وهؤلاء الشافعيون فرقوا بين البول في مخرجه من الإحليل ، فجعلوه يطهر بالحجارة ، وبين ذلك البول نفسه من ذلك الإنسان نفسه إذا بلغ أعلى الحشفة - فجعلوه لا يطهر إلا بالماء ، وفرقوا بين بول الرضيع وبين غائطه في الصب والغسل وهذا هو الذي أنكروا علينا ههنا بعينه . وهؤلاء الحنفيون فرقوا بين فيفسدها ، وبين ذلك المقدار نفسه من بولها بعينها في الثوب فلا يفسده ، وفرقوا بين بول البعير في البئر فيفسده ولو أنه نقطة ، فإن بول الشاة في البئر لم يفسد الماء ، وهذا نفس ما أنكروه علينا ، وفرقوا بين روث الفرس يكون في الثوب منه أكثر من قدر الدرهم البغلي فيفسد الصلاة ، وبين بول ذلك الفرس نفسه يكون في الثوب فلا يفسد الصلاة ، إلا أن يكون ربع الثوب عند وقعت بعرتان من بعر ذلك الجمل في ماء البئر ، وشبرا في شبر عند أبي حنيفة فيفسدها حينئذ ، أبي يوسف منهم يقول : وزفر طاهر كله ورجيعه نجس ، وهذا هو الذي أنكروا علينا . وفرقوا بين ما يملأ الفم من القلس وبين ما لا يملأ الفم منه ، وفرقوا بين البول في الجسد فلا يزيله إلا الماء ، وبين البول في الثوب فيزيله غير الماء . ولو تتبعنا سقطاتهم لقام منها ديوان . بول ما يؤكل لحمه
فإن قالوا : من قال بقولكم هذا في [ ص: 161 ] قبلكم ؟ قلنا : قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - إذ بين لنا حكم البائل وسكت عن المتغوط والمتنخم والمتمخط ، ولكن أخبرونا : من قال من ولد آدم بفروقكم هذه قبلكم ؟ من الفرق بين بول الشاة في البئر وبولها في الثوب ، وبين بولها في الجسد وبولها في الثوب ؟ وبين بول الشاة تشرب ماء نجسا وبولها إذا شربت ماء طاهرا ؟ وبين البول في رأس الحشفة وبينه فوق ذلك ؟ فهذا هو الذي لم يقله أحد قط قبلهم وليتهم إذ قالوه مبتدئين قالوه بوجه يفهم أو يعقل ، وكذلك سائر فروقهم المذكورة والحمد لله رب العالمين . الفرق بين البائل والمتغوط في الماء الراكد
ونحن لا ننكر القول بما جاء به القرآن والسنة ، وإن لم نعرف قائلا مسمى به وهم ينكرون ذلك ويفعلونه ، فاللوائم لهم لازمة لا لنا ، وإنما ننكر غاية الإنكار القول في دين الله تعالى وعلى الله ما لم يقله تعالى قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا والله هو المنكر حقا ، ولو قال أهل الأرض .
وكذلك إن قالوا لنا : من فرق قبلكم بين السمن يقع فيه الفأر وبين غير السمن فجوابنا هو الذي ذكرنا بعينه ، فكيف وقد روينا الفرق بينهما عن ، كما حدثنا ابن عمر أحمد بن محمد بن الجسور ثنا محمد بن عيسى بن رفاعة ثنا ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن معمر أبان عن راشد مولى قريش عن أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال : إن كان مائعا فألقه كله ، وإن كان جامدا فألق الفأرة وما حولها وكل ما بقي . ابن عمر
حدثنا حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق معمر كلاهما عن وسفيان الثوري عن أيوب السختياني عن نافع مولى ابن عمر أنه سئل عن فأرة وقعت في عشرين فرقا من زيت ، فقال ابن عمر : استسرجوا به وادهنوا به الأدم . وبه إلى ابن عمر عن عبد الرزاق قال : قلت ابن جريج : الفأرة تقع في السمن الذائب فتموت فيه أو في الدهن ، فتؤخذ قد تسلخت أو قد ماتت وهي شديدة لم تتسلخ ؟ فقال سواء إذا ماتت فيه ، فأما الدهن فينش فيدهن به إن لم تقذره ، قلت : فالسمن أينش فيؤكل ؟ قال لا ، ليس ما يؤكل ، كهيئة شيء في الرأس يدهن به . [ ص: 162 ] قال لعطاء : والزيت دهن بنص القرآن : قال تعالى : { أبو محمد وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين } وقد رأى غسل مالك ، ثم يؤكل . وقد روى الزيت تقع فيه النجاسة ابن القاسم عن في مالك : أنه لا يفسد شيء من ذلك ، وأن ذلك الماء يشرب وذلك الطعام يؤكل . النقطة من الخمر تقع في الماء والطعام
قال : ويقال للحنفيين : أنتم تخالفون بين أحكام النجاسات في الشدة والخفة بآرائكم بغير نص من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم ولا من إجماع ولا قياس ، فبعضها عندكم لا ينجس الثوب والبدن والخف والنعل منه إلا مقدار أكبر من الدرهم البغلي وربما قل ، وبعضها لا ينجس هذه الأشياء إلا ما كان ربع الثوب ، ولا ندري ما قولكم في الجسد والنعل والخف والأرض ، وبعضها تفرقون بين حكمها في نفسها في الثوب والجسد وبين حكمها في نفسها في البئر ، فتقولون : إن قطرة خمر أو بول تنجس البئر ولا تنجس الثوب ولا الجسد حتى يكون ذلك أكثر من الدرهم البغلي ، فأخبرونا عن غدير إذا حرك طرفه الواحد لم يتحرك الآخر وقعت فيه نقطة بول كلب أو نقطة بول شاة أو حلمة ميتة أو فيل ميت متفسخ ، هل كل هذا سواء أم لا ؟ فإن ساووا بين ذلك كله نقضوا أصلهم في تغليظ بعض النجاسات دون بعض ، وتركوا قولهم إن بعرتين من بعر الإبل أو بعرتين من بعر الغنم لا تنجس البئر ، وإن فرقوا بين كل ذلك سألناهم تفصيل ذلك ليكون ذلك زيادة في السخرية والتخليط . علي
قال : وقالوا لنا : ما قولكم في خمر أو دم أو بول وقع ذلك في الماء فلم يظهر لشيء من ذلك في الماء طعم ولا لون ولا ريح ، هل صار الخمر والبول والدم ماء ؟ أم بقي كل ذلك بحسبه ؟ فإن كان صار كل ذلك ماء فكيف هذا ؟ وإن كان بقي كل ذلك بحسبه فقد أبحتم الخمر والبول والدم ، وهذا عظيم وخلاف للإسلام ؟ [ ص: 163 ] قال علي : جوابنا وبالله تعالى التوفيق : إن العالم كله جوهرة واحدة تختلف أبعاضها بأعراضها وبصفاتها فقط . وبحسب اختلاف صفات كل جزء من العالم تختلف أسماء تلك الأجزاء التي عليها تقع أحكام الله عز وجل في الديانة . وعليها يقع التخاطب والتفاهم من جميع الناس بجميع اللغات ، فالعنب عنب وليس زبيبا ، والزبيب ليس عنبا ، وعصير العنب ليس عنبا ولا خمرا ، والخمر ليس عصيرا ، والخل ليس خمرا ، وأحكام كل ذلك في الديانة تختلف والعين الحاملة واحدة ، وكل ذلك له صفات ، منها يقوم حده ، فما دامت تلك الصفات في تلك العين فهي ماء وله حكم الماء . أبو محمد
فإذا زالت تلك الصفات عن تلك العين لم تكن ماء ولم يكن لها حكم الماء وكذلك الدم والخمر والبول وكل ما في العالم لكل نوع منه صفات ما دامت فيه فهو خمر له حكم الخمر ، أو دم له حكم الدم ، أو بول له حكم البول أو غير ذلك ، فإذا زالت عنه لم تكن تلك العين خمرا ولا ماء ولا دما ولا بولا ولا الشيء الذي كان ذلك الاسم واقعا من أجل تلك الصفات عليه ، فإذا سقط ما ذكرتم من الخمر أو البول أو الدم في الماء أو في الخل أو في اللبن أو في غير ذلك ، فإن بطلت الصفات التي من أجلها سمي الدم دما والخمر خمرا والبول بولا ، وبقيت صفات الشيء الذي وقع فيه ما ذكرنا بحسبها ، فليس ذلك الجرم الواقع يعد خمرا ولا دما ولا بولا ، بل هو ماء على الحقيقة أو لبن على الحقيقة ، وهكذا في كل شيء . فإن غلب الواقع مما ذكرنا وبقيت صفاته بحسبها وبطلت صفات الماء أو اللبن أو الخل ، فليس هو ماء بعد ولا خلا ولا لبنا ، بل هو بول على الحقيقة أو خمر على الحقيقة أو دم على الحقيقة ، فإن بقيت صفات الواقع ولم تبطل صفات ما وقع فهو فيه ماء وخمر ، أو ماء وبول ، أو ماء ودم ، أو لبن وبول ، أو دم وخل ، وهكذا في كل شيء . ولم يحرم علينا استعمال الحلال من ذلك لو أمكننا تخليصه من الحرام ، لكنا لا نقدر على استعماله إلا باستعمال الحرام فعجزنا عنه فقط ، وإلا فهو طاهر مطهر حلال بحسبه كما كان . وهكذا كل شيء في العالم فالدم يستحيل لحما ، فهو حينئذ لحم وليس دما ، والعين واحدة ، واللحم يستحيل شحما فليس لحما بعد بل هو شحم والعين واحدة .
والزبل والبراز والبول والماء والتراب يستحيل كل ذلك في النخلة ورقا ورطبا ، فليس شيء من ذلك حينئذ زبلا ولا ترابا ولا ماء ، بل هو رطب حلال طيب ، [ ص: 164 ] والعين واحدة ، وهكذا في سائر النبات كله ، والماء يستحيل هواء متصعدا وملحا جامدا ، فليس هو ماء بل ولا يجوز الوضوء به والعين واحدة ، ثم يعود ذلك الهواء وذلك الملح ماء . فليس حينئذ هواء ولا ملحا ، بل هو ماء حلال يجوز الوضوء به والغسل فإن أنكرتم هذا وقلتم : إنه وإن ذهبت صفاته فهو الذي كان نفسه لزمكم ولا بد إباحة الوضوء بالبول ، لأنه ماء مستحيل ، بلا شك ، وبالعرق ، لأنه ماء مستحيل . ولزمكم تحريم الثمار المغذاة بالزبل وبالعذرة ، وتحريم لحوم الدجاج ، لأنها مستحيلة عن المحرمات . فإن قالوا : فنحن نجد الدم يلقى في الماء أو الخمر أو البول فلا يظهر له لون ولا ريح ولا طعم فيواتر طرحه فتظهر صفاته فيه . فهلا صار الثاني ماء كما صار الأول ؟ قلنا لهم : هذا السؤال لسنا نحن المسئولين به لكن جريتم فيه على عادتكم الذميمة في التعقب على الله تعالى والاستدراك عليه في أحكامه تعالى وأفعاله ، وإياه تعالى تسألون عن هذا لا نحن ، لأنه هو الذي أحل الأول ولم يحل الثاني كما شاء لا نحن وجوابه عز وجل لكم على هذا السؤال يأتيكم يوم القيامة بما تطول عليه ندامة السائل ; لأن الله تعالى حرم هذا السؤال إذ يقول تعالى : { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } ثم نحن نجيبكم قائمين لله تعالى كما افترض عز وجل علينا إذ يقول : { كونوا قوامين لله } فنقول لكم : هذا خلق الله تعالى ما خلق كله من ذلك كله كما شاء لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل . ونحن نجد الماء يصعده الهواء بالتجفيف فيصير الماء هواء مصعدا وليس ماء أصلا .
حتى إذا كثر الماء المستحيل هواء في الجو عاد ماء كما كان وأنزله الله تعالى من السحاب ماء . وهذا نفس ما احتججتم به علينا من أن الدم يخفى في الماء والفضة تخفى في النحاس . فإذا توبع بهما ظهرا .
ولا فرق بين هذا السؤال الأحمق وبين من سأل : لم خلق الله الماء يتوضأ به ولم يجعل ماء الورد يتوضأ به ؟ ولم جعل الصلاة إلى الكعبة والحج ولم يجعلهما إلى [ ص: 165 ] كسكر أو إلى الفرما أو الطور ؟ ولم جعل المغرب ثلاثا والصبح ركعتين بكل حال . والظهر في الحضر أربعا ؟ ولم جعل الحمار طويل الأذنين والجمل صغيرهما والفأر طويل الذنب والثعلب كذلك والمعزى قصيرة الذنب والأرنب كذلك ؟ ولم صار الإنسان يحدث من أسفل ريحا فيلزمه غسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه وغسل رجليه ، ولا يغسل مخرج تلك الريح ؟ وهذا كله ليس من سؤال العقلاء المسلمين ، ولا يشبه اعتراضات العلماء المؤمنين ، بل هو سؤال نوكى الملحدين وحمقى الدهريين المتحيرين الجهال . وإذا أحلناكم وسائر خصومنا على العيان ومشاهدة الحواس في انتقال الأسماء بانتقال الصفات التي فيها تقوم الحدود ، ثم أريناكم بطلان الصفات التي لا تجب تلك الأسماء - عندكم وعندنا وعند كل من على أديم الأرض قديما وحديثا - على تلك الأعيان إلا بوجودها ، ثم أحلناكم على البراهين الضرورية العقلية على أن الله تعالى خالق كل ذلك على ما هو عليه كما شاء ، فاعتراضكم كله هوس وباطل يؤدي إلى الإلحاد .
فقالوا : فما تقولون في ؟ قلنا وبالله تعالى التوفيق : القول في هذا كالقول في الماء سواء سواء ولا فرق ، إن بقيت صفات الفضة بحسبها ولم يظهر للنحاس فيها أثر ، فإنها تزكى بوزنها وتباع بوزنها من الفضة ، لا بأقل ولا بأكثر ولا نسيئة ، وإن غلبت صفات النحاس حتى لا يبقى للفضة أثر ، فهو كله نحاس محض لا زكاة فيه أصلا سواء كثرت تلك الفضة التي استحالت فيه أو لم تكثر ، وجائز بيعه بالفضة نقدا ونسيئة بأقل مما خالطه من الفضة وبمثل ذلك وبأكثر ، وإن ظهرت صفات النحاس وصفات الفضة معا فهو نحاس وفضة ، تجب الزكاة فيما فيه من الفضة ، خاصة إن بلغت خمس أواق وإلا فلا ، كما لو انفردت ، ولا يحل بيع تلك الجملة بفضة محضة [ ص: 166 ] أصلا لا بمقدار ما فيها من الفضة ولا بأقل ولا بأكثر ، لا نقدا ولا نسيئة ، لأننا لا نقدر فيها على المماثلة بالوزن ، وتباع تلك الجملة بالذهب نقدا لا نسيئة . فضة خالطها نحاس فلم يظهر له فيها أثر ولا غيرها ، أتزكى بوزنها وتباع بوزنها فضة محضة أم لا
فسألوا عن أصلا ، فقلنا : من طرح في القدر شيئا من ذلك عمدا فهو فاسق عاص لله عز وجل ، لأنه استعمل الحرام المفترض اجتنابه ، وأما إذا بطل كل ذلك فما في القدر حلال أكله ، لأنه ليس فيه شيء من المحرمات أصلا ، وقد أبطل الله تعالى تلك المحرمات وأحالها إلى الحلال . ثم نقلب عليهم هذا السؤال في قدر طبخت بالخمر أو طرح فيها بول أو دم أو عذرة ولم يظهر من ذلك كله هنالك أثر ، فقولهم إن ذلك الذي في الدن كله حلال فهذا تناقض منهم وقول منهم بالذي شنعوا به فلزمهم التشنيع ، لأنهم عظموه ورأوه حجة ، ولم يلزمنا ، لأننا لم نعظمه ولا رأيناه حجة . ولله الحمد . دن خل رمي فيه خمر فلم يظهر للخمر أثر
قال : وأما متأخروهم فإنهم لما رأوا أنهم لا يقدرون على ضبط هذا المذهب لفساده وسخافته فروا إلى أن قالوا : إننا لا نفرق بين غدير كبير ولا بحر ولا غير ذلك ، لكن الحكم لغلبة الظن والرأي في الماء الذي يتوضأ منه ويغتسل منه ، فإن تيقنا أو غلب في ظنوننا أن النجاسة خالطته حرم استعماله ولو أنه ماء البحر ، وإن لم نتيقن ولا غلب في ظنوننا أن خالطته نجاسة توضأنا به . علي
قال : وهذا المذهب أشد فسادا من الذي رغبوا عنه لوجوه أولها : أنهم مقرون بأنه حكم بالظن ، وهذا لا يحل ; لأن الله تعالى يقول : { علي إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . ولا أسوأ حالا ممن يحكم في دين الله تعالى الذي هو الحق المحض بالظن الذي هو مقر بأنه لا يحققه . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
والثاني : أن يقال لهم : كما تظنون أن النجاسة لم تخالطه فظنوا أنها خالطته فاجتنبوه ، لأن الحكم بالظن أصل من أصولكم ، فما الذي جعل إحدى جنبتي الظن أولى من الأخرى ؟
والثالث : أن قولكم هذا تحكم منكم بلا دليل ، وما كان هكذا فهو باطل .
والرابع : أن نقول لهم : عرفونا ما معنى هذه المخالطة من النجاسة للماء ؟ فلسنا نفهمها ولا أنتم ولا أحد في العالم ولله الحمد ، فإن كنتم تريدون أن كل جزء من أجزاء الماء قد جاور جزءا من أجزاء [ ص: 167 ] النجاسة فهذه مجاورة لا مخالطة ، وهذا لا يمكن ألبتة إلا بأن يكون مقدار النجاسة كمقدار الماء سواء سواء وإلا فقد فضلت أجزاء من الماء لم يجاورها شيء من النجاسة . فإن قالوا : فقد تنجس كل ذلك وإن كان لم يجاوره من النجاسة شيء ، قلنا لهم : هذا لازم لكم في البحر بنقطة بول تقع فيه ولا فرق ، فإن أبوا من هذا قلنا لهم : فعرفونا بالمقدار من النجاسة الذي إذا جاوز مقدارا محدودا أيضا من الماء ولا بد نجسه ، فإن أقدموا على تحديد ذلك زادوا في الضلال والهوس ، وإن لم يقدموا على ذلك تركوا قولهم ، كالميتة فسادا ومجهولا لا يحل القول به في الدين .