فإن قلت: ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله: لكم فاعلموا بعد قوله: ( قل ) ؟
قلت: معناه: فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين; لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين كانوا يتحدونهم، وقد قال في موضع آخر: فإن لم يستجيبوا لك فاعلم [القصص: 50]، ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كقوله [من الطويل]:
[ ص: 188 ]
فإن شئت حرمت النساء سواكم ... .................................
ووجه آخر: وهو أن يكون الخطاب للمشركين، والضمير في "لم يستجيبوا" لمن استطعتم، يعني: فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه، وأن طاقتهم أقصر من أن تبلغه، فاعلموا أنما أنزل بعلم الله أي: أنزل ملتبسا بما لا يعلمه إلا الله، من نظم معجز للخلق، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه، "و": اعلموا عند ذلك، وأن لا إله إلا : الله وحده، وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم، فهل أنتم مسلمون : مبايعون بالإسلام بعد هذه الحجة القاطعة، وهذا وجه حسن مطرد، ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه: فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه، وازدادوا يقينا وثبات قدم على أنه منزل من عند الله وعلى التوحيد، ومعنى: "فهل أنتم مسلمون": فهل أنتم مخلصون؟