( وإذا ) بعد أن بنى أو غرس ( إن كان ) المعير ( شرط القلع ) ( مجانا ) أي بلا بدل ( لزمه ) عملا بالشرط فإن امتنع فللمعير القلع ويلزم المستعير أيضا تسوية حفر إن شرطها وإلا فلا وصوب أعار للبناء أو ) لغرس ( الغراس ولم يذكر مدة ثم رجع السبكي ومن تبعه حذف مجانا كما فعله النص والجمهور ، وكذا الشيخان في الإجارة فذكره غير شرط للقلع بل للقلع بلا أرش ولو اختلفا في وقوع شرط القلع مجانا صدق المعير كما بحث الأذرعي كما لو اختلفا في أصل العارية لأن من صدق في شيء صدق في صفته ، وقال غيره يصدق المستعير لأن الأصل عدم الشرط واحترام ماله وهذا أوجه ولا ينافيه ما مر عن الجلال البلقيني كما هو ظاهر بأدنى تأمل ( وإلا ) يشرط عليه القلع ( فإن اختار المستعير القلع ) أراد به ما يعم الهدم بقرينة ذكره بعدهما ( قلع ) بلا أرش لأنه ملكه وقد رضي بنقصه ( ولا يلزمه تسوية الأرض في الأصح ) لأن الإعارة مع علم المعير بأن للمستعير أن يقلع رضا بما يحدث من القلع ( قلت الأصح تلزمه والله أعلم ) لأنه قلع باختياره ولو امتنع منه لم يجبر عليه فيلزمه إذا قلع ردها إلى ما كانت عليه وهو المراد بالتسوية حيث أطلقت فلا يكلف ترابا آخر لو لم يكف الحفر ترابها وبحث السبكي وغيره أن محله في الحفر الحاصلة بالقلع
قال الأذرعي وكلام الأصحاب مصرح بهذا التصوير بخلاف الحاصلة في مدة العارية لا حل الغرس والبناء لحدوثها بالاستعمال وهو ظاهر ، ولو حفر زائدا على حاجة القلع لزمه طم الزائد جزما ( فإن لم يختر ) القلع ( لم يقلع مجانا ) لوضعه بحق ( بل للمعير الخيار ) لأنه المحسن ولأنه مالك الأرض وهي الأصل ( بين أن يبقيه بأجرة ) لمثله واستشكلت بأن المدة مجهولة قال الإسنوي وأقرب ما يمكن سلوكه [ ص: 431 ] ما مر في بيع حق البناء دائما على الأرض بعوض حال بلفظ بيع أو إجارة فينظر لما شغل من الأرض ثم يقال لو أوجر هذا النحو بناء دائما بحال كم يساوي فإذا قيل كذا أوجبناه وعليه يتجه أن له إبدال ما قلع لأنه بذلك التقدير ملك منفعة الأرض على الدوام ( أم يقلع ) أو يهدم البناء ، وإن وقف مسجدا ( ويضمن أرش نقصه ) وهو قدر ما بين قيمته قائما ومقلوعا ولا بد من ملاحظة كونه مستحق الأخذ لنقص قيمته حينئذ وقضية ضمانه ذلك أن مؤنة القلع أو الهدم عليه أيضا واعتمده في التدريب كالكفاية فإنه لما نقل فيها عن الإمام أن الظاهر من كلام المعظم أنها على المستعير قال وفي كلام الأصحاب ما يدل على أنها على المعير كما عليه ما ينقصه القلع وهو متجه جدا ا هـ لكنه ناقض نفسه في المطلب فإن ظاهر كلامه أنها على المستعير كالمستأجر وتبعه شارح حيث رد الأول بأن المؤنة في نظيره من الإجارة على المستأجر فالمستعير أولى منه أما أجرة نقل النقص فعلى مالكه قطعا
( قيل أو يتملكه ) بعقد مشتمل على إيجاب وقبول ( بقيمته ) حال التملك مستحق القلع والأصح كنظائره من الشفعة وغيرها ، ومن ثم قيل إنهما جزما به في مواضع وجري عليه هنا جمع متأخرون ولم يعتمدوا ما في الروضة هنا من تخصيص التخير بالتملك والقلع ولا ما في المتن فيتخير بين الثلاثة ، وقد يتعين الأول بأن بنى أو غرس شريك بإذن شريكه ، ثم رجع أو الثاني إذا لم يكن فيه نقص أو أحد الأولين فقط بأن وقف المستعير البناء أو الغراس فيمتنع التملك بالقيمة خلافا ، ولو وقف الأرض [ ص: 432 ] تخير أيضا لكن لا يفعل الأول إلا إذا كان أصلح للوقف من الثاني ولا الأخير إلا إذا كان في شرط الواقف جواز تحصيل مثل ذلك البناء والغراس من ريعه وينبغي أن يقيد بهذا قول لابن الصلاح ابن الحداد في أرض وقفت بعد البناء فيها بإجارة يقلع البناء مجانا وخالفه الروياني فرأي أنه قبل مضي مدة الإجارة لا يطالب بالقلع ، وكذا بعدها إلا إن شرط عليه وإلا دفع المتولي قيمته إن رأى فيه الخط لأن الوقف ورد بعد استحقاق البناء أي فطروه بعد الإجارة المقتضية للقلع بالأرش أو التملك لا يغير حكمها ، ولو كان على الشجر ثمر لم يبد صلاحه فلا تخيير إلا بعد الجذاذ كما في الكفاية عن الإمام والقاضي كما في الزرع لأن له أمدا ينتظر قال الإسنوي لكن المنقول في نظيره من الإجارة هو التخيير ، ثم إن اختار التملك تملك الثمرة أيضا إن كانت غير مؤبرة وإلا أبقاها إلى أو أن الجذاذ ، وإن أراد القلع غرم أرش نقص الثمرة أيضا وإذا اختار ما له اختياره لزم المستعير موافقته فإن أبي كلف تفريغ الأرض مجانا لتقصيره
( فإن لم يختر ) المعير شيئا مما ذكر ( لم يقلع مجانا إن بذل المستعير الأجرة ) لانتفاء الضرر ( وكذا إن لم يبذلها في الأصح ) لأن المعير مقصر بتركه الاختيار راض بإتلاف منافعه ( ثم ) عليه ( قيل يبيع الحاكم الأرض وما فيها ) من بناء وغراس ( ويقسم بينهما ) على الكيفية السابقة في رهن الأم دون ولدها فصلا للخصومة ( والأصح أنه يعرض عنهما حتى يختارا شيئا ) لأن المستعير لا تقصير منه فكيف يجبر على إزالة ملكه والمعير ، وإن قصر لكن الضرر عليه فقط وإجبار الحاكم إنما هو لإزالة الضرر المتعدي للغير كبيع مال مدين امتنع عن الوفاء [ ص: 433 ] وقوله يختارا المحكي عن خطه هنا وعن أصله وأكثر نسخ الشرحين ينافيه إسقاط الألف من خطه في الروضة وصحح عليه واستحسنه السبكي وصوبه الإسنوي لأن اختيار المعير كاف في فصل الخصومة ورجح الأذرعي إثباتها لأنه الموافق لتعبير جمع بأنه يقال لهما انصرافا حتى تصطلحا على شيء ولأنه قد يختار المعير ما لا يجبر عليه المستعير ولا يوافقه ا هـ والوجه صحة كل من التعبيرين أما الأول فلأن المعير هو المخير أولا فصح إسناد الاختيار إليه وحده وقد صرح ابن الرفعة وغيره بأنه إذا عاد وطلب شيئا من الخصال الثلاث أجيب كالابتداء وإن اختار شيئا من غير الثلاث ووافقه المستعير انفصل الأمر وإلا استمر الإعراض عنهما على أنه مع حذف الألف يصح الإسناد لأحدهما الشامل للمستعير لأنه إذا اختار ما له اختياره كالقلع مجانا انفصلت الخصومة أيضا .
وأما الثاني فلأن المعير وإن كان هو الأصل لكن لا يتم الأمر عند اختيار غير الثلاث إلا بموافقة المستعير فصح الإسناد إليهما ( و ) في حالة الإعراض عنهما إلى الاختيار يجوز ( للمعير دخولها والانتفاع بها ) لأنها ملكه وله الاستناد إلى بقاء المستعير وغراسه والاستظلال بهما وإن منعه كما مر في الصلح وتخيل فرق بينهما غير صحيح وإطلاق جمع امتناع الاستناد إليه محمول على ما يضر ، ولو أدنى ضرر حالا أو مآلا ( ولا يدخلها المستعير بغير إذن ) من المعير ( لتفرج ) وغيره من الأغراض التافهة كالأجنبي وهي مولدة قيل لعلها من انفراج الهم أي انكشافه ( ويجوز ) دخوله ( للسقي والإصلاح ) للبناء بغير آلة أجنبية ونحوهما كاجتناء الثمر ( في الأصح ) صيانة لملكه عن الضياع فإن عطل بدخوله منفعة تقابل بأجرة لزمته أما إصلاح البناء بآلة أجنبية فلا يمكن منه لأن فيه ضررا بالمعير لأنه قد يختار التملك أو النقض مع الغرم فيزيد الغرم عليه من غير حاجة إليه بخلاف إصلاحه بآلته كما إن سقي الشجر يحدث فيها زيادة عين وقيمة ( ولكل ) منهما ( بيع ملكه ) من صاحبه وغيره ويثبت للمشتري من كل ما كان لبائعه أو عليه مما ذكر نعم له الفسخ إن جهل الحال ( وقيل ليس للمستعير بيعه لثالث ) لأن ملكه غير مستقر إذ للمعير تملكه ورد بأن غايته أنه كشقص مشفوع وقيل ليس للمعير ذلك أيضا للجهل بأمد البناء والغراس ، ولو اتفقا على بيع الكل لثالث بثمن واحد جاز للضرورة [ ص: 434 ] ووزع كما مر .