( خمس ) في اليوم والليلة ، أجمع المسلمون على ذلك ، وأن غيرها لا يجب إلا لعارض كالنذر وأما الوتر فسيأتي ، والكلام على الجمعة يأتي في بابها ( والصلوات المفروضات ) العينية واشتقاقها من الظهور إذ هي ظاهرة في وسط النهار ، والظهر : لغة : الوقت بعد الزوال ، وشرعا : صلاة هذا الوقت من تسمية الشيء باسم وقته ( وهي أربع ركعات ) إجماعا ( وهي ) أي : الظهر . ( الظهر )
( الأولى ) قال عياض : هو اسمها المعروف لبداءة جبريل عليه السلام بها لما صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي البداءة بها إشارة إلى أن هذا الدين ظهر أمره وسطع نوره ، من غير خفاء ولأنه لو بدأ بالفجر لختم بالعشاء ثلث الليل وهو وقت خفاء فلذلك ختم بالفجر لأنه وقت ظهور وفيه ضعف إشارة إلى أن هذا الدين يضعف في آخر الأمر ويبدأ ابن أبي موسى والشيرازي بالفجر ، لبداءته صلى الله عليه وسلم بها السائل ولأنها أول اليوم فإن قيل : إيجابها كان ليلا وأول صلاة تحضر بعد ذلك هي الفجر فلم لم يبدأ بها وأبو الخطاب جبريل ؟ أجيب بأنه يحتمل أنه وجد تصريح أن أول وجوب الخمس من الظهر ، ويحتمل أن الإتيان بها متوقف على بيانها لأن الصلوات مجملة ، ولم يتبين إلا عند الظهر .
( وتسمى الهجير ) لفعلها وقت من زوال الشمس وهو ميلها عن وسط السماء ) أجمع العلماء على أن أول وقت الظهر إذا زالت الشمس حكاه الهاجرة ( ووقتها ابن المنذر لحديث وابن عبد البر { جابر جبريل فقال : قم فصل الظهر حين زالت الشمس ، ثم جاءه من الغد للظهر ، فقال قم فصل ، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ، ثم قال ما بين هذين وقت } إسناده ثقات رواه أن النبي [ ص: 250 ] صلى الله عليه وسلم جاءه أحمد والترمذي .
وقال هو أصح شيء في المواقيت وصححه البخاري ابن خزيمة والترمذي وحسنه من حديث ونحوه ، وفيه { ابن عباس جبريل عند البيت مرتين وفيه فصلى الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك } وهو بشين معجمة مكسورة وراء مهملة وبالكاف : أحد سيور النعل . أن رسول الله قال أمني
( ويعرف ذلك ) أي : ميل الشمس عن وسط السماء ( بزيادة الظل بعد تناهي قصره ) لأن الشمس إذا طلعت رفع لكل شاخص ظل طويل من جانب المغرب ثم ما دامت الشمس ترتفع فالظل ينقص فإذا انتهت الشمس إلى وسط السماء ، وهي حالة الاستواء انتهى نقصانه ، فإذا زاد الظل أدنى زيادة دل على الزوال ، والظل أصله : الستر ، ومنه أنا في ظل فلان ومنه ظل الجنة ، وظل شجرها وظل الليل سواده ، وظل الشمس ما ستر الشخوص من سقطها ، ذكره قال والظل يكون غدوة وعشية من أول النهار وآخره . ابن قتيبة
والفيء لا يكون إلا بعد الزوال ; لأنه فاء أي : رجع من جانب إلى جانب ( ولكن ) ، ( لا يقصر ) الظل ( في بعض بلادخراسان لسير الشمس ناحية عنها قاله ابن حمدان وغيره ) فصيفها كشتاء غيرها ولذلك أنيط الحكم بالزوال ، دون زيادة الظل ( ويختلف الظل باختلاف الشهر والبلد ) فيقصر الظل في الصيف ، لارتفاعها إلى الجو ويطول في الشتاء لمسامتتها للمنتصب ، ويقصر الظل جدا في كل بلد تحت وسط الفلك .
وذكر السامري وغيره أن ما كان من البلاد تحت وسط الفلك مثل مكة وصنعاء في يوم واحد وهو أطول أيام السنة لا ظل ولا فيء لوقت الزوال ، بل يعرف الزوال هناك بأن يظهر للشخص فيء من نحو المشرق ، للعلم بأنها قد أخذت مغربة ( فأقل ما ) أي : ظل لآدمي ( تزول ) الشمس عليه ( في إقليم الشام والعراق وما سامتهما ) أي حاذاهما من البلاد ( طولا : على قدم وثلث ) تقريبا ( في نصف حزيران ) وذلك مقارب لأطول أيام السنة وأطولها سابع عشر حزيران .
( وفي نصف تموز وأيار ، على قدم ونصف وثلث ، وفي نصف آب ونيسان على ثلاثة ) أقدام ( وفي نصف أذار ) بالذال المعجمة ( و ) نصف ( أيلول على أربعة ونصف ) قدم ( وفي نصف سباط ) بضم السين المهملة قاله في حاشيته .
( و ) نصف ( تشرين الأول على ستة ) أقدام ( وفي نصف [ ص: 251 ] كانون الثاني ، وتشرين الثاني على تسعة ، وفي نصف كانون الأول على عشرة وسدس ) قدم وذلك مقارب لأقصر أيام السنة وأقصرها سابع عشر كانون الأول ( وتزول ) الشمس ( على أقل ) من ذلك ( و ) على ( أكثر ) منه ( في غير ذلك ) الوقت والإقليم فإذا أردت معرفة ذلك فقف على مستو من الأرض وعلم الموضع الذي انتهى إليه ظلك ، ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى وألصق عقبك بإبهامك فإذا بلغت مساحة هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو وقت زوال الشمس .
قاله في المبدع وغيره ( وطول الإنسان ستة أقدام وثلثان بقدمه تقريبا ) وقد تنقص في بعض الناس يسيرا ، أو تزيد يسيرا ( ويمتد وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد ) الظل ( الذي زالت عليه الشمس ، إن كان ) ثم ظل زالت عليه ، لما تقدم فتضبط ما زالت عليه الشمس من الظل ثم تنظر الزيادة عليه فإذا بلغت قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر ( ) أي : الظهر لما روى والأفضل تعجيلها قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير ، التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس وقال أبو برزة { جابر } متفق عليهما . كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة
وقالت { عائشة ولا من أبي بكر عمر } حديث حسن ( وتحصل فضيلة التعجيل بالتأهب لها ) أو لغيرها مما يسن تعجيلها ( إذا دخل الوقت ) بأن يشتغل بأسباب الصلاة من حين دخول الوقت ، لأنه لا يعد حينئذ متوانيا ولا مقصرا ( إلا في شدة حر فيسن التأخير ، ولو صلى وحده حتى ينكسر ) الحر لحديث ما رأيت أحدا أشد تعجيلا للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من مرفوعا { أبي هريرة } متفق عليه . إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم
وفي لفظ { } وفيح جهنم : هو غليانها وانتشار لهبها ووهجها ( و ) إلا ( في غيم لمن يصلي ) الظهر ( في جماعة ) فيؤخرها ( إلى قرب وقت الثانية ) أي : العصر لما روى أبردوا بالظهر ابن منصور عن قال كانوا يؤخرون الظهر ويعجلون العصر في اليوم المغيم لأنه وقت يخاف فيه العوارض من المطر ونحوه ، فيشق الخروج لكل صلاة منهما ، فاستحب تأخير الأولى من المجموعتين ليقرب من الثانية ، لكن يخرج لهما خروجا واحدا طلبا للأسهل المطلوب شرعا . إبراهيم
( في غير صلاة جمعة فيسن تعجيلها في كل حال بعد الزوال ) حرا كان أو غيما أو غيرهما لقول ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة وقال سهل بن سعد { سلمة بن الأكوع } متفق عليهما . كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرجع فنتتبع [ ص: 252 ] الفيء
أفضل من فعلها قبله ( وتأخيرها ) أي : الظهر ( لمن تجب عليه الجمعة إلى بعد صلاتها ) أي الجمعة أيام ( و ) تأخير الظهر ( لمن يرمي الجمرات ) منى ( حتى يرميها أفضل ) من فعلها قبله ( ويأتي ) ذلك في صفة الحج موضحا .