القول في تأويل قوله تعالى:
[ 16 - 21 ] فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون
[ ص: 6110 ] فلا أقسم بالشفق وهي الحمرة في الأفق من ناحية مغرب الشمس، والليل وما وسق أي: جمع وضم مما سكن وهدأ فيه من ذي روح كان يطير أو يدب نهارا، كذا قال ، والأظهر أن يكون إشارة إلى الأشياء كلها، لاشتمال الليل عليها، فكأنه تعالى أقسم بجميع المخلوقات كما قال: ابن جرير فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون والقمر إذا اتسق أي: اجتمع وتم نوره وصار كاملا. لتركبن طبقا عن طبق أي: حالا بعد حال، والمعني بالحال الأولى البعث للجزاء على الأعمال، وبالثانية الحياة الأولى. وفيه تنبيه على مطابقة كل واحدة لأختها; فإن الحياة الثانية تماثل الأولى وتطابقها من حيث الحس والإدراك والألم واللذة، وإن خفي اكتناهها. وجوز أن يكون "طبقا" جمع طبقة وهي المرتبة، أي: لتركبن مراتب شديدة مجاوزة عن مراتب وطبقات، وأطوارا مرتبة بالموت وما بعده من موطن البعث والنشور.
قال الشهاب: الطبق معناه ما طابق غيره مطلقا في الأصل، ثم إنه خص بما ذكر، وهو الحال المطابقة أو مراتب الشدة المتعاقبة.
و "عن" للمجاوزة أو بمعنى: (بعد). والبعدية والمجاوزة متقاربان لكنه ظاهر في الثاني فما لهم لا يؤمنون أي: بهذا الحديث، وقد أقام لهم الحجة على التوحيد والبعث.
وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون أي: لا يخضعون ولا يستكينون ولا ينقادون.
قال في (الإكليل): وقد استدل به على مشروعية سجدة التلاوة.