والمال قد يكون عينا ، وقد يكون منفعة ، ويتعلق بالملك في كل واحد منهما أحكام أما فحكم مطلق ملكه ، وحكم سائر الأعيان المملوكة بالأسباب الموضوعة لها سواء كالبيع ، والهبة ، والصدقة ، ونحوها ، فيملك الموصى له التصرف فيها بالانتفاع بعينها ، والتمليك من غيره بيعا ، وهبة ، ووصية ; لأنه ملك بسبب مطلق ، فيظهر في الأحكام كلها ، ويظهر في الزوائد المتصلة أو المنفصلة الحادثة بعد موت الموصي سواء حدثت بعد قبول الموصى له أو قبل قبوله بأن حدثت ثم قبل الوصية ، أما بعد القبول فظاهر ; لأنها حدثت بعد ملك الأصل ، وملك الأصل موجب ملك الزيادة . ملك العين
( وأما ) قبل القبول فلأن الملك بعد القبول ثبت من وقت الموت ; لأن الكلام السابق صار سببا لثبوت الملك في الأصل وقت الموت لكونه مضافا إلى وقت الموت ، فصار سببا عند الموت ، فإذا قبل ثبت الملك فيه من ذلك الوقت لوجود السبب في ذلك الوقت كالجارية المبيعة بشرط الخيار للمشتري إذا ولدت في مدة الخيار ثم أجاز المشتري البيع إنه يملك الولد ; لما قلنا ، كذا هذا .
وكانت الزوائد موصى بها حتى يعتبر خروجها من الثلث ; لأن الملك فيها بواسطة ملك الأصل مضاف إلى كلام سابق كأنها كانت موجودة في ذلك الوقت ، وهل يكون موصى بها بعد القبول قبل القسمة ؟ لم يذكر في الأصل ، واختلف المشايخ فيه قال بعضهم : لا يكون حتى لا يعتبر فيها الثلث .
ويكون في جميع المال كما لو حدثت بعد القسمة ; لأنها حدثت بعد ملك الأصل .
وقال عامتهم : يكون ; لأن ملك الأصل ، وإن ثبت لكنه لم يتأكد بدليل أنه لو هلك ثلث التركة قبل القسمة وصارت الجارية بحيث لا تخرج من ثلث المال كانت له الجارية بقدر ثلث الباقي ، ويستوي فيما ذكرنا من الزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل أو في معنى المتولدة كالولد ، والأرش ، والعقر وما لم يكن متولدا من الأصل رأسا كالكسب .
والغلة فرقا بين الوصية ، وبين البيع حيث ألحق الكسب ، والغلة بالمتولد في الوصية ، ولم يلحقهما في البيع ، والفرق : أن الكسب ، والغلة بدل المنفعة ، والمنفعة تملك بالوصية مقصودا كذا بدلها ، بخلاف البيع ثم إذا صارت الزوائد موصى بها حتى يعتبر خروجها من الثلث ، فإن كانت الجارية مع الزيادة يخرجان من الثلث يعطيان للموصى له ، وإن كان لا يخرجان جميعا من الثلث فعند - رحمه الله - يعطى للموصى له الجارية أولا من الثلث ، فإن فضل من الثلث شيء يعطى من الزيادة بقدر ما فضل ، وعند أبي حنيفة ، ومحمد - رحمهما الله - يعطى الثلث منهما جميعا بقدر الحصص . أبي يوسف
( وجه ) قولهما : أن الزيادة إن صارت موصى بها صارت كالموجودة عند العقد ، فيعطى الثلث منهما جميعا .
أكثر ما في الباب : أن فيه تغيير حكم العقد في الأصل بسبب الزيادة لكن هذا جائز ، كما في الزيادة المتصلة ، - رحمه الله تعالى - : أن القول بانقسام الثلث على الأصل ، والزيادة إضرار بالموصى له من غير ضرورة ، وهذا لا يجوز ، بيان ذلك : أن حكم الوصية في الأصل قبل حدوث الزيادة كان سلامة كل الجارية للموصى له ، وبعد الانقسام لا تسلم الجارية له بل تصير مشتركة ، والشركة في الأعيان عيب خصوصا في الجواري ، فيتضرر به الموصى له ولا ضرورة إلى إلحاق هذا الضرر لإمكان تنفيذ الوصية في الأصل بدون الزيادة بخلاف الزيادة المتصلة ، فإن هناك ضرورة لتعذر تنفيذ الوصية في الأصل بدون الزيادة لعدم إمكان التمييز ، فمست الضرورة إلى التنفيذ فيهما من الثلث . ولأبي حنيفة