( وإن كقوله : أشهد أن زيدا يستحق بذمة عمرو كذا ( ذكره ) أي الموجب للاستحقاق ; لأنه قد لا يعتقده الحاكم موجبا ، ( والرؤية تختص بالفعل كقتل وسرقة وغصب وشرب خمر ورضاع وولادة ) وعيوب مرئية في نحو مبيع ; لأنه يمكن الشهادة على ذلك قطعا فلا يرجع إلى غيره ، ( والسماع ضربان . ) الأول : ( سماع من مشهود عليه كعتق وطلاق وعقد ) من بيع أو نكاح ونحوهما ( وإقرار ) بمال أو حد أو نسب أو قود أو رق أو غيره ( وحكم حاكم وإنفاذه ) حكم غيره ، فإذا سمع إنسان من غيره شيئا من ذلك ، وعرف القائل يقينا كما ذكره في الكافي ( فيلزمه ) أي الشخص ( الشهادة بما سمع ) من قائل عرفه يقينا ، كما في الكافي ( سواء وقت الحاكم الحكم ) بأن قال : حكمت بكذا في زمن كذا ، أو لم يؤقته ، ( أو استشهده مشهود عليه ) ، أو لم يستشهده لئلا يمتنع ثبوت الغصب وسائر ما يتضمن العدوان ، فإن فاعلها لا يشهد بها على نفسه ، ( أو كان الشاهد مستخفيا حين تحمله ) الشهادة ( أو لا ) ، فمن عنده حق ينكره بحضرة من يشهد عليه فسمع إقراره من لا يعلم به المقر جاز أن يشهد عليه بما سمعه منه ; لأنه بسماعه المقر حصل له العلم بالمشهود به كما لو رآه يفعل شيئا ولم يعلم الفاعل أن أحدا رآه . شهد ) شاهد ( بسبب يوجب الحق ) كتفريط في أمانة [ ص: 579 ] ( أو ) شهد ب ( استحقاق غيره )
( و ) الثاني : ( سماع بالاستفاضة ) بأن يشتهر المشهود به بين الناس فيتسامعون به بإخبار بعضهم بعضا ، ولا تسمع شهادة بالاستفاضة إلا ( فيما يتعذر علمه غالبا بدونها ) أي الاستفاضة ( كنسب ) إجماعا وإلا لاستحالت معرفته به ، إذ لا سبيل إلى معرفته قطعا بغير ذلك ولا تمكن الشهادة فيه ، وكولادة ( وموت وملك مطلق ) ، إذ الولادة قد لا يباشرها إلا المرأة الواحدة ، والموت قد لا يباشره إلا الواحد والاثنان ممن يحضره ويتولى غسله وتكفينه ، والملك قد يتقادم سببه فتوقف الشهادة في ذلك على المباشرة يؤدي إلى العسر خصوصا مع طول الزمن ، وخرج بالمطلق كقوله : ملكه بالشراء من فلان أو الإرث أو الهبة ، فلا تكفي فيه الاستفاضة .
( و ) ك ( عتق ) بأن يشهد أن هذا عتيق زيد ; لأنه أعتقه ( و ) ك ( ولاء وولاية وعزل ) ; لأنه إنما يحضره غالبا آحاد الناس ، ولكن انتشاره في أهل المحلة أو القرية يغلب على الظن صحته عند الشاهد ، بل ربما قطع به لكثرة المخبرين ولدعاء الحاجة إليه ، ( و ) ك ( نكاح ) عقدا ودواما ( وخلع وطلاق ) نصا فيهما ; لأنه مما [ ص: 580 ] يشيع ويشتهر غالبا ، والحاجة داعية إليه ، ( و ) ك ( وقف ) بأن يشهد أن هذا وقف زيد لا أنه أوقفه ، ( و ) ك ( مصرفه ) أي الوقف وما أشبه ذلك قال : : وما تظاهرت به الأخبار واستقرت معرفته في قلبه شهد به ; ولأن هذه الأشياء تتعذر الشهادة عليها غالبا بمشاهدتها ومشاهدة أسبابها أشبهت النسب ، وكونه يمكن العلم بمشاهدة سببه لا ينافي التعذر غالبا ، . الخرقي
( و ) يجوز لأحد أن ( يشهد باستفاضة إلا ) إن سمع ما يشهد به ( عن عدد يقع بهم ) أي : بخبرهم ( العلم ) ; لأن لفظ الاستفاضة مأخوذ من فيض الماء لكثرته قال في شرحه : ويكون ذلك العدد عدد التواتر ; لأنها شهادة فلا يجوز أن يشهد بها من غير علم لقوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } .
( ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من الاستفاضة ، ومن قال شهدت بها ) أي الاستفاضة ( ففرع ) ذكره في الفروع والإنصاف والتنقيح ، .
وفي المغني شهادة أصحاب المسائل يعني الشهود استفاضة لا شهادة على شهادة ، فيكتفى بمن شهد بها كبقية شهادة الاستفاضة ، وفي الترغيب ليس فيها فرع ، وفي التعليق وغيره الشهادة بالاستفاضة خبر لا شهادة ، وأنها تحصل بالنساء والعبيد وذكر ابن الزاغوني إن شهد أن جماعة يثق بهم أخبروه بموت فلان أو أنه ابنه أو أنها زوجته فهي شهادة استفاضة ، وهي صحيحة ، وكذا أجاب يقبل في ذلك ويحكم فيه بشهادة استفاضة ، وذكر أبو الخطاب أن القاضي يحكم بالتواتر القاضي