها ويؤويها وطالب اللبن لا يعرف إلا لبنها وقد استأجرها ترضع سخالا له فهو مثل إجارة الظئر .
وإذا كان ليأخذ اللبن هو فهو يشبه إجارة الظئر للرضاع المطلق ; لا لإرضاع طفل معين .
وهذا قد يسمى بيعا ويسمى إجارة .
وهو نزاع لفظي .
وإذا قيل : هو بيع معدوم .
قيل : نعم وليس في أصول الشرع ما ينهى عن بيع كل معدوم ; بل المعدوم الذي يحتاج إلى بيعه وهو معروف في العادة : يجوز بيعه كما يجوز nindex.php?page=treesubj&link=4787بيع الثمرة بعد بدو صلاحها ; فإن ذلك يصح عند جمهور العلماء .
كما دلت عليه السنة مع أن الأجزاء التي تخلق بعد معدومة وقد دخلت في العقد .
وكذلك [ ص: 201 ] يجوز بيع المقاثي وغيرها على هذا القول .