ولو فإن كان قبل التكبيرات الزوائد يتابع الإمام على مذهبه ، ويترك رأيه ; لما قلنا ، وإن أدركه بعد ما كبر الإمام الزوائد وشرع في القراءة فإنه يكبر تكبيرة الافتتاح ويأتي بالزوائد برأي نفسه لا برأي الإمام ; لأنه مسبوق وإن أدرك الإمام في الركوع فإن لم يخف فوت الركوع مع الإمام يكبر للافتتاح قائما ويأتي بالزوائد ، ثم يتابع الإمام في الركوع ، وإن كان الاشتغال بقضاء ما سبق به المصلي قبل الفراغ بما أدركه منسوخا ; لأن النسخ إنما يثبت فيما يتمكن من قضائه بعد فراغ الإمام ، فأما ما لا يتمكن من قضائه بعد فراغ الإمام فلم يثبت فيه النسخ ; ولأنه لو تابع الإمام لا يخلو إما أن يأتي بهذه التكبيرات ، أو لا يأتي بها ، فإن كان لا يأتي بها فهذا تفويت الواجب ، وإن كان يأتي بها فقد أدى الواجب فيما هو محل له من وجه دون وجه فكان فيه تفويته عن محله من وجه ، ولا شك أن أداء الواجب فيما هو محل له من وجه أولى من تفويته رأسا ، وإن خاف إن كبر يرفع الإمام رأسه من الركوع كبر للافتتاح وكبر للركوع وركع ; لأنه لو لم يركع يفوته الركوع فتفوته الركعة بفوته ، وتبين أن التكبيرات أيضا فاتته فيصير بتحصيل التكبيرات مفوتا لها ولغيرها من أركان الركعة وهذا لا يجوز ، ثم إذا ركع يكبر تكبيرات العيد في الركوع عند شرع الإمام في صلاة العيد فجاء رجل واقتدى به أبي حنيفة ، وقال ومحمد : لا يكبر ; لأنه فات عن محلها وهو القيام فيسقط كالقنوت ، ولهما أن للركوع حكم القيام ألا ترى أن مدركه يكون مدركا للركعة فكان محلها قائما فيأتي بها ولا يرفع يديه ، بخلاف القنوت ; لأنه بمعنى القراءة فكان محله القيام المحض ، وقد فات ثم إن أمكنه الجمع بين التكبيرات والتسبيحات جمع بينهما ، وإن لم يمكنه الجمع بينهما بالتكبيرات دون التسبيحات ; لأن التكبيرات واجبة والتسبيحات سنة ، والاشتغال بالواجب أولى ، فإن رفع الإمام رأسه من الركوع قبل أن يتمها رفع رأسه ; لأن متابعة الإمام واجبة وسقط عنه ما بقي من التكبيرات ; لأنه فات محلها . أبو يوسف
ولو ركع الإمام بعد فراغه من القراءة في الركعة الأولى فتذكر أنه لم يكبر فإنه يعود ويكبر ، وقد انتقض ركوعه ولا يعيد القراءة فرق بين الإمام والمقتدي حيث أمر الإمام بالعود إلى القيام ولم يأمره بأداء التكبيرات في حالة الركوع ، وفي المسألة المتقدمة أمر المقتدي بالتكبيرات في حالة الركوع ، والفرق أن محل التكبيرات في الأصل القيام المحض ، وإنما ألحقنا حالة الركوع بالقيام في حق المقتدي ضرورة وجوب المتابعة ، وهذه الضرورة لم تتحقق في حق الإمام فبقي محلها القيام المحض فأمر بالعود إليه ، ثم من ضرورة العود إلى القيام ارتفاض الركوع كما لو تذكر الفاتحة في الركوع أنه يعود ويقرأ ويرتفض ركوعه كذا ههنا ولا يعيد القراءة ; لأنها تمت بالفراغ عنها ، والركن بعد تمامه والانتقال عنه غير قابل للنقض والإبطال فبقيت على ما تمت ، هذا إذا تذكر بعد الفراغ من القراءة ، فأما إن تذكر قبل الفراغ عنها بأن قرأ الفاتحة دون السورة ترك القراءة ويأتي بالتكبيرات ; لأنه اشتغل بالقراءة قبل أوانها فيتركها ويأتي بما هو الأهم ليكون المحل محلا له ثم يعيد القراءة [ ص: 279 ] لأن الركن متى ترك قبل تمامه ينتقض من الأصل ; لأنه لا يتجزأ في نفسه ، وما لا يتجزأ في الحكم فوجوده معتبر بوجود الجزء الذي به تمامه في الحكم ، ونظيره من خر لها ويعيد الركوع ; لما مر والله أعلم هذا إذا أدرك الإمام في الركعة الأولى فإن أدركه في الركعة الثانية كبر للافتتاح ، وتابع إمامه في الركعة الثانية يتبع فيها رأي إمامه ; لما قلنا فإذا فرغ الإمام من صلاته يقوم إلى قضاء ما سبق به ، ثم إن كان رأيه يخالف رأي الإمام يتبع رأي نفسه ; لأنه منفرد فيما يقضي ، بخلاف اللاحق ; لأنه في الحكم كأنه خلف الإمام ، وإن كان رأيه موافقا لرأي إمامه بأن كان إمامه يرى رأي تذكر سجدة في الركوع وهو كذلك بدأ بالقراءة ، ثم بالتكبيرات كذا ذكر في الأصل والجامع والزيادات وفي نوادر ابن مسعود أبي سليمان في أحد الموضعين ، وقال في الموضع الآخر يبدأ بالتكبير ثم بالقراءة ومن مشايخنا من قال ما ذكر في الأصل قول ; لأن عنده ما يقضي المسبوق آخر صلاته ، وعندنا في الركعة الثانية يقرأ ثم يكبر وما ذكر في النوادر قول محمد أبي حنيفة ; لأن عندهما ما يقضيه المسبوق أول صلاته ، وعندنا في الركعة الأولى يكبر ، ثم يقرأ ومنهم من قال : لا خلاف في المسألة بين أصحابنا ، بل فيها اختلاف الروايتين وجه رواية والنوادر ما ذكرنا أن ما يقضيه المسبوق أول صلاته ; لأنه يقضي ما فاته فيقضيه كما فاته ، وقد فاته على وجه يقدم التكبير فيه على القراءة فيقضيه كذلك ، ووجه رواية الأصل : أن المقضي وإن كان أول صلاته حقيقة ولكنه الركعة الثانية صورة وفيما أدرك مع الإمام قرأ ، ثم كبر ; لأنها ثانية الإمام فلو قدم ههنا ما يقضي أدى ذلك إلى الموالاة بين التكبيرتين ، ولم يقل به أحد من الصحابة فلا يفعل كذلك احترازا عن مخالفة الإجماع بصورة هذا الفعل . وأبي يوسف
ولو بدأ بالقراءة لكان فيه تقديم القراءة في الركعتين ، لكن هذا مذهب رضي الله عنه ولا شك أن العمل بما قاله أحد من الصحابة أولى من العمل بما لم يقل به أحد إذ هو باطل بيقين . علي