. 179 - مسألة : وغسل يوم الجمعة إنما هو لليوم لا للصلاة ، فإن أجزأه ذلك ، وأول صلى الجمعة والعصر ثم اغتسل المذكور إثر طلوع الفجر من يوم الجمعة ، إلى أن يبقى من قرص الشمس مقدار ما يتم غسله قبل غروب آخره ، وأفضله أن يكون متصلا بالرواح إلى الجمعة ، وهو لازم للحائض والنفساء كلزومه لغيرهما . أوقات الغسل
برهان ذلك ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا - عن شعيب هو ابن أبي حمزة الزهري ، قال : قلت طاوس : ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لابن عباس } قال : أما الغسل فنعم ، وأما الطيب فلا أدري . اغتسلوا يوم الجمعة وإن لم تكونوا جنبا وأصيبوا من الطيب
[ ص: 267 ] حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي حدثني مسلم بن الحجاج محمد بن حاتم ثنا بهز ثنا - حدثنا وهيب هو ابن خالد عن أبيه عن عبد الله بن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } . حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، يغسل رأسه وجسده
حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي حدثنا محمد بن أحمد بن مفرج ثنا محمد بن أيوب الصموت ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ثنا ثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا روح بن عبادة عن شعبة عمرو بن دينار عن عن طاوس رفعه قال { أبي هريرة } . على كل مسلم في كل سبعة أيام غسل وهو يوم الجمعة
وهكذا رويناه من طريق جابر مسندا ، فصح بهذا أنه لليوم لا للصلاة وروينا عن والبراء عن نافع : أنه كان يغتسل بعد طلوع الفجر يوم الجمعة فيجتزئ به من غسل الجمعة ، وعن ابن عمر - عن شعبة عن منصور بن المعتمر قال : إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه . وعن مجاهد الحسن : إذا اغتسل يوم الجمعة بعد طلوع الفجر أجزأه للجمعة ، فإذن هو لليوم ، ففي أي وقت من اليوم اغتسل أجزأه ، وعن كذلك . فإن قال قائل : فإنكم قد رويتم من طريق إبراهيم النخعي عن شعبة الحكم عن عن نافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } . ورويتم من طريق إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل عن الليث عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } وعن إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل عن الليث الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه { } . قلنا نعم ، وهذه - آثار صحاح ، وكلها لا خلاف فيها لما قلنا . عن رسول [ ص: 268 ] الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو قائم على المنبر من جاء منكم الجمعة فليغتسل
أما قوله عليه السلام { } فهو نص قولنا ، وإنما فيه أمر لمن جاء الجمعة بالغسل ، وليس فيه أي وقت يغتسل ، لا بنص ولا بدليل ، وإنما فيه بعض ما في الأحاديث الأخر لأن في هذا إيجاب الغسل على كل من جاء إلى الجمعة ، فليس فيه إسقاط الغسل عمن لا يأتي الجمعة ، وفي الأحاديث الأخر التي من طريق من جاء منكم الجمعة فليغتسل ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم إيجاب الغسل على كل مسلم وعلى كل محتلم ، فهي زائدة حكما على ما في حديث وابن عباس ، فالأخذ بها واجب . وأما قوله عليه السلام : { ابن عمر } فكذلك أيضا سواء سواء ، وقد يريد الرجل أن يأتي الجمعة من أول النهار ، وليس في هذا الخبر ولا في غيره إلزامه أن يكون إتيانه الجمعة لا من أول النهار ، وليس في هذا الخبر ولا في غيره إلزامه أن يكون أتى متصلا بإرادته لإتيانها ، بل جائز أن يكون بينهما ساعات ، فليس في هذا اللفظ أيضا دليل ولا نص يوجب أن يكون الغسل متصلا بالرواح . إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل
وأما قوله عليه السلام : { } فظاهر هذا اللفظ أن الغسل بعد الرواح ، كما قال تعالى : { إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة } ومع الرواح كما قال تعالى : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } أو قبل الرواح كما قال تعالى : { إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } فلما كان كل ذلك ممكنا ، ولم يكن في هذا اللفظ نص ولا دليل على وجوب اتصال الغسل بالرواح أصلا صح قولنا ، والحمد لله رب العالمين .
وأيضا فإننا إذا حققنا مقتضى ألفاظ حديث كان ذلك دالا على قولنا [ ص: 269 ] لأنه إنما فيها { ابن عمر } { إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل } . { أو أراد أحدكم أن يأتي إلى الجمعة فليغتسل } وهذه ألفاظ ليس يفهم منها إلا أن من كان من أهل الرواح إلى الجمعة ، وممن يجيء إلى الجمعة ، ومن أهل الإرادة للإتيان إلى الجمعة فعليه الغسل ، ولا مزيد ، وليس في شيء منها وقت الغسل ، فصارت ألفاظ خبر من جاء منكم الجمعة فليغتسل موافقة لقولنا . وعهدنا بخصومنا يقولون : إن من روى حديثا فهو أعرف بتأويله ، وهذا ابن عمر راوي هذا الخبر قد روينا عنه أنه كان يغتسل يوم الجمعة إثر طلوع الفجر من يومها . وقال ابن عمر مالك والأوزاعي : لا يجزئ غسل يوم الجمعة إلا متصلا بالرواح ، إلا أن الأوزاعي قال : إن اغتسل قبل الفجر ونهض إلى الجمعة أجزأه . وقال : إن مالك لم ينتقض غسله ويتوضأ فقط ، فإن أكل أو نام انتقض غسله . قال بال أو أحدث بعد الغسل : وهذا عجب جدا . أبو محمد
وقال أبو حنيفة والليث وسفيان وعبد العزيز بن أبي سلمة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه كقولنا ، وقال وداود طاوس والزهري وقتادة : من اغتسل للجمعة ثم أحدث فيستحب أن يعيد غسله . ويحيى بن أبي كثير
قال : ما نعلم مثل قول علي عن أحد من الصحابة التابعين ، ولا له حجة من قرآن ولا سنة ولا قياس ولا قول صاحب ، وكثيرا ما يقولون في مثل هذا بتشنيع خلاف قول الصاحب الذي لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وهذا مكان خالفوا فيه مالك ، وما يعلم له من الصحابة في ذلك مخالف . ابن عمر
فإن قالوا : من قال قبلكم إن الغسل لليوم ؟ قلنا : كل من ذكرنا عنه في ذلك قولا من الصحابة رضي الله عنهم ، فهو ظاهر قولهم ، وهو قول نصا وغيره ، وأعجب شيء أن يكونوا مبيحين للغسل يوم الجمعة في كل وقت ، ومبيحين لتركه في اليوم كله ، ثم ينكرون على من قال بالغسل في وقت هم يبيحونه فيه . وبالله تعالى التوفيق أبي يوسف