الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال
الله يعلم : يحتمل أن يكون كلاما مستأنفا، وأن يكون المعنى: هو الله، تفسيرا لهاد على الوجه الأخير، ثم ابتدئ فقيل: يعلم ما تحمل كل أنثى ، و"ما" في "ما تحمل"، "وما تغيض"، "وما تزداد" إما: موصولة، وإما مصدرية، فإن كانت موصولة، فالمعنى: أنه يعلم ما تحمله من الولد على أي حال هو، من ذكورة وأنوثة، وتمام وخداج، وحسن وقبح، وطول وقصر، وغير ذلك من الأحوال الحاضرة والمترقبة، [ ص: 336 ] ويعلم ما تغيضه الأرحام: أي: تنقصه، يقال: غاض الماء وغضته أنا، ومنه قوله تعالى: وغيض الماء [هود: 44]، وما تزداده: أي: تأخذه زائدا، تقول: أخذت منه حقي، وازددت منه كذا، ومنه قوله تعالى: وازدادوا تسعا ، ويقال: زدته فزاد بنفسه وازداد، ومما تنقصه الرحم وتزداده عدد الولد، فإنها تشتمل على واحد، وقد تشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة، ويروى أن شريكا كان رابع أربعة في بطن أمه، ومنه جسد الولد، فإنه يكون تاما ومخدجا، ومنه مدة ولادته، فإنها تكون أقل من تسعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند ، وإلى أربع عند أبي حنيفة ، وإلى خمس عند الشافعي ، وقيل: إن مالك ولد لسنتين، الضحاك بقي في بطن أمه أربع سنين، ولذلك سمي وهرم بن حيان ومنه الدم، فإنه يقل ويكثر، وإن كانت مصدرية، فالمعنى: أنه يعلم حمل كل أنثى، ويعلم غيض الأرحام وازديادها، لا يخفي عليه شيء من ذلك، ومن أوقاته وأحواله، ويجوز أن يراد غيوض ما في الأرحام وزيادته، فأسند الفعل إلى الأرحام وهو لما فيها، على أن الفعلين غير متعديين، ويعضده قول هرما، الغيضوضة أن تضع لثمانية أشهر أو أقل من ذلك، والازدياد أن تزيد على تسعة أشهر، وعنه الغيض الذي يكون سقطا لغير تمام، والازدياد ما ولد لتمام، "بمقدار": بقدر واحد لا يجاوزه ولا ينقص عنه، كقوله: الحسن: إنا كل شيء خلقناه بقدر [القمر: 49]، "الكبير": العظيم الشأن الذي كل شيء دونه، "المتعال": المستعلي على كل شيء بقدرته، أو الذي كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها.