[ ص: 3 ] كتاب الظهار الظهار : مشتق من الظهر ، وإنما خصوا الظهر بذلك من بين سائر الأعضاء ; لأن كل مركوب يسمى ظهرا ، لحصول الركوب على ظهره في الأغلب ، فشبهوا الزوجة بذلك . وهو محرم ; لقول الله تعالى : { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } . ومعناه أن الزوجة ليست كالأم في التحريم . قال الله تعالى : { ما هن أمهاتهم } . وقال تعالى : { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } . الكتاب والسنة ; أما الكتاب فقوله تعالى : { والأصل في الظهار الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم } . والآية التي بعدها .
وأما السنة ، فروى أبو داود ، بإسناده عن { خويلة بنت مالك بن ثعلبة ، قالت : ظاهر مني أوس بن الصامت ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ، ويقول : اتقي الله ; فإنه ابن عمك . فما برحت حتى نزل القرآن : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } . فقال : يعتق رقبة . فقلت : لا يجد . قال : فيصوم شهرين متتابعين . فقلت : يا رسول الله ، إنه شيخ كبير ، ما به من صيام . قال : فليطعم ستين مسكينا . قلت : ما عنده من شيء يتصدق به . قال : فإني سأعينه بعرق من تمر . فقلت : يا رسول الله ، فإني أعينه بعرق آخر . قال : قد أحسنت ، اذهبي فأطعمي عنه ستين مسكينا ، وارجعي إلى ابن عمك . } قال العرق ، بفتح العين والراء : هو ما سف من خوص ، كالزنبيل الكبير . الأصمعي :
وروى أيضا ، بإسناده عن ، عن { سليمان بن يسار سلمة بن صخر البياضي ، قال : كنت أصيب من النساء ما لا يصيب غيري ، فلما دخل شهر رمضان ، خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتتابع حتى أصبح ، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان ، فبينا هي تخدمني ذات ليلة ، إذ تكشف لي منها شيء ، فلم ألبث أن نزوت عليها ، فلما أصبحت خرجت إلى قومي ، فأخبرتهم الخبر ، وقلت : امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : لا والله . فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر ، فقال : أنت بذاك يا سلمة ؟ . فقلت : أنا بذاك يا رسول الله ، وأنا صابر لحكم الله ، فاحكم في ما أراك الله . قال : حرر رقبة . قلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها . وضربت صفحة رقبتي . قال : فصم شهرين متتابعين . قلت : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ . قال : فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا . قلت : والذي بعثك بالحق ، لقد بتنا وحشين ، ما لنا طعام . قال : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق ، فليدفعها إليك . قال : فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر ، وكل أنت وعيالك بقيتها . فرجعت إلى قومي ، فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي ، وقد أمر لي بصدقتكم . }