وأخذ فقهاء الحديث - كالشافعي وأحمد وغيرهما مع فقهاء الكوفة - ما عليه جمهور الصحابة والسلف بتلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه قد ثبت عنه أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
وذهبت طائفة من السلف من الصحابة والتابعين وأهل المدينة - كمالك - إلى أن بعرفة ؛ لأنها إجابة ، فتنقطع بالوصول إلى المقصد . وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هي التي يجب اتباعها . التلبية تنقطع بالوصول إلى الموقف
وأما المعنى : فإن الواصل إلى عرفة - وإن كان قد وصل إلى هذا الموقف - فإنه قد دعي بعده إلى موقف آخر ، وهو مزدلفة . فإذا قضى الوقوف بمزدلفة ، فقد دعي إلى الجمرة . فإذا شرع في الرمي فقد انقضى دعاؤه ، ولم يبق مكان يدعى إليه محرما ؛ لأن الحلق والذبح يفعله حيث أحب من الحرم ، وطواف الإفاضة يكون بعد التحلل الأول .
ولهذا قالوا أيضا بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنه يلبي بالعمرة إلى أن يستلم الحجر ، وإن كان ومن اتبعه من ابن عمر أهل المدينة [ ص: 152 ] كمالك قالوا : يلبي إلى أن يصل إلى الحرم ، فإنه وإن وصل إليه فإنه مدعو إلى البيت .
نعم يستفاد من هذا المعنى : أنه إنما يلبي حال سيره ، لا حال الوقوف بعرفة ومزدلفة وحال المبيت بها . وهذا مما اختلف فيه أهل الحديث .
فأما عرفة إلى مزدلفة ، ومن مزدلفة إلى منى : فاتفق من جمع الأحاديث الصحيحة عليه . التلبية حال السير من