ذكر بيسان غزو
لما فرغ صلاح الدين من أمر حلب جعل فيها ولده ، وهو صبي ، وجعل معه الأمير الملك الظاهر غازي سيف الدين يازكج ، وكان أكبر الأمراء الأسدية ، وسار إلى دمشق ، وتجهز للغزو ، ومعه عساكر الشام والجزيرة ، وديار بكر ، وسار إلى بلد الفرنج ، فعبر نهر الأردن تاسع جمادى الآخرة من السنة ، فرأى أهل تلك النواحي قد فارقوها خوفا ، فقصد بيسان فأحرقها وخربها ، وأغار على ما هناك ، فاجتمع الفرنج ، وجاءوا إلى قبالته ، فحين رأوا كثرة عساكره لم يقدموا عليه ، فأقام عليهم ، وقد استندوا إلى جبل هناك ، وخندقوا عليهم ، فأحاط بهم ، وعساكر الإسلام ترميهم بالسهام ، وتناوشهم القتال ، فلم يخرجوا وأقاموا كذلك خمسة أيام ، وعاد المسلمون عنهم سابع عشر الشهر ، لعل الفرنج يطمعون ويخرجون ، فيستدرجونهم ليبلغوا منهم غرضا ، فلما رأى الفرنج ذلك لم يطمعوا أنفسهم في غير السلامة .
وأغار المسلمون على تلك الأعمال يمينا وشمالا ، ووصلوا فيها إلى ما لم يكونوا يطمعون في الوصول إليه والإقدام عليه ، فلما كثرت الغنائم معهم رأوا العود إلى بلادهم بما غنموا مع الظفر أولى ، فعادوا إلى بلادهم على عزم الغزو .