[ ص: 270 ] بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الصافات
هي مكية، وعدها في المدني والشامي والكوفي مائة آية وآيتان وثمانون آية.
قوله عز وجل:
والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد
أقسم الله تعالى في هذه الآيات بأشياء من مخلوقاته، واختلف الناس في معناها، فقال ، ابن مسعود ، ومسروق : هي الملائكة التي تصف في السماء في عبادة الله تعالى وذكره صفوفا، وقالت فرقة: أراد كل من يصف من بني وقتادة آدم في قتال في سبيل الله، أو في صلاة وطاعة، والتقدير: والجماعات الصافات، واللفظ يحتمل أن يعم هذه المذكورات.
"الزاجرات زجرا"، قال ، مجاهد : الملائكة التي تزجر السحاب وغيره من مخلوقات الله، وقال والسدي : هي آيات القرآن المتضمنة النواهي الشرعية. قتادة
وقوله: فالتاليات ذكرا معناه: القارئات، وقال ، مجاهد : أراد الملائكة التي تتلو ذكره، وقال والسدي : أراد بني قتادة آدم الذين يتلون كتبه المنزلة، وتسبيحه وتكبيره، ونحو ذلك.
وقرأ ، أبو عمرو : [والصافات صفا] بالإدغام، وهي قراءة وحمزة ، [ ص: 271 ] ابن مسعود ، ومسروق . وقرأ الباقون وجمهور الناس بالإظهار، وكذلك في كلها، قال والأعمش : "والإظهار اختيارنا"، وأما "الحاملات وقرا" و"الجاريات يسرا" فلا يجوز فيهما الإدغام لبعد التاء من الحرفين. أبو حاتم
ثم بين تعالى المقسم عليه أنه توحيده، وأنه واحد، أي: متحد في جميع الجهات التي ينظر فيها المفكر. ثم وصف تعالى نفسه بربوبيته جميع المخلوقات، وذكر "المشارق" لأنها مطالع الأنوار، والعيون بها أكلف، وفي ذكرها غنية عن ذكر المغارب; إذ معادلتها لها مفهومة عند كل ذي لب، وأراد تبارك وتعالى مشارق الشمس وهي مائة وثمانون في السنة فيما يزعمون، من أطول أيام السنة إلى أقصرها، ثم أخبر عن قدرته بتزيين السماء بالكواكب، وانتظم في ذلك التزيين أن جعلها حفظا وحرزا من الشياطين المردة، وهم مسترقو السمع.
وقرأ الجمهور بإضافة "الزينة" إلى "الكواكب"، وقرأ ، حمزة وحفص عن بتنوين (زينة) وخفض (الكواكب) على البدل منها، وهي قراءة عاصم ، ابن مسعود - بخلاف عنه - ومسروق وأبي زرعة بن عمر بن جرير ، ، وابن وثاب . وقرأ وطلحة عن أبو بكر : "بزينة" بالتنوين [الكواكب] بالنصب، وهي قراءة عاصم ، ابن وثاب ، وأبي عمرو ، والأعمش ، وهذا في الإعراب نحو قوله تعالى: ومسروق أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا وحكى قراءة بتنوين: "زينة" ورفع "الكواكب". الزهراوي
و"المارد": المتجرد للشر، ومنه: شجرة مرداء، أي: لا ورق عليها، ومنه: الأمرد. وخص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا، وأيضا فالحفظ [ ص: 272 ] من الشيطان إنما هو فيها وحدها. و"حفظا" نصب على المصدر، وقيل: مفعول من أجله، والواو زائدة.