( وإن ( عتق أحدهما بقرعة ) لثبوت الوصية بعتق كل منهما . والإعتاق بعد الموت كالإعتاق في مرض الموت ، وقد ثبت الإقراع بينهما فيه لحديث شهدت على ميت بينة أنه وصى بعتق سالم و ) شهدت عليه بينة ( أخرى أنه وصى بعتق غانم وكل واحد ) من سالم وغانم ( ثلث ماله ) أي الموصي ( ولم تجز الورثة ) عتقهما ، فكذا الإعتاق بعد الموت لاتحاد المعنى فيهما فإن أجاز الورثة الوصيتين عتقا ; لأن الحق لهم ، كما لو أعتقوهما بعد موته ، ( ولو كانت بينة غانم وارثة فاسقة ) ولم تكذب الأجنبية ( عتق سالم ) بلا قرعة ; لأن بينة غانم الفاسقة لا تعارضها ، ( ويعتق غانم بقرعة ) بأن يكتب برقعة يعتق وبأخرى لا يعتق ، وتدرج كل منهما ببندقة من شمع أو طين بحيث لا تتميز إحداهما من الأخرى ، ويقال لمن لم يحضر : أخرج بندقة على هذا وبندقة على هذا ، فإن خرجت لغانم رقعة العتق عتق ، وإلا فلا ; لأن البينة الوارثة مقرة بالوصية بعتق غانم أيضا ، ( وإن كانت ) البينة الوارثة ( عادلة وكذبت ) البينة ( الأجنبية عمل بشهادتها ) لعدالتها ، ( ولغا تكذيبها ) الأجنبية ( فينعكس الحكم ) فيعتق غانم بلا قرعة لإقرار الورثة أنه لم يعتق سواه ، ويقف عتق سالم على القرعة ، ( ولو كانت ) البينة الوارثة ( فاسقة ، وكذبت ) العادلة الأجنبية ( أو شهدت برجوعه عن عتق سالم عتقا ) أما سالم فلأنه لم يثبت عتق غانم وأما غانم فلإقرار الورثة [ ص: 570 ] بعتقه وحده ، ولأن شهادتهما بالرجوع عن عتق سالم يتضمن الإقرار بالوصية بعتق غانم وحده ، كما لو كذبت الأخرى ، ( ولو شهدت ) الوارثة ( برجوعه ) عن عتق سالم ( ولا فسق ) بها ( ولا تكذيب ) منها لبينة سالم ( عتق غانم ) وحده لثبوت الرجوع عن عتق سالم ببينة عادلة بلا تهمة ; لأنها لا تجر إلى نفسها بشهادتها نفعا ولا تدفع عنها ضررا . وأما جرها ولاء غانم فيعادله إسقاط ولاء سالم على أن الولاء إنما هو ثبوت سبب الإرث ومثله لا ترد الشهادة فيه ، كما يثبت النسب بالشهادة . وإن كان الشاهد يجوز أن يرث المشهود له به وتقبل شهادة الإنسان لأخيه بالمال ، وإن جاز أن يرثه ( ولو كان في هذه الصورة ) وهي ما إذا كانت الوارثة العادلة شهدت برجوعه عن عتق سالم ( وغانم ) أي قيمته ( سدس ماله عتقا ) أي سالم وغانم ، ( ولم تقبل شهادتهما ) برجوعه عن عتق سالم ; لأنها متهمة بدفع السدس الآخر عنها ، ( وخبر وارثة عادلة ك ) شهادة وارثة ( فاسقة ) ; لأنه إقرار ، وسواء فيه العدل والفاسق ( وإن شهدت بينة بعتق سالم في مرضه و ) شهدت بينة ( أخرى بعتق غانم فيه عتق السابق ) منهما تاريخا لما تقدم أن تبرعات المريض المنجزة يبدأ منها بالأول فالأول ، ( فإن جهل ) التاريخ بأن أطلقت البينتان أو إحداهما ( فأحدهما ) يعتق ( بقرعة ) كما لو اتحد تاريخهما ; لأنه لا يخلو إما أن يكون أعتقهما معا فيقرع بينهما . لحديث عمران بن حصين أو يكون أعتق أحدهما قبل الآخر وأشكل فيخرج بالقرعة كنظائره . ( وكذا لو كانت بينة أحدهما ) أي العبدين ( وارثة ) ولم تنكر الأجنبية فيعتق السابق إن علم التاريخ ، وإن لم يعلم السابق عتق أحدهما بقرعة ، ( فإن سبقت ) البينة ( الأجنبية ) تاريخا بأن قالت : أعتق سالما في أول يوم من المحرم ، أو أعتق غانما في ثانيه ( فكذبتها الوارثة ) بأن قالت : ما أعتق في أول المحرم إلا غانما عتق العبدان . أما سالم فلشهادة البينة العادلة أنه السابق ، وأما غانم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده لسبق عتقه ، ( أو سبقت ) البينة ( الوارثة ) البينة الأجنبية ، ( وهي ) أي الوارثة ( فاسقة عتقا ) ، أما غانم فلشهادة البينة العادلة بسبق عتقه ، وأما سالم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده ، ( وإن جهل أسبقهما ) أي العبدين عتقا بأن اتفقت البينتان على أنه أعتق أحد العبدين وأنهما لا يعلمان أسبقهما عتقا ( عتق واحد ) منهما ( بقرعة ) كما لو أعتقهما [ ص: 571 ] بلفظ واحد ، ( وإن قالت ) البينة ( الوارثة : ما أعتق إلا غانما ) طعنا في بينة سالم ( عتق ) غانم ( كله ) لإقرار الورثة بعتقه . ( وحكم سالم إذن كحكمه لو لم تطعن ) الورثة ( في بينة في أنه يعتق إن تقدم ) تاريخ ( عتقه أو خرجت له القرعة ) لعدم قبول طعن الوارثة في الأجنبية ; لأن الأجنبية مثبتة ، والوارثة نافية ، والمثبت مقدم على النافي ، ( وإن كانت ) البينة ( الوارثة فاسقة ولم تطعن في بينة سالم عتق ) سالم ( كله ) لشهادة البينة العادلة بعتقه ، ولا معارض لهما ، ( وينظر في غانم فمع سبق ) تاريخ ( عتق أو ) مع ( خروج القرعة له يعتق كله ) لإقرار الورثة أنه المستحق للعتق دون غيره ، ( ومع تأخره ) أي عتق غانم ( أو خروجها ) أي القرعة ( لسالم لم يعتق منه شيء ) أي غانم ; لأن بينته لو كانت عادلة لم يعتق منه إذن شيء فأولى إذا كانت فاسقة ، ( وإن كذبت ) الوارثة ( بينة سالم ) الأجنبية ( عتقا ) ; لأن سالما مشهود بعتقه وغانما مقر له بأنه لا يستحق العتق سواء ، ( وتدبير ) رقيق ( مع تنجيز ) عتق آخر بمرض الموت المخوف ( كآخر تنجيزين مع أسبقهما ) ; لأن التدبير تعليق العتق بالموت ، فوجب تأخره عن المنجز في الحياة . عمران بن حصين ،