في غير صلاة فاقد الطهورين من الجنب لحرمتها عليه وصلاة الجنازة لكراهتها فيها وذلك للأخبار الكثيرة الصحيحة في ذلك ولم تجب للحديث الصحيح { ( ويسن ) في سرية وجهرية لإمام ومنفرد كمأموم لم يسمع ( سورة بعد الفاتحة ) أم القرآن } عوض من غيرها وليس غيرها عوضا منها ويحصل أصل سنتها [ ص: 52 ] بآية بل ببعضها إن أفاد على الأوجه والأفضل ثلاث وسورة كاملة أفضل من بعض طويلة وإن طال من حيث الاتباع الذي قد يربو ثوابه على زيادة الحروف نظير صلاة ظهر يوم النحر للحاج بمنى دون مسجد مكة في حق من نزل إليه لطواف الإفاضة إذ الاتباع ثم يربو على زيادة المضاعفة فاندفع ما لكثيرين هنا ، ثم البعض في التراويح أفضل كما أفتى به وعلله بأن السنة القيام في جميعها بالقرآن ومثلها نحو سنة الصبح لورود البعض فيها أيضا . ابن الصلاح
وأفهم قوله بعد الفاتحة أنه لو قدمها عليها لم تحسب كما لو كرر الفاتحة إلا إذا لم يحفظ غيرها على الأوجه ( إلا ) في الركعة ( الثالثة ) من المغرب وغيرها ( والرابعة ) من الرباعية وما بعد أول تشهد من النوافل ( في الأظهر ) لثبوته من فعله صلى الله عليه وسلم ومقابله ثبت في من فعله صلى الله عليه وسلم أيضا وقاعدة تقديم المثبت على النافي تؤيده فلذا صححه أكثر مسلم العراقيين واختاره السبكي وعليه يكون أقصر من الأوليين لندب تقصير الثانية عن الأولى كما صرح به الخبر ولأن النشاط في الأول وما يليه أكثر وبه يتوجه مخالفتهم لتلك القاعدة وحملهم قراءتها فيهما على بيان الجواز لأن المعروف المستمر من أحواله صلى الله عليه وسلم رعاية النشاط أكثر من غيره ( قلت فإن سبق بهما ) أي بالثالثة والرابعة من صلاة نفسه كما يأتي بيانه أو بالأوليين الدال عليهما سياقه من صلاة إمامه بأن لم يدركهما منها معه وإنما أدركه في الثالثة والرابعة منها [ ص: 53 ] أو من صلاة نفسه بأن أدركهما منها معه لكنه لم يتمكن من قراءة السورة فيهما ( قرأها فيهما ) أي في الثالثة والرابعة بالنسبة للمأموم حين تداركهما في الحالة الأولى أو الثانية أو بالنسبة للإمام أو الأولى والثانية بالنسبة للمأموم وهو خلف الإمام في الحالة الثانية فيهما إن تمكن لنحو بطء قراءة الإمام ما لم تسقط عنه لكونه مسبوقا فيما أدركه لأن الإمام إذا تحمل عنه الفاتحة فالسورة أولى ( والله أعلم ) لئلا تخلو صلاته من السورة بلا عذر وإنما قضى السورة دون الجهر لأن السنة آخر الصلاة ترك الجهر وليست السنة آخرها ترك السورة بل لا يسن فعلها وبين العبارتين فرق واضح .
( تنبيه ) ما قررت به المتن من أن الضمير الأول والثاني للأوليين أو للثالثة والرابعة باعتبارين هو التحقيق الذي يجمع به بين كلام الشارحين وغيرهم المتناقض في ذلك ، أو أكثرهم على عود الأول للأوليين والثاني للأخيرتين وزعم بعضهم أن عودهما معا أو الأول وحده للأخيرتين ممتنع لأنه لا يعقل سبقه بهما مع إدراك الأوليين لا بالنسبة لصلاة نفسه ولا بالنسبة [ ص: 54 ] لصلاة الإمام يرده ما قررته من الاعتبارين المذكورين وفي المجموع عن التبصرة متى أمكن المسبوق قراءة السورة في أولييه لنحو بطء قراءة الإمام قرأها المأموم معه ولا يعيدها في أخرييه أي وإن لم يقرأها معه ويوجه بأنه لما تمكن فترك عد مقصرا فلم يشرع له تدارك قال عنها ومتى لم يمكنه ذلك قرأها في أخرييه ، وعلى هذا لو أدرك ثانية رباعية وأمكنته السورة في أولييه تركها في الباقي أي لتقصيره كما علم مما قدمته وإن تعذرت في ثانيته دون ثالثته قرأها فيها ولا يقرؤها في رابعته أي بخلاف ما إذا لم تمكنه في ثالثته فيقرؤها في رابعته كما أفهمه كلامه ا هـ بل الأولى عودهما معا للأخيرتين لأنهما الملفوظ به الأقرب الذي يمنع تشتت الضمير ولا إشكال عليه لأنه إذا أدرك ثالثة الإمام ورابعته ولم يتمكن فيهما من السورة صار الذي أدركه مع الإمام أولى نفسه والذي فاته معه ثالثة نفسه ورابعته وحينئذ يصدق على هذه الصورة أنه سبق بالثالثة والرابعة من صلاة نفسه وأنه يقرأ في الثالثة والرابعة حين تداركهما ولظهور هذا سلكه الشارح المحقق واعتراض بعض الشارحين عليه علم رده مما قررته فتأمله وخرج بفيهما صلاة المغرب فإن سبق بالأوليين بالاعتبار السابق وتمكن من قراءة سورتهما في الثالثة قرأهما فيها أخذا من قولهم لئلا تخلو عنهما صلاته أو بالأولى قرأها في الثانية والثالثة كما علم مما مر ويأتي في التمكن مع التفويت هنا ما مر آنفا من عدم التدارك .