لأنه قاتل بغير حق والقتل بغير حق من أسباب حرمان الميراث ، ولا كفارة على الضارب لأنه عليه الصلاة والسلام لما قضى بالغرة على الضاربة لم يذكر الكفارة مع أن الحال حال الحاجة إلى البيان ، ولو كانت واجبة لبينها ولأن وجوبها متعلق بالقتل وأوصاف أخرى لم يعرف وجودها في الجنين من الإيمان والكفر حقيقة أو حكما قال الله تعالى { ولا يرث الضارب من الغرة شيئا ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } وقال تبارك وتعالى { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } أي كان المقتول ، ولم يعرف قتله لأنه لم تعرف حياته وكذا إيمانه وكفره حقيقة وحكما ( أما ) الحقيقة فلا شك في انتفائها ; لأن الإيمان والكفر لا يتحققان من الجنين .
وكذلك حكما لأن ذلك بواسطة الحياة ولم تعرف حياته ولأن الكفارة من باب المقادير ، والمقادير لا تعرف بالرأي والاجتهاد بل بالتوقيف ، وهو الكتاب العزيز والسنة والإجماع ، ولم يوجد في الجنين الذي ألقي ميتا شيء من ذلك فلا تجب فيه الكفارة ولأن وجوبها متعلق بالنفس المطلقة ، والجنين نفس من وجه دون وجه بدليل أنه لا يجب فيه كمال الدية مع ما أن الضرب لو وقع قتل نفس لكان قتلا تسبيبا لا مباشرة .
لا يوجب الكفارة كحفر البئر ، ونحو ذلك . والقتل تسبيبا
وذكر - رحمه الله - قال : ولا كفارة على الضارب وإن سقط كامل الخلق ميتا إلا أن يشاء ذلك فهو أفضل وليس ذلك عليه عندنا واجب وليتقرب إلى الله تبارك وتعالى بما يشاء إن استطاع ويستغفر الله سبحانه وتعالى مما صنع ، وهذا قول محمد رحمه الله وقولنا كذا ذكر أبي يوسف رحمه الله لأنه ارتكب محظورا فندب إلى أن يتقرب بالكفارة لمحوه هذا إذا ألقته ميتا ، فأما محمد ففيه الدية كاملة لا يرث الضارب منها شيئا ، وعليه الكفارة ( أما ) حرمان الميراث فلما قلنا وأما وجوب الدية والكفارة فلأنه لما خرج حيا فمات علم أنه كان حيا وقت الضرب فحصل الضرب قتل النفس ، وأنه في معنى الخطأ فتجب فيه الدية والكفارة هذا إذا ألقت جنينا واحدا . إذا ألقته حيا فمات