(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم )
قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28976 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ) .
اعلم أنه تعالى لما عدد فيما مضى ما حرمه من بهيمة الأنعام وما أحله منها ختم الكلام فيها بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ذلكم فسق ) والغرض منه تحذير المكلفين عن مثل تلك الأعمال ، ثم حرضهم على التمسك بما شرع لهم بأكمل ما يكون فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم ) أي : فلا تخافوا المشركين في خلافكم إياهم في الشرائع والأديان ، فإني أنعمت عليكم بالدولة القاهرة والقوة العظيمة وصاروا مقهورين لكم ذليلين عندكم ، وحصل لهم اليأس من أن يصيروا قاهرين لكم مستولين عليكم ، فإذا صار الأمر كذلك فيجب عليكم أن لا تلتفتوا إليهم وأن تقبلوا على طاعة الله تعالى والعمل بشرائعه ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) فيه قولان :
الأول : أنه ليس المراد هو ذلك اليوم بعينه حتى يقال إنهم ما يئسوا قبله بيوم أو يومين ، وإنما هو كلام خارج على عادة أهل اللسان معناه لا حاجة بكم الآن إلى مداهنة هؤلاء الكفار لأنكم الآن صرتم بحيث لا يطمع أحد من أعدائكم في توهين أمركم ، ونظيره قوله : كنت بالأمس شابا واليوم قد صرت شيخا ، ولا يريد بالأمس اليوم الذي قبل يومك ، ولا باليوم يومك الذي أنت فيه .
والقول الثاني : أن المراد به يوم نزول هذه الآية ، وقد نزلت يوم الجمعة وكان يوم
عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف
بعرفات على ناقته العضباء .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3يئس الذين كفروا من دينكم ) فيه قولان :
الأول : يئسوا من أن تحللوا هذه الخبائث بعد أن جعلها الله محرمة .
والثاني : يئسوا من أن يغلبوكم على دينكم ، وذلك لأنه تعالى كان قد وعد بإعلاء هذا الدين على كل الأديان ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33ليظهره على الدين كله ) [التوبة : 33] فحقق تلك النصرة وأزال الخوف بالكلية وجعل الكفار مغلوبين بعد أن كانوا غالبين ، ومقهورين بعد أن كانوا قاهرين ، وهذا القول أولى .
[ ص: 109 ] المسألة الثالثة : قال قوم : الآية دالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=27271التقية جائزة عند الخوف ، قالوا : لأنه تعالى أمرهم بإظهار هذه الشرائع وإظهار العمل بها وعلل ذلك بزوال الخوف من جهة الكفار ، وهذا يدل على أن قيام الخوف يجوز تركها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28976 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَدَّدَ فِيمَا مَضَى مَا حَرَّمَهُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَمَا أَحَلَّهُ مِنْهَا خَتَمَ الْكَلَامَ فِيهَا بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَحْذِيرُ الْمُكَلَّفِينَ عَنْ مِثْلِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ ، ثُمَّ حَرَّضَهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِمَا شَرَعَ لَهُمْ بِأَكْمَلِ مَا يَكُونُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ ) أَيْ : فَلَا تَخَافُوا الْمُشْرِكِينَ فِي خِلَافِكُمْ إِيَّاهُمْ فِي الشَّرَائِعِ وَالْأَدْيَانِ ، فَإِنِّي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ بِالدَّوْلَةِ الْقَاهِرَةِ وَالْقُوَّةِ الْعَظِيمَةِ وَصَارُوا مَقْهُورِينَ لَكُمْ ذَلِيلِينَ عِنْدَكُمْ ، وَحَصَلَ لَهُمُ الْيَأْسُ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا قَاهِرِينَ لَكُمْ مُسْتَوْلِينَ عَلَيْكُمْ ، فَإِذَا صَارَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ وَأَنْ تُقْبِلُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَمَلِ بِشَرَائِعِهِ ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ) فِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُوَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُقَالَ إِنَّهُمْ مَا يَئِسُوا قَبْلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ خَارِجٌ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ اللِّسَانِ مَعْنَاهُ لَا حَاجَةَ بِكُمُ الْآنَ إِلَى مُدَاهَنَةِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ لِأَنَّكُمُ الْآنَ صِرْتُمْ بِحَيْثُ لَا يَطْمَعُ أَحَدٌ مِنْ أَعْدَائِكُمْ فِي تَوْهِينِ أَمْرِكُمْ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : كُنْتَ بِالْأَمْسِ شَابًّا وَالْيَوْمَ قَدْ صِرْتَ شَيْخًا ، وَلَا يُرِيدُ بِالْأَمْسِ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِكَ ، وَلَا بِالْيَوْمِ يَوْمَكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ يَوْمُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَقَدْ نَزَلَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةَ وَكَانَ يَوْمَ
عَرَفَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ
بِعَرَفَاتٍ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ) فِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : يَئِسُوا مِنْ أَنْ تُحَلِّلُوا هَذِهِ الْخَبَائِثَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهَا اللَّهُ مُحَرَّمَةً .
وَالثَّانِي : يَئِسُوا مِنْ أَنْ يَغْلِبُوكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَانَ قَدْ وَعَدَ بِإِعْلَاءِ هَذَا الدِّينِ عَلَى كُلِّ الْأَدْيَانِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) [التَّوْبَةِ : 33] فَحَقَّقَ تِلْكَ النُّصْرَةَ وَأَزَالَ الْخَوْفَ بِالْكُلِّيَّةِ وَجَعَلَ الْكُفَّارَ مَغْلُوبِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا غَالِبِينَ ، وَمَقْهُورِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا قَاهِرِينَ ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى .
[ ص: 109 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ قَوْمٌ : الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27271التَّقِيَّةَ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْخَوْفِ ، قَالُوا : لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُمْ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الشَّرَائِعِ وَإِظْهَارِ الْعَمَلِ بِهَا وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِزَوَالِ الْخَوْفِ مِنْ جِهَةِ الْكُفَّارِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَامَ الْخَوْفِ يُجَوِّزُ تَرْكَهَا .