فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون
فلا تضربوا لله الأمثال فلا تجعلوا له مثلا تشركونه به ، أو تقيسونه عليه فإن ضرب المثل تشبيه حال بحال . إن الله يعلم فساد ما تعولون عليه من القياس على أن عبادة عبيد الملك أدخل في التعظيم من عبادته وعظم جرمكم فيما تفعلون . وأنتم لا تعلمون ذلك ولو علمتموه لما جرأتم عليه فهو تعليل للنهي ، أو أنه يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمونه فدعوا رأيكم دون نصه ، ويجوز أن يراد فلا تضربوا لله الأمثال فإنه يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون . ثم علمهم كيف يضرب فضرب مثلا لنفسه ولمن عبد دونه فقال :
ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون مثل ما يشرك به بالمملوك العاجز عن التصرف رأسا ومثل نفسه بالحر المالك الذي رزقه الله مالا كثيرا فهو يتصرف فيه وينفق منه كيف يشاء ، واحتج بامتناع الاشتراك والتسوية بينهما مع تشاركهما في الجنسية والمخلوقية على امتناع التسوية بين الأصنام التي هي أعجز المخلوقات وبين الله الغني القادر على الإطلاق .
[ ص: 235 ] وقيل هو تمثيل للكافر المخذول والمؤمن الموفق ، وتقييد العبد بالمملوكية للتمييز عن الحر فإنه أيضا عبد الله وبسلب القدرة للتمييز عن المكاتب والمأذون وجعله قسيما للمالك المتصرف يدل على أن المملوك لا يملك ، والأظهر أن (من) نكرة موصوفة ليطابق عبدا ، وجمع الضمير في يستوون لأنه للجنسين فإن المعنى هل يستوي الأحرار والعبيد ؟ الحمد لله كل الحمد له ، لا يستحقه غيره فضلا عن العبادة لأنه مولى النعم كلها . بل أكثرهم لا يعلمون فيضيفون نعمة إلى غيره ويعبدونه لأجلها .