قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون
قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق بنصب الحجج وإرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام والتوفيق للنظر والتدبر ، وهدى كما يعدى بإلى لتضمنه معنى الانتهاء يعدى باللام للدلالة على أن المنتهى غاية الهداية وأنها لم تتوجه نحوه على سبيل الاتفاق ولذلك عدى بها ما أسند إلى الله تعالى . قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى أم الذي لا يهتدي إلا أن يهدى من قولهم : هدي بنفسه إذا اهتدى ، أو لا يهدي غيره إلا أن يهديه الله وهذا حال أشراف شركائهم كالملائكة والمسيح وعزير ، وقرأ ابن كثير عن وورش نافع وابن عامر يهدي بفتح الهاء وتشديد الدال . وحفص بالكسر والتشديد والأصل يهتدي فأدغم وفتحت الهاء بحركة التاء أو كسرت لالتقاء الساكنين . وروى ويعقوب أبو بكر يهدي بإتباع الياء الهاء . وقرأ بالإدغام المجرد ولم يبال بالتقاء الساكنين لأن المدغم في حكم المتحرك . وعن أبو عمرو برواية نافع مثله وقرئ « إلا أن يهدي » للمبالغة قالون فما لكم كيف تحكمون بما يقتضي صريح العقل بطلانه . وما يتبع أكثرهم فيما يعتقدونه . إلا ظنا مستندا إلى خيالات فارغة وأقيسة فاسدة كقياس الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة ، والمراد بالأكثر الجميع أو من ينتمي منهم إلى تمييز ونظر ولا يرضى بالتقليد الصرف . إن الظن لا يغني من الحق من العلم والاعتقاد [ ص: 113 ] الحق . شيئا من الإغناء ويجوز أن يكون مفعولا به و من الحق حالا منه ، وفيه دليل على أن تحصيل العلم في الأصول واجب والاكتفاء بالتقليد والظن غير جائز . إن الله عليم بما يفعلون وعيد على اتباعهم للظن وإعراضهم عن البرهان .