فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا
فئتين نصب على الحال ، كقولك : ما لك قائما؟ روي أن قوما من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى البدو معتلين باجتواء المدينة ، فلما خرجوا لم يزالوا راحلين مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين ، فاختلف المسلمون فيهم ، فقال بعضهم : هم كفار ، وقال بعضهم : هم مسلمون ، وقيل : كانوا قوما هاجروا من مكة ، ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا ، وقيل : هم قوم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ثم رجعوا ، وقيل : هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يسارا ، وقيل : هم قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة ، ومعناه : ما لكم اختلفتم في شأن قوم نافقوا نفاقا ظاهرا وتفرقتم فيه فرقتين وما لكم لم تبتوا القول بكفرهم والله أركسهم أي : ردهم في حكم المشركين كما كانوا بما كسبوا من ارتدادهم ولحوقهم بالمشركين واحتيالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أركسهم في الكفر بأن خذلهم حتى أركسوا فيه; لما علم من مرض قلوبهم أتريدون أن تهدوا : أن تجعلوا من جملة المهتدين من أضل الله : من جعله من جملة الضلال ، وحكم عليه بذلك أو خذله حتى ضل ، وقرئ : "ركسهم" ، و "ركسوا فيها" .