وأما المشاركة في حق المقتدي فنقول لا خلاف في أنه لا تشترط المشاركة في جميع الصلاة ، ثم اختلفوا بعد ذلك فقال أبو حنيفة : المشاركة في التحريمة كافية ، وعن وأبو يوسف روايتان في رواية لا بد من المشاركة في ركعة واحدة وفي رواية المشاركة في ركن منها كافية وهو قول محمد حتى أن زفر إن أدركه في الركعة الأولى أو الثانية أو كان في ركوعها يصير مدركا للجمعة بلا خلاف . المسبوق إذا أدرك الإمام في الجمعة
وأما إذا أدركه في سجود الركعة الثانية أو في التشهد كان مدركا للجمعة عند أبي حنيفة لوجود المشاركة في التحريمة ، وعند وأبي يوسف لا يصير مدركا في رواية لعدم المشاركة في ركعة ، وفي رواية يصير مدركا لوجود المشاركة في بعض أركان الصلاة ، وهو قول محمد . زفر
وأما إذا أدركه بعدما قعد قدر التشهد قبل السلام أو بعد ما سلم وعليه سجدة السهو وعاد إليهما فعند أبي حنيفة يكون مدركا للجمعة لوقوع المشاركة في التحريمة ، وعند وأبي يوسف لا يكون مدركا لعدم المشاركة في شيء من أركان الصلاة ويصلي أربعا ولا تكون الأربع عند زفر ظهرا محضا ، حتى قال : يقرأ في الأربع كلها ، وعنه في افتراض القعدة الأولى روايتان في رواية محمد عنه فرض ، وفي رواية الطحاوي المعلى عنه ليست بفرض فكأن رحمه الله سلك طريقة الاحتياط لتعارض الأدلة عليه فأوجب ما يخرجه عن الفرض بيقين ، جمعة كان الفرض أو ظهرا ، وقيل على قول محمدا الأربع ظهر محض حتى لو ترك القعدة الأولى لا يوجب فساد الصلاة ، واحتجوا في المسألة بما روي عن الشافعي الزهري بإسناده عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبي هريرة } وفي بعض الروايات صلى الظهر أربعا ، وهذا نص في الباب ; ولأن إقامة الجمعة مقام الظهر عرف بنص الشرع بشرائط الجمعة ، منها الجمعة والسلطان ولم توجد في حق المقتدي فكان ينبغي أن يقضي كل مسبوق أربع ركعات إلا أن مدرك الركعة يقضي ركعة بالنص ولا نص في المتنازع فيه ، ثم مع هذه الأدلة يسلك من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدركها وليضف إليها أخرى وإن أدركهم جلوسا صلى أربعا رحمه الله تعالى مسلك الاحتياط لتعارض الأدلة . محمد
واحتج أبو حنيفة بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { وأبو يوسف } أمر المسبوق بقضاء ما فاته وإنما فاتته صلاة الإمام وهي ركعتان والحديث في حد الشهرة وروى ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبو الدرداء من أدرك الإمام في التشهد يوم الجمعة فقد [ ص: 268 ] أدرك الجمعة } ولأن سبب اللزوم هو التحريمة وقد شارك الإمام في التحريمة وبنى تحريمته على تحريمة الإمام فيلزمه ما لزم الإمام كما في سائر الصلوات ، وتعلقهم بحديث الزهري غير صحيح فإن الثقات من أصحاب الزهري كمعمر والأوزاعي رووا أنه قال : من أدرك ركعة من صلاة فقد أدركها ، فأما ذكر الجمعة فهذه الزيادة أو من أدركهم جلوسا صلى أربعا رواه ضعفاء أصحابه هكذا قال ومالك الحاكم الشهيد ولئن ثبتت الزيادة فتأويلها وإن أدركهم جلوسا قد سلموا عملا بالدليلين بقدر الإمكان وما ذكروا من المعنى يبطل بما إذا أدرك ركعة ، وقولهم هناك يقضي ركعة بالنص قلنا وههنا أيضا يقضي ركعتين بالنص الذي روينا ، وما ذكروا من الاحتياط غير سديد ; لأن الأربع إن كانت ظهرا فلا يمكن بناؤها على تحريمة عقدها للجمعة .
ألا يرى أنه لو أدركه في التشهد ونوى الظهر لم يصح اقتداؤه به وإن كانت جمعة فالجمعة كيف تكون أربع ركعات على أنه لا احتياط إلا عند ظهور فساد أدلة الخصوم وصحة دليلنا والله تعالى أعلم .