لن تنفعكم أرحامكم دفع لما عسى أن يتخيلوا كونه عذرا نافعا من أن الداعي للاتخاذ وإلقاء المودة صيانة الأرحام والأولاد من أذى أولئك . والرحم في الأصل رحم المرأة ، واشتهر في القرابة حتى صار كالحقيقة فيها ، فإما أن يراد به ذلك أو يجعل مجازا عن القريب ، أو يعتبر معه مضاف أي ذوو أرحامكم ، ويؤيد التأويل عطف قوله تعالى : ولا أولادكم أي لن ينفعكم قراباتكم أو أقاربكم ولا أولادكم الذين توالون المشركين لأجلهم وتتقربون إليهم محاماة عليهم يوم القيامة بدفع ضر أو جلب نفع يفصل بينكم استئناف لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد يومئذ أي يفرق الله تعالى بينكم بما يكون من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر حسبما نطق به قوله تعالى : يوم يفر المرء من أخيه [عبس : 34] الآية فلا ينبغي أن يرفض حق الله تعالى وتوالى أعداؤه سبحانه لمن هذا شأنه ، وما أشرنا إليه من تعلق يوم القيامة بالفعل قبله هو الظاهر ، وجوز تعلقه - بيفصل - بعده .
وقرأ حمزة والكسائي - يفصل - بضم الياء وتشديد الصاد مبنيا للفاعل ، وقرأ وابن وثاب أبو حيوة كذلك إلا أنهما خففا ، وابن أبي عبلة وطلحة - نفصل النون مضمومة والتشديد والبناء للفاعل ، وهما أيضا والنخعي بالنون مفتوحة مخففا مبنيا للفاعل ، وزيد بن علي وأبو حيوة أيضا بالنون مضمومة .
وقرأ الأعرج وعيسى « يفصل » بالياء والتشديد والبناء للمفعول ، وجمهور القراء كذلك إلا أنهم خففوا ، ونائب الفعل إما وابن عامر بينكم وهو مبني على الفتح لإضافته إلى متوغل في البناء كما قيل ، وإما ضمير المصدر المفهوم من الفاعل أي يفصل هو أي الفصل والله بما تعملون بصير فيجازيكم به .