ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين
ثم بدا لهم أي: ظهر للعزيز وأصحابه المتصدين للحل والعقد ريثما اكتفوا بأمر يوسف بالكتمان والإعراض عن ذلك من بعد ما رأوا الآيات الصارفة لهم عن ذلك البداء، وهي الشواهد الدالة على براءته - عليه السلام - وفاعل بدا إما مصدره، أو الرأي المفهوم من السياق، أو المصدر المدلول عليه بقوله: ليسجننه والمعنى: بدا لهم بداء، أو رأي، أو سجنه المحتوم قائلين: والله ليسجننه، فالقسم المحذوف وجوابه معمول للقول المقدر حالا من ضميرهم، وما كان ذلك البداء إلا باستنزال المرأة لزوجها، وقتلها منه في الذروة والغارب، وكان مطواعة لها تقوده حيث شاءت.
قال إنها قالت السدي: للعزيز: إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يخبرهم بأني راودته عن نفسه، فإما أن تأذن لي [ ص: 275 ] فأخرج فأعتذر إلى الناس، وإما أن تحبسه، فحبسه، ولقد أرادت بذلك تحقيق وعيدها؛ لتلين به عريكته، وتنقاد لها قرونته لما انصرمت حبال رجائها عن استتباعه بعرض الجمال والترغيب بنفسها وبأعوانها، وقرئ (لتسجننه) على صيغة الخطاب، بأن خاطب بعضهم العزيز ومن يليه، أو العزيز وحده على وجه التعظيم، أو خاطب به العزيز ومن عنده من أصحاب الرأي المباشرين للسجن والحبس حتى حين إلى حين انقطاع قالة الناس، وهذا بادئ الرأي عند العزيز وذويه، وأما عندها فحتى يذلله السجن ويسخره لها، ويحسب الناس أنه المجرم، وقرئ (عتى حين) بلغة هذيل.