[ ص: 421 ] ( كتاب أمهات )
بضم الهمزة وكسرها مع فتح الميم وكسرها جمع أم وأصلها أمهة كما في الصحاح فهو جمع للفرع دون الأصل ، لكن لما كان ما يثبت للفرع يثبت لأصله غالبا تسمح الشارح فجعلها نقلا عنه جمعا لأمهة وكأنه قربه مما قيل : هذا الجمع مخالف للقياس ؛ لأن مفرده اسم جنس مؤنث بغير تاء ونظيره سماء وسماوات ويجمع على أمهات لكن الأول غالب في الناس ، والثاني غالب في غيرهم ( الأولاد ) ختم بأبواب العتق تفاؤلا وختمها بهذا ؛ لأنه قهري فهو أقواها ، لكن لشائبة قضاء الوطر فيه توقف ابن عبد السلام في كونه قربة ويجاب بأن للوسائل حكم المقاصد فلا بعد مع ذلك في كونه قربة [ ص: 422 ] والأصل فيه الأخبار الصحيحة منها { أنه صلى الله عليه وسلم استولد مارية القبطية بإبراهيم } وقال : أعتقها ولدها أي : أثبت لها حق الحرية ؛ لأنه انعقد حرا إجماعا ، ومن ثم لما تناظر ابن سريج وابن داود الظاهري في بيعها فقال ابن داود : أجمعنا على فيستصحب قال أنها تباع قبل الولادة ابن سريج : أجمعنا على فيستصحب فانقطع أنها لا تباع ما دامت حاملا ابن داود ، لكن كان من الممكن أن يجيب بأن المنع هنا لطرو سبب هو الحمل وما طرأ لسبب زال بزواله لحدوث تنجس المال الكثير بتغيره ، وقد يرد زواله ؛ لأن السبب ليس هو مجرد حملها به بل كون جزئها ثبت له الحرية ابتداء منجزة فسرت إليها تبعا ، لكن منتظرة كما هو شأن تراخي التابع عن متبوعه وهذا الوصف لم يزل فكان الحق ما استدل به ابن سريج .
( إذا ) آثرها على إن ؛ لأنها تختص بالمشكوك ، والموهوم ، والنادر ، بخلاف إذا للمتيقن ، والمظنون ، ولا شك أن إحبال الإماء كثير مظنون بل متيقن ونظيره { إذا قمتم إلى الصلاة } { ، وإن كنتم جنبا } خص الوضوء بإذا لتكرره وكثرة أسبابه ، والجنابة بإن لندرتها ولكثرة اللهو عن الموت حتى صار كأنه منسي مشكوك فيه أتى بإن معه في نحو { ولئن متم } وأتى بإذا في { وإذا مس الناس ضر } مع أن الموضع لإن نحو { ، وإن تصبهم سيئة } لندرتها مبالغة في تخويفهم وإخبارهم بأنه لا بد أن يمسهم شيء من العذاب ، وإن قل كما أشار إليه تنكير ضر ولفظ المس ( أحبل ) حر كله وكذا بعضه ولو مجنونا ومكرها ومحجور سفه وكذا فلس على المنقول الذي اعتمده البلقيني كابن الرفعة ، لكن رجح السبكي خلافه وتبعه الأذرعي والزركشي . وخرج بالحر ؛ لما مر أنه ليس من أهل الولاء ( أمته ) أي : من له فيها ملك ، وإن قل ؛ لما قدمه في العتق بقوله : واستيلاد أحد الشريكين الموسر يسري ومثله استيلاد أصل أحدهما ولو كانت مزوجة ، أو محرمة ، أو مسلمة ، وهو كافر ويحال بينه وبينها كما لو المكاتب [ ص: 423 ] فلا تعتق بموته أمته ولا ولدها كأن استدخلت ذكره ، أو ماءه المحترم ( فولدت ) في حياة السيد ، أو بعد موته بمدة يحكم بثبوت نسبه منه ، وفي هذه الصورة الأوجه كما رجحه بعضهم أنها تعتق من حين الموت فتملك كسبها بعده ( حيا أو ميتا ) بشرط أن ينفصل كله على ما اقتضاه . أسلمت مستولدته أو حبلت من غير فعله
قولهما في العدد تبقى مع انفصال بعضه كمنع إرثه وعدم إجزائه عن الكفارة ووجوب الغرة بالجناية على الأم حينئذ وكونه يتبعها في نحو البيع ، والهبة ، والعتق . ا هـ . وصرح غيرهما بأنه لا يثبت له حكم المنفصل إلا في مسألتين : الصلاة عليه إذا علمت حياته قبل انفصال كله ، وإن مات قبل ذلك ، والقود ممن حز رقبته ، وقد علمت حياته قبل ذلك أيضا ، لكن قال غير واحد : إن انفصال الكل لا يشترط هنا أيضا وهو صريح . قوله ( أو ما تجب فيه غرة ) كأن وضعت عضوا منه ، وإن لم تضع الباقي ، أو مضغة فيها تخطيط ظاهر ولو للقوابل ، بخلاف ما إذا لم يكن فيها تخطيط كذلك ، وإن قلن : لو بقي لتخطط وإنما انقضت به العدة ؛ لأن الغرض ثم براءة الرحم [ ص: 424 ] وهنا ما يسمى ولدا ( عتقت ) هو ناصب إذا عند الجمهور ، والمحققون على أن ناصبها شرطها ( بموت السيد ) ولو بقتلها له للخبر الصحيح { أحكام الجنين ، وفي رواية عن دبر منه أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته } .
وروى عن البيهقي عمر رضي الله عنه أن السقط كغيره ، وقد لا تعتق بموته كأن ، أو لعبده المدين المأذون له في التجارة ، أو لمورثه ، وقد تعلق بالتركة دين ، وهو معسر ومات كذلك وكأن ولدت منه أمة له مرهونة ، أو جانية تعلق برقبتها مال ورد استثناء هذه بزوال ملكه عنها بمجرد النذر ، وكأن نذر مالكها التصدق بها أو بثمنها ، ثم استولدها فلا ينفذ إيلاده مع أنها ملكه ؛ لئلا تبطل الوصية وكأن أوصى بعتق أمة تخرج من ثلثه فأولدها الوارث فيلحقه ، وإن لم يحكم ببلوغه قال وطئ صبي له تسع سنين أمته فولدت لأكثر من ستة أشهر البلقيني : وظاهر كلامهم أنه لا يثبت استيلاده أي : ويفرق بأنه يحتاط للنسب ما لا يحتاط لغيره ( تنبيه )
القياس بموته ، لكن ؛ لما أوهم العتق وإن انتقلت عنه بمسوغ شرعي أظهر الضمير ليبين أنها إنما تعتق إن كان سيدها وقت الموت