( وأما ) ، فمنها أن يكون موجودا ، فإن لم يكن موجودا لا تصح الوصية ; لأن الوصية للمعدوم لا تصح ، وعلى هذا يخرج ما إذا قال : أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة إنها ، إن ولدت لما يعلم أنه كان موجودا في البطن ; صحت الوصية وإلا فلا [ ص: 336 ] وإنما يعلم ذلك إذا ولدت لأقل من ستة أشهر ، ثم يعتبر ذلك من وقت موت الموصي في ظاهر الرواية ، وعند الذي يرجع إلى الموصى له - رحمه الله - من وقت وجود الوصية وجه ما ذكره الطحاوي - رحمه الله - أن سبب الاستحقاق هو الوصية ، فيعتبر وجوده ( وجه ) ظاهر الرواية أن وقت نفوذ الوصية واعتبارها في حق الحكم وقت الموت ، فيعتبر وجوده من ذلك الوقت ; لأنها إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الموت ، أو من وقت الوصية على اختلاف الروايتين تيقنا أنه كان موجودا إذ المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر . الطحاوي
وإذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا لا يعلم وجوده في البطن لاحتمال أنها علقت بعده .
فلا يعلم وجوده بالشك إلا إذا كانت المرأة معتدة من زوجها من طلاق ، أو وفاة ، فولدت إلى سنتين منذ طلقها ، أو مات عنها زوجها ، فله الوصية ; لأن نسب الولد يثبت من زوجها إلى سنتين ، ومن ضرورة ثبات النسب الحكم بوجوده في البطن وقت موت الموصي فرق بين الوصية لما في البطن وبين الهبة لما في البطن أن الهبة لا تصح ، والوصية صحيحة ; لأن الهبة لا صحة لها بدون القبض ، ولم يوجد ، والوصية لا تقف صحتها على القبض .
، فولدت جارية لستة أشهر إلا يوما وولدت غلاما بعد ذلك بيومين ; فلهما جميع الوصية ; لأنهما أوصي لهما جميعا لكن لأحدهما بألف وللآخر بألفين ، وقد علم كونهما في البطن أما الجارية ، فلا شك فيها ; لأنها ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الموصي فعلم أنها كانت موجودة في البطن في ذلك الوقت . ولو قال : إن كان في بطن فلانة جارية ; فلها وصية ألف وإن كان في بطنها غلام ; فله وصية ألفان
وكذا الغلام ; لأنه لما ولد لأكثر من ستة أشهر بيوم ، أو يومين علم أنه كان في البطن مع الجارية ; لأنه توأم ، فكان من ضرورة كون أحدهما في البطن كون الآخر كذلك ; لأنهما علقا من ماء واحد ، فإن ولدت غلامين وجاريتين لأقل من ستة أشهر ، فذلك إلى الورثة يعطون أي الغلامين شاءوا وأي الجاريتين شاءوا إلا أنه ما أوصى لهما جميعا ، وإنما أوصى لأحدهما وليس أحدهما بأولى من الآخر ، فكان البيان إلى الورثة ; لأنهم قائمون مقام المورث ، وقيل إن هذا الجواب على مذهب - رحمه الله تعالى ، فأما على قول محمد رضي الله عنه فالوصية باطلة بناء على مسألة أخرى ، وهو ما إذا أوصى بثلث ماله لفلان وفلان أو أوصى بثلث ماله لأحد هذين الرجلين روي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن الوصية باطلة ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف - رحمهما الله - أنها صحيحة غير أن عند ومحمد الوصية لهما جميعا ، وعند أبي يوسف لأحدهما وخيار التعيين إلى الورثة يعطون أيهما شاءوا ، فقاسوا هذه المسألة على تلك ; لأن المعنى يجمعهما ، وهو جهالة الموصى له ، ومنهم من قال : ههنا يجوز في قولهم جميعا وفرق بين المسألتين من حيث إن الجهالة هناك مقارنة للعقد ، وههنا طارئة ; لأن الوصية هناك حال وجودها أضيفت إلى ما في البطن لا إلى أحد الغلامين وإحدى الجاريتين ، ثم طرأت بعد ذلك بالولادة . محمد
والبقاء أسهل من الابتداء كالعدة إذا قارنت النكاح منعته من الانعقاد ، فإذا طرأت عليه لا ترفعه كذا ههنا ، ولو قال : إن كان الذي في بطن فلانة غلاما ; فله ألفان ، وإن كان جارية ; فلها ألف ، فولدت غلاما وجارية ، فليس لواحد منهما شيء من الوصية ; لأنه جعل شرط استحقاق الوصية لكل واحد منهما أن يكون هو كل ما في البطن بقوله إن كان الذي في بطنها كذا فله كذا ، وكل واحد منهما ليس هو كل ما في البطن بل بعض ما فيه ، فلم يوجد شرط صحة استحقاق الوصية ، في كل واحد منهما ، فلا يستحق أحدهما شيئا ، بخلاف المسألة الأولى ; لأن قوله إن كان في بطن فلانة جارية ; فلها كذا ، وإن كان في بطنها غلام ; فله كذا ليس فيه شرط أن يكون كل واحد كل ما في البطن بل الشرط فيه أن يكون في بطنها غلام ، وأن يكون في بطنها جارية ، وقد كان في بطنها غلام وجارية ، فوجد شرط الاستحقاق ، وكذلك لو أوصى بما في بطن دابة فلان أن ينفق عليه ، أن الوصية جائزة إذا قبل صاحبها ، وتعتبر فيه المدة على ما ذكرنا هذا هو حكم الوصية لما في البطن ، فأما حكم الإقرار بمال لما في بطن فلانة ، فهذا في الأصل على وجهين ( أما ) إن بين السبب ( وأما ) إن لم يبين بل أطلق ، فإن بين السبب ( فإما ) إن بين سببا هو جائز الوجود .
( وإما ) إن بين سببا هو مستحيل الوجود عادة ، فإن بين سببا هو جائز الوجود عادة بأن قال : لما في بطن فلانة علي ألف درهم ; لأني استهلكت ماله ، أو غصبت أو سرقت ; جاز إقراره في قولهم جميعا ، وإن بين سببا ، هو مستحيل الوجود عادة بأن قال : لما في بطن فلانة [ ص: 337 ] علي ألف درهم لأني استقرضت منه لا يجوز في قولهم جميعا ; لأنه أسند إقراره إلى سبب هو محال عادة ، وإن لم يبين للإقرار سببا بل سكت عنه بأن قال : لما في بطن فلانة علي ألف درهم ، ولم يزد عليه ، فهذا الإقرار باطل في قولهما وعند صحيح . محمد
( وجه ) قوله أن تصرف العاقل يحمل على الصحة ما أمكن ; وأمكن تصحيحه بالحمل على سبب متصور الوجود ، فيحمل عليه تصحيحا له ; ولهما أن الإقرار المطلق بالدين يراد به الإقرار بسبب المداينة ; لأنه هو السبب الموضوع لثبوت الدين ، وإنه في الدين ههنا محال عادة ، والمستحيل عادة كالمستحيل حقيقة .