ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون
ولما سكت عن موسى الغضب : هذا مثل ; كأن الغضب كان يغريه على ما [ ص: 514 ] فعل ، ويقول له : قل لقومك كذا ، وألق الألواح ، وجر برأس أخيك إليك ، فترك النطق [ ص: 515 ] بذلك ، وقطع الإغراء ، ولم يستحسن هذه الكلمة ، ولم يستفصحها كل ذي طبع سليم ، وذوق صحيح إلا لذلك ; ولأنه من قبيل شعب البلاغة ، وإلا فما لقراءة "ولما سكن عن معاوية بن قرة : موسى الغضب" ، لا تجد النفس عندها شيئا من تلك الهزة ، وطرفا من تلك الروعة .
وقرئ : "ولما سكت" ، و “ أسكت" ، أي : أسكته الله ، أو أخوه باعتذاره إليه وتنصله ، والمعنى : ولما طفئ غضبه أخذ الألواح : التي ألقاها وفي نسختها : وفيما نسخ منها ، أي : كتب ; و “ النسخة" : فعلة ، بمعنى : مفعول ، كالخطبة لربهم يرهبون : دخلت اللام لتقدم المفعول ; لأن تأخر الفعل عن مفعوله يكسبه ضعفا ; ونحوه : للرؤيا تعبرون [يوسف : 43] ، وتقول : لك ضربت .