القول في تأويل قوله تعالى:
[ 22 - 25 ] بل الذين كفروا يكذبون والله أعلم بما يوعون [ ص: 6111 ] فبشرهم بعذاب أليم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون
بل الذين كفروا يكذبون أي: بآيات الله وتنزيله المبين لما ذكر من مع تحقيق موجبات تصديقه، والإضراب عن محذوف تقديره -كما قال أحوال القيامة وأهوالها، الإمام- لا تظن أن قرع القرآن لم يكسر أغلاق قلوبهم، ولم يبلغ صوته أعماق ضمائرهم، بلى قد بلغ وأقنع فيما بلغ، ولكن العناد هو الذي يمنعهم عن الإيمان ويصدهم عن الإذعان، فليس منشأ التكذيب قصور الدليل، وإنما هو تقصير المستدل وإعراضه عن هدايته، فالإضراب يرمي إلى محذوف من القول يدل عليه السابق واللاحق.
والله أعلم بما يوعون أي: بما يسرون في صدورهم من حقية التنزيل، وإن أخفوه عنادا. أو بما يضمرون من البغي والمكر، فسيجزيهم عليه. ولذا قال: فبشرهم بعذاب أليم أي: جزاء على تكذيبهم وإعراضهم وبغيهم.
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون أي: غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم. والاستثناء منقطع أو متصل، على أن المراد بمن آمن من أسلم منهم فآمنوا باعتبار ما مضى أو بمعنى: يؤمنون، وكونه منقطعا أظهر لمجيء "لهم أجر" بغير فاء. والله أعلم.