1844 - مسألة : ، فإن ولا يحل لأحد أن يخطب امرأة معتدة من طلاق أو وفاة فسخ أبدا - دخل بها أو لم يدخل ، طالت مدته معها أو لم تطل - ولا توارث بينهما ، ولا نفقة لها عليه ، ولا صداق ولا مهر لها . تزوجها قبل تمام العدة
فإن كان أحدهما عالما فعليه حد الزنا من الرجم والجلد ، وكذلك إن علما جميعا ، ولا يلحق الولد به إن كان عالما .
وإن كانا جاهلين فلا شيء عليهما ، فإن كان أحدهما جاهلا ، فلا حد على الجاهل ، فإن كان هو الجاهل فالولد به لاحق ، فإذا فسخ النكاح وتمت عدتها فله أن يتزوجها إن أرادت ذلك كسائر الناس ، إلا أن يكون الرجل طلق امرأته فله أن يرتجعها في عدتها منه ما لم يكن طلاق ثلاث .
وكذلك ، فله - وحده دون سائر الناس - أن يخطبها في عدتها منه فإن رضيت به فله نكاحها ووطؤها . الرجل تكون تحته الأمة ويدخل بها فتعتق فتخير فتختار فراقه ويفسخ نكاحه فتعتد بحمل أو بالأطهار أو بالشهور
برهان ما قلنا : قول الله عز وجل { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه } .
وأما قولنا : لا توارث ، ولا نفقة ، ولا كسوة ، ولا صداق بكل حال جهلا أو علما ، فلأنه ليس نكاحها ، لأن الله تعالى أحل النكاح ولم يحل هذا العقد بلا خلاف من أحد ، فإذ ليس نكاحا فلا توارث ، ولا كسوة ، ولا نفقة ، إلا في نكاح .
[ ص: 69 ] وأما إلحاق الولد بالرجل الجاهل فلا خلاف فيه .
وأما وجوب الحد على العالم فلأن الله تعالى يقول : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } .
وهذه ليست زوجا ولا ملك يمين فهو عاهر .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . الولد للفراش وللعاهر الحجر
فلم يجعل عليه الصلاة والسلام إلا فراشا أو عهرا ، وهذه ليست فراشا فهو عهر ، والعهر الزنا ، وعلى الزاني الحد : ولا حد على الجاهل المخطئ ، لقول الله تعالى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } .
ولقوله تعالى : { لأنذركم به ومن بلغ } وهذا لم يبلغه ، فلا شيء عليه .
وأما المعتقة تخير : فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها { } وسنذكره في بابه إن شاء الله عز وجل . لو راجعتيه
وأما قولنا : إن الناكح في العدة الواطئ فيها جاهلا كان أو عالما فحد وكان غير محصن ولم تحد هي لجهلها أو لم ترجم ، لأنها كانت بكرا معتدة من وفاة فله أن يتزوجها بعد تمام عدتها التي تزوجها فيها ، فلأن الله عز وجل ذكر لنا كل ما حرم علينا من النساء في قوله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } الآية إلى قوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } فلم يذكر لنا المنكوحة في العدة المدخول بها فيها في جملة ما حرم علينا ابتداء النكاح فيها بعد تمام عدتها ، فإذ لم يذكرها تعالى ، لا في هذه الآية ولا في غيرها ، ولا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أحلها الله تعالى في القرآن نصا بقوله عز وجل : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين } وقولنا هذا هو قول الحسن ، ، وحماد بن أبي سليمان وأصحابه ، وأبي حنيفة ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأصحابهم . وأبي سليمان
وقال سعيد بن المسيب ، وربيعة ، ومالك ، والليث والأوزاعي ، لا تحل له أبدا . [ ص: 70 ]
وقال ، مالك : ولا بملك اليمين ، وما لمن قال هذا حجة أصلا إلا شغبتان - : والليث
إحداهما - أنهم قالوا : تعجل شيئا قبل وقته فواجب أن يحرم عليه في الأبد كالقاتل العامد يمنع الميراث .
قال : وهذا من أسخف قول يسمع ، قبل كل شيء : من أين وضح لهم تحريم الميراث على القاتل ؟ ولا نص يصح فيه ولا إجماع - قد أوجب أبو محمد : الميراث لقاتل العمد الزهري ، ، وغيرهما . وسعيد بن جبير
ثم من أين لهم أن من تعجل شيئا قبل وقته وجب أن يحرم عليه أبدا ؟ وأي نص جاء بهذا ؟ أو أي عقل دل عليه ؟
ثم لو صح لهم أن القاتل يمنع من الميراث فمن أين لهم أن ذلك لتعجله إياه قبل وقته ؟
وكل هذا كذب وظن فاسد وتخرص بالباطل ، ويلزمهم إن طردوا هذا الدليل السخيف أن يقولوا فيمن غصب مال مورثه : أن يحرم عليه في الأبد ، لأنه استعجله قبل وقته .
وأن يقولوا في امرأة سافرت في عدتها : أن يحرم عليها السفر أبدا .
ومن تطيب في إحرامه : أن يحرم عليه الطيب أبدا .
وأن يقولوا فيمن اشتهى شيئا وهو صائم في رمضان فأكله ; أو وطئ جاريته أو أمته - وهو صائم في رمضان - أو وهي حائض : أن يحرم عليه ذلك الطعام في الأبد ، وتحرم تلك الأمة أو امرأته في الأبد ، لأنه تعجل كل ذلك قبل وقته ، والذي يلزمهم أكثر من هذا .
والثانية - رواية عن - رضي الله عنه - منقطعة - : منها : ما حدثناه عمر يونس بن عبد الله نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم نا نا أحمد بن خالد محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا نا يحيى بن سعيد القطان صالح بن مسلم قال : قلت للشعبي : ؟ فقال رجل طلق امرأته تطليقة فجاء آخر فتزوجها في عدتها الشعبي : قال : يفرق بينها وبين زوجها ، وتكمل عدتها [ ص: 71 ] الأولى ، وتأتنف من هذه عدة جديدة ، ويجعل صداقها في بيت المال ، ولا يتزوجها أبدا ويصير الأول خاطبا . عمر بن الخطاب
وقال : يفرق بينهما ، وتكمل عدتها الأولى ، وتستقبل من هذا عدة جديدة ولها الصداق بما استحل من فرجها ، ويصير كلاهما خاطبين - قد أخبرتك بقول هذين ، فإن أخبرتك برأي فبل عليه . علي بن أبي طالب
وجاء هذا عن من طرق ليس منها شيء يتصل ، وروي خلافها كما ذكرنا عن عمر ، علي . وابن مسعود
قال : لا عجب أعجب من تعلق هؤلاء القوم بروايات منقطعة عن أبو محمد قد خالفه عمر فيها ، فمن جعل قول أحدهما أولى من الآخر بلا برهان ؟ علي
وثانية - أنهم قد خالفوا فيما صح عنه يقينا من هذه القضية إذ جعل مهرها في بيت المال كما روينا من طريق عمر عن وكيع زكريا بن أبي زائدة ، ، كلاهما عن وإسماعيل بن أبي خالد الشعبي عن أن امرأة نكحت في عدتها ففرق بينهما مسروق ، وجعل مهرها في بيت المال ، وقال : نكاحها حرام ، ومهرها حرام . عمر
نا يونس بن عبد الله نا أبو بكر بن أحمد بن خالد نا نا أبي نا علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد القاسم بن سلام يزيد عن عن داود بن أبي هند الشعبي عن ، أو عن مسروق عبيد بن نضلة عن - شك مسروق في أحدهما - وقال : رفع إلى داود امرأة نكحت في عدتها ، فقال : لو أنكما علمتما لرجمتكما ، فضربهما أسواطا ، وفرق بينهما ، وجعل المهر في سبيل الله عز وجل ، وقال : لا أجيز مهرا لا أجيز نكاحه . عمر
قال : أبو محمد عبيد بن نضلة إمام ثقة .
كذلك ، فلا نبالي عن أيهما رواه - وقد ثبت ومسروق على أنه عن أحدهما بلا شك . داود بن أبي هند
قال : فخالفوه في جعل مهرها في بيت المال ، وهو الثابت عن علي ، فهان عليهم خلافه في الحق ، واتبعوه فيما لا برهان على صحته فيما قد خالفه فيه غيره من الصحابة كما أوردنا . عمر
وثالثة - وهي أنه قد صح رجوع عن ذلك - : كما روينا عن عمر عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن [ ص: 72 ] إسماعيل بن أبي خالد الشعبي عن عن مسروق قال : مهرها في بيت المال ولا يجتمعان - يعني التي نكحت في العدة ودخل بها الذي نكحها . - عمر
وقال سفيان : فأخبرني أشعث عن الشعبي عن أن مسروق رجع عن ذلك ، وجعل لها مهرها ، وجعلهما يجتمعان . عمر
فأي شيء أعجب من تماديهما على خلاف في الثابت عنه من أن يجعل مهرها في بيت المال ، وعلى قوله قد رجع عمر عنها - وكفى بهما خطأ . عمر
ورابعة - أنه قد صح عن ما حدثناه عمر حمام نا نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي الدبري نا نا عبد الرزاق أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول جاءت امرأة إلى جابر بن عبد الله عمر بن الخطاب بالجابية نكحت عبدها فانتهرها وهم أن يرجمها وقال لها : لا يحل لك مسلم بعده . عمر
فهذا أصح سند عن بحضرة الصحابة ، ولم يلتفتوا إليه ولجوا في الخطأ تقليدا لخطأ عمر بعد رجوع مالك عنه - ونسأل الله العافية . عمر
ومن عجائب الدنيا قولهم : من اشترى أمة فوجدها حاملا من زوج كان لها فمات بعد أن وطئها ، فإنه لا تحل له أبدا ، ولا بملك اليمين .
وقالوا : من تزوج امرأة لا زوج لها فدخل بها فوطئها ، ثم ظهر بها حمل من زنى أو من غصب كان بها قبل نكاحه ، فإنها لا تحل له أبدا ، ما ندري لماذا ؟
وقالوا : من تزوج أمة أعتقت قبل أن تتم حيضة بعد عتقها فدخل بها حرمت عليه في الأبد - فلجوا هذا اللجاج الفاسد .
ثم لم يلبثوا أن قالوا : من تزوج امرأة لها زوج قائم حي حاضر أو غائب يظنان أنه قد مات أو يوقنان بحياته ، فدخل بها فوطئها : أنها لا تحرم عليه في الأبد ، بل له أن يتزوجها إن طلقها الزوج أو مات .
وهذا هو المستعجل قبل الوقت بلا شك .
وقالوا : من زنى بامرأة لم تحرم عليه في الأبد ، فرأوا الزنا أخف من زواج [ ص: 73 ] الجاهل في العدة - ورأوا ما لا حد فيه ولا إثم للجهالة أغلظ من الحرام المتيقن - فهل في العجب أكثر من هذا ؟ ونسأل الله العافية .