( فصل ) :
( وأما صلاة العيدين ) فالكلام فيها يقع في مواضع : في بيان أنها واجبة أم سنة ، وفي بيان شرائط وجوبها وجوازها ، وفي بيان وقت أدائها ، وفي بيان قدرها وكيفية أدائها ، وفي بيان ما يفسدها ، وفي بيان حكمها إذا فسدت أو فاتت عن وقتها ، وفي بيان ما يستحب في يوم العيد .
أما الأول فقد نص على الوجوب فقال [ ص: 275 ] وتجب الكرخي كما تجب الجمعة وهكذا روى صلاة العيدين على أهل الأمصار الحسن عن أنه تجب صلاة العيد على من تجب عليه صلاة الجمعة ، وذكر في الأصل ما يدل على الوجوب فإنه قال : لا يصلى التطوع بالجماعة ما خلا قيام رمضان وكسوف الشمس ، وصلاة العيد تؤدى بجماعة فلو كانت سنة ولم تكن واجبة لاستثناها كما استثنى التراويح وصلاة الكسوف وسماه سنة في الجامع الصغير فإنه قال في العيدين اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة وهذا اختلاف من حيث العبارة فتأويل ما ذكره في الجامع الصغير أنها واجبة بالسنة أم هي سنة مؤكدة وأنها في معنى الواجب على أن إطلاق اسم السنة لا ينفي الوجوب بعد قيام الدليل على وجوبها ، وذكر أبي حنيفة أبو موسى الضرير في مختصره أنها فرض كفاية والصحيح أنها واجبة ، وهذا قول أصحابنا ، وقال : إنها سنة وليست بواجبة . الشافعي
وجه قوله أنها بدل صلاة الضحى وتلك سنة فكذا هذه ; لأن البدل لا يخالف الأصل ، ولنا قوله تعالى { فصل لربك وانحر } قيل في التفسير صل صلاة العيد وانحر الجزور ، ومطلق الأمر للوجوب ، وقوله تعالى { ولتكبروا الله على ما هداكم } قيل المراد منه صلاة العيد ; ولأنها من شعائر الإسلام فلو كانت سنة فربما اجتمع الناس على تركها فيفوت ما هو من شعائر الإسلام فكانت واجبة صيانة لما هو من شعائر الإسلام عن الفوت .