قوله عز وجل: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه كان من الجن على ما ذكره الله تعالى. ومنع قائل هذا بعد ذلك أن يكون من الملائكة لأمرين: أحدهما: أن له ذرية ، والملائكة لا ذرية لهم.
الثاني: أن الملائكة رسل الله سبحانه ولا يجوز عليهم الكفر ، وإبليس قد كفر ، قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط ، وإنه لأصل الجن كما أن الحسن آدم أصل الإنس.
[ ص: 314 ] الثاني: أنه من الملائكة ، ومن قالوا بهذا اختلفوا في معنى قوله تعالى كان من الجن على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما قاله أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجن. قتادة
الثاني: ما قاله ، أنه كان من الملائكة من خزان الجنة ومدبر أمر السماء الدنيا فلذلك قيل من الجن لخزانة الجنة ، كما يقال مكي وبصري. ابن عباس
الثالث: أن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم ، وخلق سائر الملائكة من نور ، قاله ، قاله سعيد بن جبير : خلق إبليس من نار وإلى النار يعود. الحسن
الثالث: أن إبليس لم يكن من الإنس ولا من الجن ، ولكن كان من الجان ، وقد مضى من ذكره واشتقاق اسمه ما أغنى. ففسق عن أمر ربه فيه وجهان: أحدهما: أن الفسق الاتساع ومعناه اتسع في محارم الله تعالى.
الثاني: أن الفسق الخروج أي خرج من طاعة ربه ، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها ، وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من حجرها ، قال رؤبة بن العجاج:
يهوين من نجد وغور غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا
وفي قوله تعالى: بئس للظالمين بدلا وجهان: أحدهما: بئس ما استبدلوا بطاعة الله طاعة إبليس ، قاله . قتادة
الثاني: بئس ما استبدلوا بالجنة النار.